معالجة سرطان البنكرياس من دون جراحة في أبوظبي
في حالة طبية مثيرة للاهتمام، تم إدخال المواطن الأمريكي مايكل بولتون البالغ من العمر 66 عاما ويعمل في مشروع للطاقة النووية في الإمارات إلى قسم الطوارئ في مستشفى NMC التخصصي في أبوظبي، وهو يشكو من ألم شديد في الجزء العلوي من البطن، وقد انتشر هذا الألم إلى ظهره وتفاقمت حالته في اليومين المواليين لقدومه.
بعد خضوع مايكل للتصوير الطبقي CT تبين وجود انتفاخ في البنكرياس ووجود عدة بؤر مرضية، إضافة إلى علامات تشبه الخدوش على مستوى الكبد، وقد اشتبه الأطباء بأنه مصاب بسرطان البنكرياس مع وجود انتشار ورمي إلى الكبد. والبنكرياس معروف بأنه من الأعضاء الحيوية في الجهاز الهضمي ويقوم بالتحكم في مستويات السكر في الدم.
أجري للمريض تصوير ميكروسكوبي بالأمواج فوق الصوتية EUS، وتم أخذ عينة بواسطة إبرة دقيقة بواسطة تقنية تدعى (FNB) باستخدام إبرة خاصة فريدة من نوعها تساعد على الحصول على عينة أكبر من البنكرياس، وهو من الأعضاء التي يصعب الحصول على عينة منها من دون القيام بجراحة تقليدية مفتوحة (لأنه يقع في عمق البطن خلف المعدة).
وقد أوضح الدكتور يوغيش م. شاستري، رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى NMC التخصصي في أبو ظبي حيثيات هذه الحالة بقوله: "لقد تم عرض جميع الخيارات المتاحة أمام المريض، بما فيها خيار الجراحة المفتوحة، وهي من الجراحات المعقدة بهدف الحصول على عينة من البنكرياس، كما أنه إجراء لا يخلو من المخاطر ويتطلب البقاء في وحدة العناية المركزة والإقامة في المستشفى لمدة طويلة، إضافة إلى العديد من المضاعفات المحتملة، وخاصة لدى مريض يعاني من هكذا مرض متطور تضعف عنده القدرة على تحمل العمليات الجراحية الواسعة بسبب تقدمه في العمر".
كان أمام مايكل العديد من الخيارات للعلاج في أي مكان في العالم، ومن بينها بلده الأم (أمريكا)، لكنه وبعد دراسة كافة الخيارات بعناية، قرر العلاج في الإمارات بالطريقة المتطورة، التي اقترحت عليه.
"لقد كان الإجراء صعباً من الناحية التقنية، لأن إبرة كبيرة يجب أن تخترق المعدة لتصل إلى البنكرياس للحصول على عينة من الورم. وقد تم تنفيذ هذا الإجراء بنجاح لأول مرة في دولة الإمارات العربية المتحدة للحصول على عينة نسيجية كبيرة نسبياً من البنكرياس بهدف الوصول إلى التشخيص النهائي لحالة مايكل"، على حد تعبير الدكتور شاستري، الذي أوضح بأنه في الأحوال العادية كان سوف يتم إجراء الجراحة المفتوحة التقليدية في معظم المستشفيات في الإمارات العربية المتحدة أو الدول المجاورة ولن يلجأ إلا القليل من الأطباء ذوي المهارة العالية وفي المستشفيات المجهزة بأحدث التجهيزات الطبية إلى استخدام الموجات فوق الصوتية عالية المستوى بالمنظار (EUS)، وهي تقنية بسيطة ومتطورة لكنها عالية التخصص، تتوافر حالياً في عدد قليل جدًا من المستشفيات في المنطقة.
وأضاف الدكتور يوغيش "نظرًا لأن تقنية EUS تمكننا من الاقتراب إلى الأعضاء التي يتم فحصها، تكون الصور التي يتم الحصول عليها بتقنية EUS أكثر دقة وتفصيلاً من الصور التي توفرها مصادر التصوير التقليدية الأخرى، مثل الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي، حيث يتم تطبيق الموجات فوق الصوتية مباشرة على المنطقة المطلوبة بخلاف غيرها من طرائق التصوير التي يجب أن تأتي من خارج الجسم".
كشفت دراسة قطعة نسيج البنكرياس، التي تم الحصول عليها، عن وجود ورم سرطاني خبيث في البنكرياس، وقد تمت السيطرة عليه بنجاح بعد إجراء العلاج الكيميائي المناسب للمريض. وتعد هذه الحالة فريدة من نوعها كونها تسلط الضوء على دور هذه الطريقة التشخيصية الجديدة لتشخيص وعلاج أمراض البطن والصدر المعقدة من دون تعريض المرضى لمخاطر العمليات الجراحية المفتوحة.
