صورة بوتين في مرآة الروس

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرف دوماً كيف يُبقي على معدلات قبوله على المستوى الشعبي مرتفعة، من السيطرة على وسائل الإعلام إلى تأجيج النزعة القومية، لكن حياة الروس لم تتحسن، وخاصة بعد الجولة الأخيرة من العقوبات الاقتصادية الغربية، ففي مارس فاز بوتين في الانتخابات الرئاسية بسهولة، لكي يبدأ بذلك رابع ولاية له رئيساً بنحو 76% من الأصوات، وبعد الانتخابات مباشرة، بلغ معدل تأييده 82%.

لكن بطولة كأس العالم لكرة القدم التي اقيمت دورتها مطلع هذا الصيف لم تكن بلا خسائر، فمن خلال جلب أكثر من 700 ألف زائر دولي، غيّرت البطولة فهم الروس لما يهم من أمور ــ ونظرتهم لرئيسهم، فبوصفه مضيفاً ، وقف تحت مظلة خلال الحفل الختامي بعد المباراة النهائية، في حين غَمَر المطر المنهمر رئيسي كرواتيا وفرنسا.

في الوقت نفسه، أبهر الشعب الروسي العالم بحسن ضيافته وكرمه، والمحصلون في القطارات، والمتطوعون الناطقون باللغة الإنجليزية بالزوار بحرارة. وأدرك الروس أنهم ليسوا بحاجة إلى الفوز بأي ثمن، بل يمكنهم أن يكونوا عظماء من دون تصريح عسكري من الكرملين.ثم جاء الإعلان عن إصلاح نظام التقاعد، الذي حفز سلسلة من الاحتجاجات التي دفعت بوتين إلى التعهد بتخفيف ذلك التدبير، في حين طلب تفهم الروس.

الواقع أن صورة بوتين كونه راعياً لعظمة روسيا، وبوصفه رمزاً للأمل، بدأت تتلاشى، ومن الواضح أن تكتيك «المجرب والحقيقي» الذي انتهجه في تجديد شعبيته ــ ولنقل من خلال ضم أراض من دولة مجاورة أو التدخل في حرب أهلية ــ ليس استراتيجية عملية طويلة الأجل. وما لم يبادر بوتين إلى إحداث تغييرات حقيقية داخل روسيا، فإن معدلات قبوله على المستوى الشعبي ستستمر في التأرجح، ما يزيد من احتمالات تركه للرئاسة أخيراً عندما تنتهي فترة ولايته الحالية في عام 2024، إن لم يكن قبل ذلك.

* أستاذ الشؤون الدولية في جامعة نيو سكول

Email