الإنفاق على البنية الأساسية وأعمال الصيانة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استقبل المستثمرون خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعزيز الإنفاق على البنية الأساسية من خلال الائتمان الضريبي بمشاعر هادئة. والواقع أن اقتراحه الذي طال انتظاره لرفع مستوى وإصلاح الطرق والمطارات والجسور والأنفاق وغير ذلك من مرافق البنية الأساسية المتهالكة لا يساوي أي شيء ما لم تكن جميع الأطراف منفتحة على التفكير بشكل جديد في كيفية تمويل مثل هذه المشاريع.

في الوقت الحالي، تُغَطَّى تكاليف الاستثمار في البنية الأساسية إما بالاستعانة بالضرائب أو من خلال رسوم المستخدم مثل المكوس والتعريفات. ولكن هناك بديلاً لفتح الثروة العامة على المستوى المحلي: الإدارة المهنية للأصول العامة القائمة.

وهذا لا يعني إعادة تدوير الأصول أو الخصخصة تحت مسمى آخر. وإذا كان للخصخصة أن تفضي إلى زيادة الموارد المتاحة لتمويل البنية الأساسية العامة، فلابد أن تباع الأصول بأكثر من القيمة الحالية للأرباح التي تعمل على توليدها في ظل الملكية العامة. وقد أصبح الساسة والناخبون على المستوى المحلي متشككين على نحو متزايد ومفهوم في خطط منح الامتيازات التي تفصل بين التمويل العام وتوفير السلع والخدمات.

والأمثلة كثيرة لإظهار أن دافعي الضرائب من الممكن أن يخسروا في صفقات امتياز سيئة التنظيم. ففي عام 2008، قامت مدينة شيكاغو بتأجير عدادات مواقف السيارات لاتحاد خاص في مقابل نحو مليار دولار أقل مما كانت لتحصل عليه من إيرادات على مدار مدة الإيجار التي تدوم 75 عاماً. وحتى بعد ردة الفعل العنيفة ضد ارتفاع رسوم مواقف السيارات، لم يعد بوسع المدينة أن تغير سياسات مواقف السيارات دون تعويض مستثمري الامتياز.

الواقع أن مثل هذه التحويلات غير المبررة للثروة العامة إلى القطاع الخاص ترجع إلى حد كبير إلى عجز الحكومة عن إدارة المخاطر التجارية. وفي غياب الإشراف الفعّال والمساءلة، فإن تمويل خطط مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص أيضاً يمنح المسؤولية الإدارية غالباً للقطاع الخاص في حين يفرض تكاليف رأس المال على دافعي الضرائب والمستخدمين النهائيين. وليس من المستغرب أن يفضي هذا إلى ردة فعل شعبية معاكسة.

ومع ذلك، ربما تعمل الأصول التجارية الضخمة لدى الحكومات المحلية على توليد تدفقات نقدية إيجابية في المستقبل إذا جرى توحيدها وإدارتها بشكل احترافي من قِبَل شركة قابضة مستقلة مملوكة للحكومة. وكما أظهرنا في تقرير جديد صادر عن سيتي: منظورات وحلول عالمية، فإن الأصول التجارية العالمية تمثل منجم ذهب محتملاً؛ ولكن استغلالها كان قاصراً، وذلك نظراً لترتيبات الملكية المفتتة، والمحاسبة غير الدقيقة أو غير الواضحة، وهياكل الحكم والإدارة غير المثالية والعتيقة.

وفقاً لتقديرات تقليدية، تعادل القيمة الدفترية للأصول التجارية المملوكة للحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة الناتج المحلي الإجمالي السنوي تقريباً ــ نحو 16 تريليون دولار. وإذا أخضعت هذه الأصول لإدارة مقتدرة فمن المرجح أن تكون قيمتها السوقية أو العادلة أعلى حتى من قيمتها الدفترية.

