حقيقة غريبة: شواء خدود العجل الأكثر فائدة صحياً

خدود العجل. ربما لا تكون قطعة اللحم هذه هي الأكثر شيوعاً في المطاعم التي تقدم اللحوم المطهوة، لكنها، من دون شك قطعة اللحم الأكثر شهيةً مقارنةً مع أي نقطة أخرى من لحم العجل. وربما يكون عليك أن "توصي" اللحام الذي تتعامل معه  قبل وقت كاف لكي يجهز لك هذه القطعة تحديداً.

ولكن، إن كنت تقيم في دولة الامارات، فلديك خيارات أخرى، أكثر مرونة. ففي البلد الذي تكثر فيه المطاعم الراقية التي يدير مطاعمها أشهر الطهاة العالميين وأكثرهم ابتكاراً، والذي بات يوصف بأنه "جنة الطعام" للذواقة والباحثين عن التجارب الراقية في المطبخ، بوسعك أن تقود سيارتك إلى أحد أفخم فنادق المنطقة أو العالم، وهو "قصر الامارات" في العاصمة أبو ظبي، لكي تجد الوسيلة المثلى لتذوق لحم خدود العجل على طاولة المطعم الشهير "الصياد".

ميدالية ذهبية

برغم أن هذا المطعم الذي جدد خلال الأيام الماضية قائمة طعامه، هو في الأساس متخصص بالطعام البحري، إلا أن طبق لحم خدود العجل المطهو على درجة حرارة 65 درجة سيلسيوز، ولمدة 12 ساعة، والذي يقدمه الشيف الأرجنتيني طوماس كلوزا Tomas Closa (له اسم عربي أيضاً هو سالم)، جنباً إلى جنب مع ثمار التمر المطبوخ، يعتبر من أطباق اللحوم الأكثر شعبيةً في الإمارات، التي بوسعها أن تنافس على عرش أطباق الطعام البحري.

يقول توماس:" نحن فخورون بتقديم هذا الطبق في مطعم الصياد، إذ أنه من ابتكار أحد الطهاة الشبان لدينا، وقد أدرجناه مع تنويه خاص على قائمة الطعام لدينا، بعد أن حاز الميدالية الذهبية في منافسة جمعت أخيراً المطاعم الراقية في الإمارات، وحاز المرتبة الأولى".

زيارة مبكرة
منذ الصباح الباكر، يقوم موظف بزيارة المطبخ خصيصاً من أجل تحضير هذه الوجبة، إذ يتم وضعها على النار، بانتظار حلول المساء، وبعد مرور 12 ساعة، تصبح جاهزة للتقديم في المطعم الذي يفتح أبواب مساحاته الداخلية التي تشبه تصميم جدرانها وأرضياتها حوض الأكواريوم، إضافةً إلى المساحة الخارجية، تحت القناطر الرخامية المهيبة للقصر، وفي مواجهة نوافير المياه واصص الزهور والنباتات وشاطئ البحر، تحت إضاءة قمرية ساحرة.

يعتبر هذا الطبق النادر في الإمارات، من الأكثر شهية وطزاجة، وهو يحتاج إلى عناية  خاصة في الطهو، إذ أن خد العجل بطبيعته هو ذي طبيعة قاسية، لأنه مرتبط بنمو الأنسجة في مختلف حياة هذا الحيوان، لكن مزيج الثوم والأعشاب والبهارات والملح، كفيل بجعله أكثر ليونةً، قبل أن يحال إلى الطهو المتمهل على نار هادئة.

وأثناء عملية الطهو تتم إضافة مكونات وأمزجة مثل البصل والجزر والأعشاب وخل الفينغر وزيت الزيتون وعصارة اللحم من أجل إعطاء الخدود المطهوة نكهاتها الخاصة.

فوائد صحية
ينصح خبراء التغذية بأكل القطعة الواقعة في منطقة الخد في كثير من لحم الحيوان، مثل العجل والخروف وحتى السمك والغزال، لما لهذه المنطقة من فوائد على مستوى المكونات. ونشرت صحيفة "هافينغتون بوست" الأميركية واسعة الانتشاء أخيراً مقالة بعنوان: "لماذا يتوجب علينا ان نختار لحم الخدود لكي نأكله".

وينشر طهاة العالم على صفحاتهم على الإنترنت وصفات كثيرة عن لحم الخدود، وتختلف طريقة الطهو بين شيف وآخر، وبين بلد وآخر في أوروبا. وعلى سبيل المثال، نشر الطاهي الإيطالي النجم  Massimo Bottura على صفحة موقعه وصفة لأربع قطع من لحم خد العجل يتم طهوها لثلاثين ساعة متواصلة وعلى درجة حرارة تصل إلى 67 درجة سيلسيوز مئوية. بينما يقترح طاه آخر شهير هو Emeril Lagasse طريقة أكثر فعالية وبميزانية أقل، ومدة طهو لا تصل إلى أكثر من خمس ساعات، مع الاعتماد من أجل تحقيق ليونة اللحم على المكونات التي تضاف إليه أثناء الطهو لا على طول مدة الطهو.

أطباق أخرى
يضيف توماس: "هذا ليس الطبق الوحيد الذي يتميز به مطعم الصياد في قصر الإمارات، فغالبية أطباقنا نادرة ولا تقدم في أمكنة أخرى في الدولة، لذلك يقصدنا الذواقة باستمرار".

ومن بين تلك الأطباق العديدة: طبق سمك القد المقدم مع الفاصولياء البيضاء على الطريقة الإسبانية، التي يجيدها جيداً الطاهي الأرجنتيني، إضافةً إلى الأخطبوط المشوي المقدم مع البطاطا المهروسة، ولحم الخروف المتبل بالفستق الأخضر، وسمك الهامور المشوي والرخويات المقدمة مع الكسكس، من دون أن ننسى تشكيلة كثيرة من السلطات المبتكرة والطازجة.

جسر ثقافي
يأخذ الطاهي توماس على عاتقه أن يحول تجربة الطعام تحت أنامله إلى تجربة حوار ثقافي، يبين العوامل المشتركة بين الثقافات.

وبعد إقامته في العاصمة الإماراتية واستيعابه للثقافة العربية، وكونه أيضاً خبيراً بالمطبخ المتوسطي عبر علاقته بإسبانيا، يجرب الطاهي الرئيسي في مطعم "الصياد" أن يمد جسراً بين بلده الأصلي الأرجنتين وبين  بلده الثاني الإمارات. على سبيل المثال، يقوم أحد  أطباقه على الجمع بين نفس نوع الروبيان المتوفر في مياه البحر الأبيض المتوسط وبين مثيله الذي يسبح على شواطئ أميركا اللاتينية، في طبق واحد.