«الديمقراطي الأمريكي».. التجديد وفرص النجاح

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا جدال في حقيقة كون الحزب الديمقراطي الأمريكي يحتاج تبني رؤى وخطط عمل برنامج انتخابي نوعي، يتلافى معه ما مر به من صعوبات وما صادف من معوقات أفشلت نجاحاته وما يرومه.

يقال حالياً، على سبيل نعت توجهاته وخططه، إنه قد تحول إلى اليسار. وليس من الواضح بعد ما إذا كان هذا ينطبق على الناخب الأمريكي المعتدل، أو العضو المعتدل في الكونجرس الذي تم انتخابه في نوفمبر الماضي.

لكن من الواضح أن العديد من الراغبين في نيل ترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات 2020 الرئاسية يرغبون في الخوض في تجربة «أفكار جديدة وجريئة». ويبدو أنهم يعيرون اهتماماً كبيراً لهذا الأمر. لكن العديد من هذه المقترحات السياسية غير عملية بتاتاً، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية.

لحسن الحظ، التزم عدد قليل فقط من المرشحين الديمقراطيين الحاليين أو المرتقبين بالسياسات المتطرفة. على الرغم من ذلك، يمكنهم بناء حملتهم على مقترحات عملية قوية لمعالجة عدم المساواة وغيرها من المشكلات الملحة، دون التضحية بالنمو الاقتصادي أو الاستدامة المالية.

غالباً ما تأتي مثل هذه الأفكار من المرشحين المعتدلين مثل نائب الرئيس السابق جو بايدن، وحاكم كولورادو السابق جون هيكنلوبر، والممثل الأمريكي السابق بيتو أورورك، أو عمدة مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبيرغ.

وهناك أيضاً ديمقراطيون بارزون آخرون، بمن فيهم الرئيس السابق باراك أوباما ورئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي. لقد حققوا تقدماً ملحوظاً من خلال اعتماد سياسات عملية في مجالات مثل التأمين الصحي، والتنظيم المالي، والضرائب التصاعدية، على الرغم من محاولات الجمهوريين منعهم من تحقيق ذلك.

ليس هناك ما يبرر عدم اتباع المرشحين الرئاسيين الجدد نفس النهج، مثل السيناتورة الديمقراطية آمي كلوبوشار، للتقليد الديمقراطي لأوباما وبيلوسي. وينطبق الأمر نفسه على أعضاء مجلس الشيوخ كوري بوكر، وكيرستن جيليبراند، وكمالا هاريس، وإليزابيث وارن، الذين أصبحوا من يسار الحزب.

لكن في الوقت الراهن، تحظى الأفكار الديمقراطية الجريئة والأقل عملية بترحيب كبير. تبرز خمس منها بشكل خاص، وهناك المزيد من البدائل العملية لكل منها.

تتمثل الفكرة الأولى في اقتراح معدل ضريبة دخل هامشي بنسبة 70% على الأثرياء. هناك طرق أكثر فعالية وقابلة للتنفيذ لتحسين توزيع الدخل في الولايات المتحدة. بداية، يمكن سد فجوة أرباح الاستثمار، وتوسيع رصيد ضريبة الدخل المكتسب، وجعل ضريبة الرواتب أكثر تدريجية.

وتتضمن المقترحات الأخرى استعادة ضريبة الميراث على جميع العقارات التي تزيد قيمتها على 10 ملايين دولار، ومنع «رفع» قيمة العقارات التي تسمح للأجيال بنقل أرباح رأس المال دون دفع ضرائب عليها. يمكن أيضاً إلغاء تخفيضات ضريبية أخرى من الجمهوريين للأغنياء.

وثاني المقترحات فحواه أنه يجب على الحكومة العمل من أجل الحصول على تعليم جامعي شامل. لكن هذا سيكون مكلفاً، ولا يعد أفضل طريقة لمساعدة أطفال العائلات الذين تم التخلي عنهم بسبب النمو الاقتصادي الأمريكي. قد تكون المدرسة التمهيدية الشاملة العالية الجودة أكثر الطرق فعالية لتحقيق المساواة في الفرص التعليمية.

