التوفيق بين الأمن القومي الصيني والنمو الاقتصادي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

خلال مؤتمر عُقد في وقت سابق من هذا الشهر للاحتفال بذكرى مرور أربعين عاماً على شروع الصين في تطبيق سياسة «الإصلاح والانفتاح»، ركز الرئيس شي جين بينج على الشد والجذب بين استمرار تلك العملية وضرورة حماية الأمن القومي.

واعترف شي بأن «الصين لا تستطيع تطوير نفسها بمعزل عن العالم، كما أن العالم يحتاج الصين من أجل الرخاء العالمي». لكنه أيضاً شدد على أنه «ما من أحد ــ أياً كان وضعه ــ يقدر على أن يُملي على الشعب الصيني ما ينبغي وما لا ينبغي فعله».

لا شك أن هناك ضغطاً في الفترة الأخيرة على الصين للقيام بتغييرات.

ورغم عدم توضيح وزارة العدل الأميركية لسبب اعتقال منج، يبدو أن الأمر يرجع لشكوك أميركية في أن هواوي قد انتهكت العقوبات الأميركية ضد إيران، وإن كان يحتمل أنه يعكس البعد التقني للتنافس الاقتصادي والجيوسياسي المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين.

وهناك جملة عقبات وضغوطات على الصين في عالمنا، حالياً، لكن هناك سبباً جيداً يدعو للأمل في قدرة الصين على إدارة التحديات التي تعترض طريقها قدماً.

فرغم كل شيء، نجحت الدولة في تحمل صدمات داخلية وخارجية شديدة في كل عقد تقريباً من الأربعين عاماً الماضية، مثل الثورة الثقافية في السبعينيات، والتضخم الداخلي المرتفع في الثمانينيات، والأزمة المالية الآسيوية في التسعينيات، والأزمة المالية العالمية في عام 2008.

بل لقد تمكنت الصين في الحقيقة من تحويل هذه الأزمات إلى فرص، مما أثمر عن متوسط سنوي للناتج المحلي الإجمالي وصل إلى 9.5% (مقارنة بمتوسط عالمي لم يتجاوز 2.9%) منذ عام 1978، الأمر الذي رفع نصيب الصين من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 1.8% إلى 18.2%، وانتشل 740 مليون شخص من الفقر.

كما تحتل الصين حالياً المرتبة الثانية عالمياً بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، والاستهلاك، والاستثمار الأجنبي المباشر، والأولى فيما يتعلق بالتصنيع، وتجارة السلع، واحتياطي النقد الأجنبي.

وكما أكد شي في خطابه الأخير، فإن هذا النجاح يعكس المجهودات الجبارة للشعب الصيني، والممارسات المبتكرة للشركات الصينية، والقيادة (الواعية) للحزب الشيوعي الصيني.

تواجه الصين الآن عقبة: فقد تحتاج سلطاتها لإعادة التفكير في بعض العناصر المدرجة ببرنامجها للإصلاح الداخلي، من أجل تقليل تعرضها للعداء الخارجي. فمن منظور الأمن القومي (والمنافع العامة)، هناك أهداف تعد أكثر منطقية وأولوية، مثل الحفاظ على قوة قطاع الدولة، والتأكيد على تمويل الدين، وتقوية زعامة الحزب الشيوعي الصيني.

لكن يتحتم على الدولة أن تواصل العمل لتعزيز الأعمال والمشروعات الخاصة، وتوسيع مجال التمويل بالأسهم، وإحراز تقدم على مسار اللامركزية، وبالتالي تحفيز المنافسة والإبداع وإيجاد فرص عمل.

ويأمل شي في أن يتمكن من الموازنة بين هذه الضرورات بتقوية نموذج النمو الصيني وإثرائه بالخصائص الصينية، واستيعاب دروس من الفلسفة والتاريخ الصينيين، إضافة إلى دروس من أسلافه أمثال ماو تسي تونج، ودينج شياو بينج، وجيانج زيمين، وهو جينتاو، وهو ما يعني توطيد زعامة الحزب.. للإبقاء على نهج عملي، مرن، استراتيجي في إدارة المخاطر العامة ومعالجة المخاوف الداخلية والتهديدات الخارجية.

وعلى الصعيد الداخلي، ستهدف حكومة الصين إلى دعم تنمية تؤكد تعزيز الإنتاجية، وبالتالي تحقيق نمو مبتكر، منسق، أخضر، مفتوح وشامل. ولن تخلو استراتيجية كهذه من التجريب والتعديل المستمر، خاصة فيما يتعلق بتطوير المؤسسات الفعالة التي تستطيع تقديم منافع عامة بطريقة شفافة ومسؤولة. أما على الجبهة الدولية، فيخطط شي للتمسك بسياسة خارجية مسؤولة تهدف إلى تحقيق تنمية عالمية شاملة ومقاومة هيمنة أي قوة منفردة.

خلاصة القول، إن شي سيؤيد نهج الصين المجرب والمختبر الذي يتسم بالعملية الشديدة في تحقيق التحديث. ويدرك شي، ككثير من أسلافه، وبعكس كثيرين في الغرب، أنه لا يوجد حل بسيط يُقدَّم دفعة واحدة لمعالجة التحديات المقبلة. وعلى حد قوله في مؤتمر الذكرى الأربعين: «يجب أن نصلح بعزم ما ينبغي وما يمكن تغييره، كما يجب أن لا نصلح ما لا ينبغي وما لا يمكن تغييره».

خلال مؤتمر عُقد، في الفترة القريبة الماضية، للاحتفال بذكرى مرور أربعين عاماً على شروع الصين في تطبيق سياسة «الإصلاح والانفتاح»، ركز الرئيس شي جين بينج على الشد والجذب بين استمرار تلك العملية وضرورة حماية الأمن القومي.

