ممارسات عالمية

الحيلة الدنماركية لتنشيط الحواس وإدخالنا في السعادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

خَلّف الفيروس التاجي المستجد ندوباً قد لا تبدو واضحة للعيان، لكنها طالت بتأثيراتها كافة شرائح المجتمع ممن أجبروا على التأقلم مع متغيرات غير مسبوقة، كالإقفال والعزلة والحصار، وغياب آليات الدعم التقليدية كالأصدقاء والانضباط في العمل والمدرسة والحياة، وقد نجم عن ذلك مفاقمة المخاوف والضغوط النفسية والشعور بالقلق والاكتئاب، وازدياد الحاجة إلى البحث عن وسائل للتعامل وممارسات عالمية أثبتت نجاعتها في تحسين الصحة النفسية، كالحيلة الدنماركية التالية التي تعدنا بالسعادة من خلال تجربة حسية.

وفي العادة، يلجأ الدنماركيون إلى السباحة في المياه الباردة كوسيلة لتنشيط الحواس ومكافحة كآبة الشتاء، وتعتبر تلك وسيلتهم لتحسين الصحة النفسية، علماً أن بلادهم غالباً ما تتصدر البلدان الأكثر سعادة.

وبالنسبة إلى التقاليد الدنماركية، إن فكرة الاختباء داخل المنزل عندما تكون الأجواء باردة في الخارج لا تتوافق مطلقاً مع تصوراتهم للصحة النفسية، وعدد كبير منهم يسبح في البحر على مدار العام بما في ذلك في فصل الشتاء، ويسير بملابس الحمام البيضاء على الكثبان الرملية باتجاه الشاطئ للقفز في البحر عندما تكون حرارة المياه درجتين مئويتين.

تقليد دنماركي

تقول إحدى العاملات في منتجع «كوبن هوت» في كوبنهاغن، كيرا ماري فرودا، لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية عن الاستحمام الشتوي: «كنا نفعل ذلك لأجيال وأعرف أن جدي وجد جدي كانا يفعلان ذلك أيضاً».

وبالرغم من عدم نشر دراسات تبحث بشكل منهجي في تأثير السباحة في الماء البارد على الصحة والرفاهية، إلا أن المتحمسين لها يقولون إنها لا تزيد السعادة فحسب، إنما تعزز أيضاً الشعور بالانتماء للمجتمع، حيث دمجت بعض الشركات في البلاد الاستحمام الشتوي في ثقافة بناء الفريق، لإنشاء روابط في مكان العمل.

وداخل العاصمة كوبنهاغن، يتنقل عدد كبير من السكان بين حمامات السونا وأحواض الاستحمام الساخنة، والمحيط المتجمد أو الحمامات الجليدية في الفترة الممتدة بين نوفمبر وفبراير. ويوجد في أنحاء الدنمارك حوالي 90 نادياً رسمياً للسباحة الشتوية مع أكثر من 20 ألف عضو مسجل.

صدمة الماء البارد

وتفيد إحدى الدراسات أن الغطس في المياه الباردة يمكن أن يكون منشطاً للجسم إلى درجة كبيرة، ذلك أن صدمة الماء البارد تدفع بغريزة «استجابة الكر والفر» في الجسم، فعندما يرمي المرء بنفسه في الماء البارد ثم يجلس في السونا، فإن ذلك يمنحه طاقة ودفعة هائلة من الأندروفين. وكان تقرير منشور في مجلة «بي أم جيه» الطبية عام 2018، عن تحسن الصحة العقلية لامرأة تعاني من القلق والاكتئاب بشكل هائل عند ممارسة السباحة في المياه الباردة.

الحد الأقصى

لكن خبير السباحة هنريك سورنسن في سكودسبورغ يحذر الناس بضرورة الاستماع إلى أجسادهم ذلك أن رد الفعل الفسيولوجي على الغطس في المياه الباردة حسب درجة الحرارة ومقدار الوقت، قد يؤدي إلى نوبات قلبية مفاجئة وانخفاض في حرارة الجسم والغرق. وهو يوصي بالسباحة لمدة 10 إلى 30 ثانية، وبعد أن تعتاد أجسادهم يوصيهم بالبقاء في الماء لمدة دقيقتين كحد أقصى للحصول على الفوائد الكاملة.

وعن تلك الفوائد، يعتقد كثيرون أن المياه الباردة تساعد أيضاً في خفض التورمات والالتهابات، وهم يستشهدون بحمامات الثلج التي يستخدمها بعض الرياضيين للمساعدة في التعافي بعد المباريات.

مشاريع ومهرجان

ولأهمية السباحة الشتوية، أصبح متاحاً الآن في عدد من المدن مثل أرهاوس وكوبنهاغن السباحة في المرفأ بفضل جودة المياه بعد مبادرة حكومية لإنشاء أحواض لتدفق مياه الصرف الصحي، وقد أنشأت البلديات حمامات عامة من تصميم المهندس المعماري الدنماركي الشهير بجارك انجلز. كما يقام في سكاجين شمال البلاد مهرجان استحمام سنوي في يناير حيث يسبح المشاركون في المهرجان صباحاً ثم يجتمعون في مقهى محلي لتناول القهوة الساخنة والحساء كوسيلة لتحسين المزاج خلال فصل الشتاء الطويل.

Email