شعبوية اليوم سيئة لقطاع الأعمال

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتعرض نظام التعاون الدولي والذي نشأ من رماد الحرب العالمية الثانية للأخطار فالتعددية والمؤسسات التي دعمته - بما في ذلك منظمة التجارة الدولية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي - تتعرض للتشكيك بينما تتبناه المزيد من البلدان القومية الانعزالية ما يؤدي في بعض الحالات إلى انعدام الاستقرار السياسي وحتى الصراع.

إذن لماذا لا يفعل قادة قطاع الأعمال والمال المزيد من أجل مكافحة هذه الاتجاهات المثيرة للقلق؟

إن تاريخ ما بعد الحرب يشير إلى أن الاندماج الاقتصادي العالمي - بما في ذلك تجارة أكثر حرية واستثمارات أكبر عابرة للحدود - يساعد الأسواق والمجتمعات على الازدهار مع تحسن كبير في الصحة والتعليم ومتوسط العمر المتوقع في أجزاء عديدة من العالم.

صحيح أن العولمة قد أدت أيضاً إلى اختلالات اجتماعية كبيرة تؤجج الامتعاض الشعبي ولكن رفضها كما تفعل أعداد متزايدة من الناس الآن يهدد النظام الذي ساعد على خلق الثروة ومكافحة الفقر وتوسيع أعداد الطبقة المتوسطة على مستوى العالم.

يقال إن قطاع المال والأعمال كانا من أكثر المستفيدين من النظام العالمي السياسي والاقتصادي المنفتح والقائم على الأنظمة والأحكام، ولكن المديرين التنفيذيين والرؤساء في الشركات نادراً ما استخدموا نفوذهم من أجل الدفاع عن التعددية والتعاون الدولي.

إن هذا يعود جزئياً إلى أن معظم المؤسسات الخاصة ما تزال تركز على الضغط والحث الاعتيادي حيث يتم ذلك عادة من خلال الروابط التجارية وبما يتوافق مع الأنظمة والسياسات المحلية، وبالمثل فإن مجالس الإدارة للشركات عادة ما تتعامل مع قضايا الحوكمة وإدارة المخاطر الأساسية ونادراً ما تتعامل مع المخاوف الجيوسياسية الأشمل، وعندما تعمل ذلك عادة ما يكون المديرون غير متأكدين كيف تكون مساهمتهم ذات معنى.

لكن في مواجهة فوضى عالمية متزايدة، لم يعد بإمكان قادة قطاع المال والأعمال أن يبقوا صامتين وعوضاً عن ذلك يجب أن يقوموا بثلاثة أشياء من أجل دفاع قوي ومتجدد عن التعاون الدولي.

بادئ ذي بدء، يحتاج هؤلاء إلى إعادة اكتشاف القيم والمبادئ الجوهرية للمنظمات متعددة الأطراف الرئيسة وخاصة منظمة التجارة الدولية والأمم المتحدة وإعادة الالتزام بها.

إن تلك المنظمات تمثل الاعتقاد بأنه في الغالب ستحقق البلدان نتائج أفضل وطويلة المدى بالعمل معاً بدلاً من العمل بشكل منفرد. وفي هذا الخصوص، دافع أمين عام الأمم المتحدة انتونيو غوتيرس مؤخراً وبشكل مقنع عن «تعددية الشبكات» والتي تربط الهيئات مثل هيئته مع المنظمات والمبادرات الإقليمية المهمة.

ثانياً، يجب على مديري الشركات وبشكل رسمي تبني مبادرات القطاع الخاص المهمة ومتعددة الأطراف، فعلى سبيل المثال، إن الآلاف الشركات والمستثمرين الذين وقعوا على ميثاق الأمم المتحدة العالمي وقواعد الاستثمار المسؤول ما يزالون أقلية حيث يتوجب على الآخرين التوقيع كذلك.

إن من برامج القطاع الخاص المهمة الأخرى والتي تنبع من توجهات متعددة الأطراف مبادئ الاعتدال للقطاع الخاص (التي جاءت من البنك الدولي) وإرشادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للمؤسسات متعددة الأطراف.

إن هذه المبادرات وغيرها من المبادرات المماثلة تساعد بطريقتين.

إن العديد من تلك المبادرات ــ بما في ذلك الميثاق العالمي للأمم المتحدة - تتضمن تعاوناً بين العديد من أصحاب المصالح أي بعبارة أخرى، فإنها تضم القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني وغيرهم من اللاعبين، من أجل التعامل مع القضايا الدولية الحيوية، مثل حكم القانون والحوكمة العالمية والتغير المناخي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن صناع السياسة العالميين عادة ما يستجيبون لتلك المبادرات والتحالفات من خلال خلق إمكانية جديدة للتعاون.

إن الأمم المتحدة على سبيل المثال، أطلقت أخيراً، عملاً يعكس تعددية الأطراف بصبغة مالية: منتدى استثمار سنوي مصمم للترويج للتعاون وعمل الصفقات بين الحكومات والمستثمرين المؤسساتيين.

أخيراً، يتوجب على قادة المال والأعمال تعزيز الجهود في ما يتعلق بأجندة الاستدامة العالمية الجديدة، وهذا يعد أفضل ضمان ضد التهديدات والتحديات وانعدام الاستقرار حالياً كما يخلق فرصاً استثنائية للتأثير الإيجابي على مستوى العالم.

إن أهداف التنمية المستدامة الـ17 وما يرتبط بها من غايات، تعد بمثابة برنامج عمل للإنسانية وللاقتصاد العالمي.

إن تحقيق أهداف التنمية المستدامة سيجعل العولمة أكثر استدامة وشمولية وفي الوقت نفسه التعامل بشكل فعال مع تهديد التغير المناخي.

تحتاج مؤسسات القطاع الخاص تضمين أهداف التنمية المستدامة في استراتيجياتها التجارية والاستثمارية وليس فقط لأسباب تتعلق بعمل الخير.

لقد كانت هناك تقديرات سابقة صدرت عن مفوضية التجارة والتنمية المستدامة بإمكانية قيام الشركات والمستثمرين بخلق فرص سوقية تقدر بمبلغ 12 تريليون دولار أمريكي على أقل تقدير بحلول سنة 2030 وخلق حوالي 380 مليون فرصة عمل من خلال السعي لتحقيق بضعة أهداف رئيسة من أهداف التنمية المستدامة.

لقد حث الميثاق العالمي للأمم المتحدة وبيمكو بشكل مشترك خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في يناير، الشركات والمستثمرين والحكومات حول العالم على جعل أهداف التنمية المستدامة على رأس أولوياتهم واستكشاف طرق لتمويل إحراز تقدم تجاه تحقيق تلك الأهداف، بما في ذلك من خلال أدوات جديدة مثل «سندات أهداف التنمية المستدامة».

إن التعاون العالمي حيوي لأمننا المشترك ونجاحنا الاقتصادي، ولكن هذا التعاون يتعرض للخطر. إن قيام قادة المال والأعمال بدعم التعددية بشكل علني، يمكن أن يساعد على تشكيل مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة لمؤسساتهم وللعالم.

* الرئيسة التنفيذية للميثاق العالمي للأمم المتحدة.

* مسؤول الاستثمار التنفيذي للاستراتيجيات الأمريكية في بيمكو.

Email