من المنطقي توسيع منح الطلاب للتعليم العالي وزيادة الدعم للمؤسسات العمومية. وينبغي أن يغطي هذا برامج لمدة عامين والتدريب المهني فضلاً عن الشهادات الجامعية. لكن الأولوية الأكثر إلحاحاً في سياسة التعليم العالي هي التراجع عن عمليات الاحتيال التي ترتكبها بعض الكليات الربحية. إذ يعاني الطلاب الضعفاء بسبب ذلك من الديون المرتفعة المُمولة من دافعي الضرائب، ومعدلات التخرج المنخفضة، وآفاق التوظيف الضعيفة بعد التخرج - وكان القدماء منهم هدفاً سهلاً.

تتمثل الفكرة الثالثة في التغطية الشاملة للرعاية الصحية من خلال برنامج «الرعاية الصحية للجميع». إذا كان هذا يعني إضافة خيار عام لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على تأمين صحي خاص، فإنها ستكون مبادرة جديرة بالاهتمام.

وقد أعرب السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز عن رغبته في إلغاء التأمين الصحي الخاص - هو ليس ديمقراطياً، لكنه يتمنى الفوز بترشيح الحزب. يشعر جل الأمريكيين بالاستياء إزاء إجبار برنامج «الرعاية الصحية للجميع» الكثيرين على التخلي عن مساهمة المشغلين، وتحميل دافعي الضرائب أعباء مالية ضخمة.

ومن السياسات العملية الأكثر ديمقراطية للرعاية الصحية استعادة التوسع في معدلات التغطية التي حققها قانون الرعاية الميسرة لعام 2010 «أوباماكير». وهذا يعني عكس الأضرار التي ألحقها الجمهوريون بهذه التغطية.

رابعاً، ينبغي على العديد من المرشحين دعم «الاتفاق الأخضر الجديد» الذي تقوده الحكومة والذي من شأنه أن يغير بشكل جذري من استخدام الولايات المتحدة للطاقة. صحيح، عندما تجاوز معدل البطالة في الولايات المتحدة 8% بين عامي 2009 و2012، كان يمكن للبلاد توسيع الإنفاق الحكومي على المشاريع البيئية أكثر مما كان عليه الحال في عهد أوباما لتجاوز خط الكونجرس. ولكن، مع معدل البطالة الحالي والذي يبلغ حوالي 4%، فإن الوقت المناسب لتوسيع العجز في الميزانية لم يحن بعد.

إذا تم تفسير «الاتفاق الأخضر الجديد» على أنه مجرد صرخة لتعبئة الدعم لاتخاذ إجراء قوي بشأن تغير المناخ، فسيكون تطوراً مرحباً به. لكن عدم فعالية معظم عناصر «الاتفاق الأخضر الجديد» هو أمر مثير للقلق، مثل أهدافه المتمثلة في توسيع الطاقة المتجددة إلى 100%، ناهيك عن بعض الصعوبات الداخلية. تكمن الطريقة الفعالة لتحقيق أهداف تغير المناخ ليس في التوسع الهائل للحكومة، بل في استخدام آلية الأسعار، مما يعني إما ضريبة الكربون أو تراخيص الانبعاثات القابلة للتداول.

وأخيراً، اقترح مؤخراً زعيم الأقلية ساندرز والسيناتور تشاك شومر (الذي لم يشرح نفسه للرئاسة) منع الشركات من إعادة شراء أسهمها. صحيح أن الشركات أنفقت الكثير من مكاسبها الكبيرة، منذ التخفيض الضريبي لشهر ديسمبر 2017، على عمليات إعادة شراء الأسهم والأرباح بدلاً من الاستثمار أو العمال. لكن يكمن الحل المناسب في توسيع القاعدة الضريبية للشركات. إن حظر عمليات إعادة الشراء من شأنه تحويل أرباح الشركات الإضافية إلى أذون الخزينة أو أسهم شركات أخرى.

المقترحات المتطرفة في المراحل الأولى من حملة الانتخابات الرئاسية ليست غريبة. إن الفكرة الجديدة والأكثر إثارة ليست بالضرورة أفضل من الفكرة القديمة والعملية. على المتنافسين الديمقراطيين لعام 2020 أخذ ذلك بعين الاعتبار بينما يسعون وراء تحقيق أحلامهم الرئاسية.

* أستاذ تكوين رأس المال والنمو في جامعة هارفارد.

Email