حكومات منتخبة وحذر من استدعاء العقاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت في الآونة الأخيرة، أزمة الديون في منطقة اليورو التي ظلت ساكنة منذ عام 2012، وكأنها قد تندلع مرة أخرى. فمع انخفاض أسعار الفائدة بشدة، بدا الديْن العام الهائل المستحق على الحكومة الإيطالية التي تم تشكيلها منذ أيام وهي ذات توجهات لا تتوافق مع الانخراط بمنطقة اليورو، ولكن مع تزايد توتر الأسواق المالية، من السهل أن نتخيل ذلك العالَم.

ولكن حتى من دون نظريات تأسيسية، ربما تكون "حافة الهاوية " استراتيجية تفاوضية معقولة وقوية ومعدية نوعا ما. ففي أوائل سبعينيات القرن العشرين، تبنى الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون هذا التكتيك لإقناع قادة فيتنام الشمالية بأنه يضع إصبعه على "الزر النووي"، وأنهم من الأفضل لهم أن يتفاوضوا على اتفاق لإنهاء الحرب ــ وإلا... وفي عام 1986، التقى الرئيس رونالد ريغان بميخائيل غورباتشوف في ريكيافيك وفاجأه باقتراح أن تقوم الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بتدمير كل أسلحتهما النووية.

وسواء كانت الأزمة في تصاعد أو انحسار، يبدو أن فعالية هذه الاستراتيجية تعتمد على مدى غموض القائد السياسي ــ إلى الحد الذي يجعل حتى المؤرخين عاجزين عن تحديد النقطة التي ينبغي لهم عندها أن يرسموا الخط بين الصدق والخداع.

يتعين على الحكومة أن تكون قادرة على إقناع الآخرين بأنها مدفوعة نحو تصرفات مؤيدة من قِبَل الناخبين. والفكرة هنا هي أنه من غير المنطقي ولا العقلاني في حقيقة الأمر أن تتصرف الحكومات المنتخبة ديمقراطياً بحذر إذا كان القيام بذلك يعني استدعاء العقاب من الناخبين الملتزمين بمواقف قصيرة النظر، ولكنها محسوسة بعمق، وفي الأشهر التي سبقت الانتخابات التي جرت في إيطاليا وانتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي في مايو 2019، سوف يحظى قادة الاتحاد الأوروبي ببعض الوقت لإثبات أن التكامل الأوروبي ليس مجرد شلل سياسي وركود اقتصادي.

Ⅶ أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة برينستون

Email