من المؤكد أن القيمة الإجمالية للأصول التجارية المملوكة لحكومات الولايات والحكومات المحلية ستكون بالحجم نفسه، أو أكبر. ذلك أن الحكومات المحلية تمتلك وتدير أغلب المطارات والموانئ فضلاً عن المرافق مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء ــ وكلها في احتياج ماس للتمويل. لكن الأصول العقارية تشكل القسم الأعظم من الأصول التجارية العامة. وتشير بعض التقديرات إلى أن أصول الملكية العامة تمثل ربع القيمة السوقية الإجمالية للعقارات في أي مدينة أو مقاطعة، وفي الوقت نفسه، تحتاج العديد من المحليات إلى تمويل إضافي للإسكان الميسر.

في مجمل الأمر، تمثل هذه الثروة العامة فرصة كبيرة للمستثمرين، والحكومات المحلية، والمجتمع ككل. وإذا أديرت بشكل احترافي مهني، فقد يكفي العائد من مثل هذه الحافظة الضخمة من الأصول التجارية لتمويل ليس فقط الاستثمارات المطلوبة بشدة في البنية الأساسية، بل وأيضاً أي منافع أو خدمات عامة أخرى مطلوبة.

يكمن المفتاح إلى تحقيق هذه الغاية في دمج كل حافظات الأصول التجارية البلدية في صناديق ثروة حضرية تدار بطريقة احترافية وتحظى بالحماية من التأثيرات السياسية القصيرة الأجل. وسوف تتمتع صناديق الثروة الحضرية بالقدرة على التفاعل مع القطاع الخاص على قدم المساواة، وسوف تحظى بالموارد اللازمة لتوجيه القيمة غير المستغلة للحافظة بالكامل نحو الاستثمار في البنية الأساسية وغير ذلك من البرامج العامة، والتي ستعمل بدورها على توليد عائدات جديدة.

عندما يتعلق الأمر بهياكل الحوكمة والالتزام بمعايير الشفافية الدولية، فسوف يكون صندوق الثروة الحضرية أشبه بشركة مدرجة في البورصة. وسوف يكون لدى مديريها الحافز للتخطيط للاستثمارات مع الوضع في الاعتبار دورة حياة الأصل التي قد تمتد لعقود عقدة من الزمن، بدلاً من تحويل المشاريع إلى دورات سياسية تقاس بالأشهر أو السنوات.

علاوة على ذلك، سيكون لكل صندوق ثروة حضري ميزانية عمومية مستقلة، مما يسمح له بتمويل تكاليف الصيانة التي تمثل غالباً أربعة أخماس إجمالي نفقات المشروع. ولأن تمويله سيعتمد على العائدات من حافظته، فلن يضطر إلى التنافس مع أصحاب مطالبات آخرين على نفقات الميزانية الحكومية. وفي الوقت نفسه، سيكون لدى الحكومة ذاتها أصول مضمونة لدعم ديونها، بدلاً من الاضطرار إلى الاعتماد على الإيرادات الضريبية المستقبلية فحسب.

الواقع أن صندوق الثروة الحضرية الذي يتمتع بتصميم لائق وإدارة جيدة من الممكن أن يضطلع بدور الممول والمدير للمشاريع الجديدة ذات الجدوى التجارية في مرافق البنية الأساسية وغير ذلك من الخدمات. ولن تقتصر الفوائد المترتبة على هذا على تحرير دافعي الضرائب من الاضطرار إلى توفير تمويل إضافي؛ بل وسوف يعمل أيضاً على تمكين الحكومات المحلية من مضاعفة إنفاقها الإجمالي الحالي على البنية الأساسية وأعمال الصيانة، والحصول على عوائد سنوية أعلى من 3.5%. والأفضل من كل هذا هو أن الساسة من مختلف ألوان الطيف السياسي سيكون بوسعهم دعم مثل هذا الاقتراح.

نحن نمتلك بالفعل الموارد اللازمة للبدء في ترقية وإصلاح البنية الأساسية في النقل، والطاقة، والمياه، والاتصالات. ولا نحتاج إلا إلى الاستفادة من مخزونات الثروة العامة المهملة في البلاد.

* مستشار اقتصادي خاص لدى «سيتي غروب» ** مدير أسبق في وزارة الصناعة في السويد

Ⅶداغ ديتر**

Ⅶويليم بيوتر*

Email