واعترف شي بأن «الصين لا تستطيع تطوير نفسها بمعزل عن العالم، كما أن العالم يحتاج الصين من أجل الرخاء العالمي»، لكنه أيضاً شدد على أنه «ما من أحد- أياً كان وضعه- يقدر على أن يُملي على الشعب الصيني ما ينبغي وما لا ينبغي فعله».

لا شك في أن هناك ضغطاً في الفترة الأخيرة على الصين للقيام بتغييرات.

ورغم عدم توضيح وزارة العدل الأميركية لسبب اعتقال منج، يبدو أن الأمر يرجع لشكوك أميركية في أن هواوي قد انتهكت العقوبات الأميركية ضد إيران، وإن كان يحتمل أنه يعكس البعد التقني للتنافس الاقتصادي والجيوسياسي المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين.

وهناك جملة عقبات وضغوطات على الصين في عالمنا، حالياً، لكن هناك سبباً جيداً يدعو للأمل في قدرة الصين على إدارة التحديات التي تعترض طريقها قدماً، فرغم كل شيء، نجحت الدولة في تحمل صدمات داخلية وخارجية شديدة في كل عقد تقريباً من الأربعين عاماً الماضية، مثل الثورة الثقافية في السبعينيات، والتضخم الداخلي المرتفع في الثمانينيات، والأزمة المالية الآسيوية في التسعينيات، والأزمة المالية العالمية في عام 2008، بل لقد تمكنت الصين في الحقيقة من تحويل هذه الأزمات إلى فرص، ما أثمر عن متوسط سنوي للناتج المحلي الإجمالي وصل إلى 9.5% (مقارنة بمتوسط عالمي لم يتجاوز 2.9%) منذ عام 1978، الأمر الذي رفع نصيب الصين من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 1.8% إلى 18.2%، وانتشل 740 مليون شخص من الفقر.

كما تحتل الصين حالياً المرتبة الثانية عالمياً بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، والاستهلاك، والاستثمار الأجنبي المباشر، والأولى في ما يتعلق بالتصنيع، وتجارة السلع، واحتياطي النقد الأجنبي.

وكما أكد شي في خطابه الأخير، فإن هذا النجاح يعكس المجهودات الجبارة للشعب الصيني، والممارسات المبتكرة للشركات الصينية، والقيادة (الواعية) للحزب الشيوعي الصيني.

تواجه الصين الآن عقبة: فقد تحتاج سلطاتها لإعادة التفكير في بعض العناصر المدرجة ببرنامجها للإصلاح الداخلي، من أجل تقليل تعرضها للعداء الخارجي، فمن منظور الأمن القومي (والمنافع العامة)، هناك أهداف تعد أكثر منطقية وأولوية، مثل الحفاظ على قوة قطاع الدولة، والتأكيد على تمويل الدين، وتقوية زعامة الحزب الشيوعي الصيني، لكن يتحتم على الدولة أن تواصل العمل لتعزيز الأعمال والمشروعات الخاصة، وتوسيع مجال التمويل بالأسهم، وإحراز تقدم على مسار اللامركزية، وبالتالي تحفيز المنافسة والإبداع وإيجاد فرص عمل.

ويأمل شي في أن يتمكن من الموازنة بين هذه الضرورات بتقوية نموذج النمو الصيني وإثرائه بالخصائص الصينية، واستيعاب دروس من الفلسفة والتاريخ الصينيين، إضافة إلى دروس من أسلافه أمثال ماو تسي تونج، ودينج شياو بينج، وجيانج زيمين، وهو جينتاو، وهو ما يعني توطيد زعامة الحزب، للإبقاء على نهج عملي، مرن، استراتيجي في إدارة المخاطر العامة ومعالجة المخاوف الداخلية والتهديدات الخارجية.

وعلى الصعيد الداخلي، ستهدف حكومة الصين إلى دعم تنمية تؤكد تعزيز الإنتاجية، وبالتالي تحقيق نمو مبتكر، منسق، أخضر، مفتوح وشامل. ولن تخلو استراتيجية كهذه من التجريب والتعديل المستمر، خاصة في ما يتعلق بتطوير المؤسسات الفعالة، التي تستطيع تقديم منافع عامة بطريقة شفافة ومسؤولة.

أما على الجبهة الدولية، فيخطط شي للتمسك بسياسة خارجية مسؤولة تهدف إلى تحقيق تنمية عالمية شاملة ومقاومة هيمنة أي قوة منفردة.

خلاصة القول، إن شي سيؤيد نهج الصين المجرب والمختبر الذي يتسم بالعملية الشديدة في تحقيق التحديث. ويدرك شي، ككثير من أسلافه، وبعكس كثيرين في الغرب، أنه لا يوجد حل بسيط يُقدَّم دفعة واحدة لمعالجة التحديات المقبلة. وعلى حد قوله في مؤتمر الذكرى الأربعين: «يجب أن نصلح بعزم ما ينبغي وما يمكن تغييره، كما يجب ألا نصلح ما لا ينبغي وما لا يمكن تغييره».

زميل متميز في معهد آسيا العالمي التابع لجامعة هونج كونج، وعضو المجلس الاستشاري لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الخاص بشؤون التمويل المستدام.

رئيس مؤسسة هونج كونج للتمويل الدولي، وأستاذ في كلية إتش إس بي سي للأعمال، جامعة بكين، وفي كلية الأعمال والاقتصاد، جامعة هونج كونج.

أندرو شنج

شياو جنج

Email