الاحترام المتبادل بين الزوجين فن وموهبة لدى الكثيرين، لأن هذا من شأنه أن يسهم في تحقيق حياة زوجية خالية من «تسونامي» المشاكل. ومن هذا المنطلق تدعو الأبحاث والدراسات التي أُجريت في الجامعات العربية كل الزوجات إلى إبراز الاهتمام بكل صوره تجاه الزوج، وكذلك الإطراء على أعماله وكيف أنها أعمال مُميزة.

الاحترام والتميز هما السبيل لحياة بلا مشاكل، فهما جناحا السعادة الزوجية. «الحواس الخمس» ناقش هذا الموضوع مع مجموعة من الأزواج والزوجات الذين أكدوا أنه في كل يوم يزداد فيه الاحترام المتبادل بين الزوجين تزداد حقيقة وواقعية المودة والرحمة بينهما في إحدى أهم صورها ومظاهرها. 

الاحترام بالتبادل لا التفاضل

تقول أمينة إبراهيم، مُنسقة البحوث والدراسات في وحدة الإعلام والتسويق والعلاقات العامة في جمعية النهضة النسائية بدبي: الاحترام فضيلة منسية، وما أجمل أن يكون بالتبادل لا التفاضل بين الزوجين، وأجمل منه وأعلى وأسمى عطاء صادق من قلب محب لا ينتظر المقابل، تضيف أن مظاهر الاحترام المتبادل بين الزوجين كثيرة ، بل لا تكاد تحصى في الحياة اليومية، وضابطها كلها وقاسمها المشترك مراعاة المشاعر، فمنها مظاهر داخلية بين جدران عش الزوجية، من خفض جناح، ولين جانب، وحسن إنصات، وأدب في الحوار، وتحفظ من إظهار حدة أو شدة أمام الصغار.

ومنها مظاهر خارجية ومثال ذلك حسن الخلق وكرم النفوس، لدرجة لا نرى الزوجة مثلا تذكر زوجها في مجالس النساء إلا بخير، ولا تراه يذكرها بِدوره لدى الآخرين في مجالس الرجال إلا بخير؛ فإذا اجتمعا في مكان واحد مثل بيت عائلة أحدهما أشرق الاحترام من كل منهما للآخر في أبهى صورة.

ومن جانب آخر تذكر أمينة موقفا واقعيا وهو مدى الاحترام الكبير الذي كانت تكنه إحدى الزوجات لزوجها على الرغم من مضايقته لها في بعض الأمور، وشاء الله تعالى أن تموت هذه الزوجة، وبطبيعة الحال تزوج الرجل من أخرى، إلا أنه لا يرضى أن يذكر أي أحد زوجته المُتوفاه بطريقة سيئة.

وجهة نظر

وحول هذا الموضوع يقول خليل البلوشي، موظف: إن الاحترام والتميز جناحا الحياة الزوجية، ولكن يكمن الاستغراب حين تهتم الزوجة بأدق التفاصيل في احتفال ما وتهمل زوجها، حيث تبدأ حواسها المغيبة في الظهور، وتُبدي اهتماماً بكل شيء من زينتها وملابسها حتى المشروبات المقدمة والأواني وطريقة التقديم نفسها، فيرى الزوج زوجته وقد انتابتها حالة نشاط غير عادية فهي تتحرك في كل مكان .

وهي في أبهى صورة لها وكأنها فراشة تحلق في جنبات المنزل، فيحدق الزوج لحظات ويتساءل ساعات ما كل هذا الاحترام ولمن؟ لأهلها! وحتى لو كان لأهله هو؛ فالجميع من وجهة نظره يأتي في المرتبة بعده هو، فتكثر الأسئلة في ذهنه ومعها تتولد (خمائر) المشاكل الزوجية، حيث لا يقبل أي مبرر حتى لو كان هذا هو المنطقي ومن صالح الزوج نفسه، موضحا أن من حق الزوج أن يحظى بكل الاحترام والتقدير من زوجته.

