مستقبل الطاقة الصديقة للبيئة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تحول التعدين وصناعة الفحم على وجه الخصوص، إلى قضية سياسية مشهورة خلال الفترة الماضية، وكثيراً ما تتركز النقاشات حول التعدين والبيئة على الصلة بين استخراج الموارد وإدخال موارد أخرى في عملية الاستخراج ويحدد كتيب روثليدج القادم عن الصلة بين الموارد، الذي اشتركت في تحريره المصطلح على أنه العلاقة بين مادتين أو أكثر من المواد الطبيعية التي تستخدم كمدخلات في نظام يوفر الخدمات للبشر وفي حالة الفحم، الصلة هي بين الصخور والكميات الضخمة من المياه والطاقة اللازمة من أجل التعدين المتعلق باستخراج الفحم.

وبالنسبة لصناع القرار، فإن فهم هذه الصلة أمر بالغ الأهمية بالنسبة لإدارة الموارد واستخدام الأراضي بفعالية، ووفقاً للبحث الذي أجريَ في عام 2014، هناك علاقة عكسية بين درجة الخام وكمية المياه والطاقة المستخدمة لاستخراجها وبعبارة أخرى، إن سوء فهم طرق تفاعل المدخلات والمخرجات يمكن أن يكون له عواقب بيئية وخيمة، وعلاوة على ذلك، نظراً لأن العديد من تكنولوجيات الطاقة المتجددة مبنية باستخدام معادن تم تعدينها فسوف تلعب صناعة التعدين العالمية دوراً رئيسياً في الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون.

وقد تستمد الخلايا الضوئية الطاقة من الشمس ولكن هذه الخلايا الضوئية تصنع من الكادميوم والسيلينيوم والتيلوريوم، وينطبق الشيء ذاته على توربينات الرياح التي يتم تصميمها من كميات وفيرة من أكاسيد الكوبالت والنحاس ومعادن الأرض النادرة.

وسوف يتطلب التعامل مع الرابط بين موارد صناعة التعدين نماذج حوكمة جديدة يمكن أن توازن ممارسات الاستخراج مع الاحتياجات الناشئة من الطاقة - مثل تلك التي تتوخاها أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ويجب أيضاً قياس خلق القيمة وتعظيم الربح والقدرة التنافسية على أساس المصلحة العامة الأشمل.

وقد اعترف بعض العاملين في صناعة التعدين العالمية بأن رياح التغيير قادمة، واستناداً إلى دراسة استقصائية حديثة عن الممارسات الصناعية قامت به مؤسسة الكشف عن الكربون وهي مؤسسة استشارية غير ربحية.

فإن شركات التعدين من أستراليا إلى البرازيل قد بدأت في استخراج مواردها مع التقليص من أثرها البيئي، ومع ذلك، إذا أردنا حماية مصالح الشعب والكرة الأرضية فإن العالم لا يمكن أن يعتمد على القرارات التجارية لشركات التعدين وحدها، حيث إن هنالك حاجة إلى أربعة تغييرات رئيسية لضمان استمرار التوجه البيئي لصناعة التعدين.

أولاً، يحتاج التعدين إلى تجديد الابتكار علماً أن انخفاض درجات الخام يعني أن على الصناعة أن تصبح أكثر كفاءة في استخدام الطاقة والموارد لكي تظل مربحة ولأن ندرة المياه هي من بين التحديات الكبرى التي تواجه الصناعة .

فإن الحلول الصديقة للبيئة غالباً ما تكون أكثر قابلية للتطبيق من الحلول التقليدية وفي تشيلي، على سبيل المثال، أجبرت مناجم النحاس على البدء في استخدام المياه من خلال تحلية مياه البحر للاستخراج، في حين تلبي شركة بوليدن السويدية 42٪ من احتياجاتها من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة وتتعلم شركات التعدين في أماكن أخرى من العالم من هذه الأمثلة.

ثانياً، يجب أن يبدأ الآن التنويع في المنتجات ومع مرور عام على اتفاقية باريس للمناخ، فإن التحول ضمن الأسواق العالمية للوقود الأحفوري ليس سوى مسألة وقت وسوف تواجه الشركات التي لديها أعمال كبيرة تتعلق بالوقود الأحفوري مثل الفحم قريباً حالة من انعدام الاستقرار تتعلق بالأصول التي عفا عليها الزمن، حيث يمكن للمستثمرين أن يغيروا تقييمهم للمخاطر وفقاً لذلك.

ويمكن لشركات التعدين الكبيرة أن تستعد لهذا التحول بالانتقال من الوقود الأحفوري إلى أنواع أخرى من المعادن مثل خام الحديد والنحاس والبوكسيت والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة والليثيوم، فضلاً عن الأسمدة المعدنية التي ستلزم بكميات كبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من أجل القضاء على الجوع على الصعيد العالمي. إن التخلص التدريجي من الفحم خلال فترات الإنتاج الزائدة الكامنة يمكن القيام بها وحتى مع تحقيق أرباح.

ثالثاً، يحتاج العالم إلى وسائل أفضل لتقييم المخاطر البيئية للتعدين، وعلى الرغم من أن الأثر البيئي لصناعة التعدين أقل من الآثار البيئية الناجمة عن الزراعة والتمدن إلا أن المواد المستخرجة من الأرض يمكن أن تضر النظم البيئية بشكل دائم، كما قد تؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي ولحماية المناطق الحساسة، هناك حاجة إلى مزيد من التنسيق العالمي في اختيار مواقع التعدين المناسبة.

ومن شأن التقييمات المتكاملة لأصول التربة التحتية والمياه الجوفية وسلامة الغلاف الحيوي أن تساعد أيضاً كما يمكن أن تساعد كذلك المبادئ التوجيهية للاستهلاك المستدام للموارد.

وأخيراً، يجب على قطاع التعدين أن يدمج على نحو أفضل سلاسل القيمة الخاصة به وذلك من أجل خلق المزيد من الفرص الاقتصادية. إن وضع نماذج لتدفقات المواد - مثل تلك الموجودة في الألمنيوم والصلب - وربطها باستراتيجيات «الاقتصاد الدائري»، مثل إعادة تدوير النفايات وإعادة استخدامها قد يشكل بداية جيدة.

كما يمكن أن يحدث تغيير أكثر جذرية من خلال المشاركة الجادة في أسواق المواد الثانوية، ويمكن أيضاً تحسين إدماج «التعدين الحضري» - أي استخراج وتجهيز وتسليم المواد القابلة لإعادة الاستخدام من مواقع الهدم - ضمن الأنشطة الأساسية الحالية.

إن صناعة التعدين العالمية على وشك التحول من استخراج الوقود الأحفوري إلى توفير مواد لمستقبل فيه طاقة صديقة للبيئة، ولكن هذا «التحول الصديق للبيئة» هو نتيجة العمل الشاق والابتكار وفهم معقد للعلاقة بين الموارد وبغض النظر عما يعتقده رئيس أميركا الداعم لصناعة الفحم، فإن هذا التحول ليس نتيجة للتجاذبات السياسية.

* نائب مدير معهد يونيفرسيتي كوليج لندن للموارد المستدامة

 

Email