ابتلاع الروبوتات للوظائف البشرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل زمن ليس ببعيد، كان هناك تفسيران متنافسان للبطالة. الأول تمثل في النظرية الكينزية في ما يتصل بنقص الطلب، والتي ترى أن العمال يصيرون عاطلين «على غير إرادتهم» عندما يفتقر مجتمعهم إلى المال اللازم لشراء السلع والخدمات التي ينتجونها. أما التفسير الثاني فكان الرأي الذي ارتبط غالباً بمدرسة شيكاغو، والذي يرى البطالة ركوناً طوعياً إلى الراحة على حساب العمل مهما كان الأجر المعروض.

والآن يوجد تفسير ثالث بات يكتسب قوة وأهمية، مفاده أن التراجع في فرص العمل بدوام كامل سببه الاعتماد على التشغيل الآلي (الأتمتة). ولا شك أن فكرة ابتلاع الروبوتات للوظائف البشرية ما هي إلا منظور جديد لمشكلة البطالة التكنولوجية القديمة جدا. لكنه منظور يستحق الاهتمام، لأن المشكلة لا يمكن حلها باستجابات السياسات التقليدية.

تتعامل الرواية «الرسمية» بشأن التكنولوجيا مع تسريع التغيير كأمر حتمي. ووفقاً للمؤسسات، ومراكز البحث، وفرق العمل، وكل الكيانات المشابهة التي تحمل أسماء مختصرة، ستؤدي الأتمتة والذكاء الاصطناعي قريبا إلى اختفاء عدد كبير من الوظائف البشرية أو تغييرها، وإن كان لا يمكن التنبؤ بهذه الوظائف.

في الوقت ذاته، يعتبر تبني التكنولوجيا الجديدة أمراً ضرورياً لتحقيق النجاح الجيوسياسي والنجاح التنافسي لأية دولة. لذا ينبغي تقبل أي تعطيل أو اضطرابات تحدث لنماذج العمل القائمة و«تخفيف حدتها» بتكييف نظم التعليم والضمان الاجتماعي بما يناسب احتياجات سوق العمل الذي تحركه الأتمتة.

لو التزمنا بهذه القواعد الأساسية، فيجب إذن أن يكون الرد الوحيد على زحف الروبوتات تطبيق سياسة نشطة لسوق العمالة تُوَجه نحو إعداد العمال للتسابق مع الآلات. كما ينبغي لنا أن نتصدى لتحدي سوق العمل الأقل استقراراً، بجعل الناس أقل استقراراً في أعمالهم.

Ⅶ روبرت سكيدلسكي*

* الأستاذ الفخري للاقتصاد السياسي بجامعة وارويك.

Email