احترام متبادل

أما الإعلامية غادة الخميس فترى أن مبدأ الاحترام يجب أن يكون قائما بين الزوجين على الدوام، فهذا من شأنه ينعش علاقتهما ويضفي على حياتهما نوع من السعادة، ويكمن هذا الاحترام في نظرها بينهما شخصيا، مع احترام كل منهما للآخر حينما يكونان في نطاق الأسرة وحتى في مكان عام.

مؤكدة أن يقوم الاحترام والتقدير على أساس متبادل، فالحياة الزوجية حياة طبيعية يتصرف فيها الزوجان على طبيعتهما، ومع ذلك فإن الاحترام مطلوب من الزوجين تجاه بعضهما البعض، لأنه يحفظ كرامة الزوجين ويرفع من شأنهما، وهنا أيضا يستلزم تعويد الأبناء على احترام والديهما، إضافة إلى احترام أفراد الأسرة وحتى حينما يكونون خارج المنزل.

مودة واجبة

وتوضح لمياء الطنيجي، موظفة، أنه لابد أن يدرك الزوجان أن أهل الإنسان هو جزء لا ينفصل منه وحبهم وتواصله معهم وإعطاؤهم حقوقهم فضلاً عن أنه فرض ديني فهو كذلك احتياج نفسي وإنساني، ولا بد لمن يريد أن يراعي شريك حياته ويساعده على أداء واجباته نحو أهله أن يحترم هو أهله، أي يحترمهم باللفظ والإشارة والمجاملة والمساعدة والزيارة وتفقد أحوالهم، وسواء يستطيع المساعدة في أداء هذه الواجبات أو مجرد مساندة الطرف الآخر وإتاحة الفرصة له لأداء هذه الواجبات، فلا بد أن نعرف أن هذه مساحة مهمة جدا مهما كان مستوى الأهل المادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو سلوكهم وتصرفاتهم. 

أسمى المعاني

من جانب آخر يقول يقول عبدالله موسى، اختصاصي أول توجيه وإرشاد في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي: لا يختلف اثنان على أنه لا حياة زوجية من دون احترام متبادل، فكلمة الاحترام في حد ذاتها تعد قيمة لابد من الحفاظ عليها ومراعاتها بغض النظر عن الحب أو الظروف أو الإمكانيات أو أي شيء، فالحياة التي يهين فيها أحد الزوجين الآخر بالألفاظ والتصرفات ولا يراعي مشاعره وأحاسيسه لا هي حياة ولا هي زوجية ولا يمكن أن تستمر.

ويضيف: إن احترمت الزوجة زوجها أمام أسرته وأسرتها فهذا من شأنه أن تكبر حتما في نظر زوجها والعكس صحيح. ويذكر موقفا واقعيا وهو شكوى أحد الأزواج له من موقف محرج وقع فيه أمام أسرة زوجته، حيث كان يتناول معهم وجبة الغداء، فمدحته أم زوجته وأثنت عليه، فما كان من الزوجة إلا أن انفعلت وبادرت بتوجيه كلمات لوالدتها قائلة:

«للأسف لا تعرفين حقيقته»! مُتجاهلة أن احترام المشاعر وضرورة احترام الزوج بين الناس يؤدي إلى استقرار حياتهما الزوجية، مضيفا: ومن جانب آخر اشتكي لي أحد الأزواج خصاما وقع بينه وبين زوجته، فما كان مني إلا أن نصحته بأن يسارع بمصالحتها من خلال مدحها وتطييب خاطرها بكلمات رقيقة، وفعلا فعل ذلك وعادت المياه إلى مجاريها. فالذكاء الزوجي الذي يجب أن يكون هنا هو كسب الآخر باحترام بلا انفعال، وذلك من خلال لباقة الحديث، وفن الحوار.