الشجاعة صبر ساعة .. مثل لا يحتاج الى تأويل، والشجاعة منبتها القلب ومرساها العقل ، وكما يراها هيمنغواي.. صبر جميل على الشدائد وهي تختلف عن التهور في أنه لا يحسب عقباه بل وليد اللحظة وبالتالي تدفع ثمنها. ترى ماذا عنهما من وجهة نظر الشباب الذين التقاهم »الحواس الخمس« عبر هذه السطور..

 

خيط رفيع بينهما

يقول مراد حجاوي: اي شيء غير مدروس في هذه الحياة يصبح طيشا وتهورا والشجاعة هي الاستطاعة على اخذ القرار في الزم اللحظات ، وفيها يتم تشغيل العقل والقلب، ويقال فلان فقد صوابه اي لم يعد يميز او يحسب للأمور حسابا وبالتالي عند هدوء الاعصاب يقول ليت الذي جرى ما كان ، لذلك عندما تتحدث عن الشجاعة فهي المبادرة بالوقت اللازم وبالشكل الذي يناسب الحالة وما بعدها وهنا اتذكر بيتا لاحمد شوقي:

إن الشجاعة في الرجال غلاظـــه

ما لم تزنهــا رأفـــة وســـخـــــاء

إن الشجاعة في القلوب كثيــــرة

ووجدت شجعان العقول قليل

رتب الشجاعة في الرجال جلائل

واجلهــــــــن شـــــــــجاعة الآراء

فالشجاعة برأيه هي السياج المنيع للمجتمع وللشخص وإنجاز الأمور الإيجابية أو دفع الأمور السلبية، وهي تكون في الأقوال و الأفعال، وهي الصبر والقدرة على التغلب على رهبة المواقف. اما التهور فليس به من الشجاعة شيئا لأنه بعيد عن اعمال العقل , وفيه يتم تغييب النتائج المترتبة عليه، لذلك الشجاع لا يضرب ولا يسب عكس الطائش الذي يستخدم جسده وقوته ويكون معول هدم . فالشجاعة فطنة والفطنة صفة الذي يستحظر نتائج الامور قبل وقوعها , و من الامثلة الدارجة على ذلك عندنا في الاردن ان احدهم يقول للآخر والدي يجبر المكسور فيرد عليه الآخر والدي يجبره قبل ان ينكسر , فوقوع الامر يختلف عن التهيء لوقوعه .

 

ليست حكرا على الرجال

وتقول سميرة توفيق مصورة صحافية : الشجاعة ليست لها صلة بقوة البدن أو اللسان، بل أصلها يكون في القلب، فعند ثبات القلب وصبره و سكونه و شدته على المخاوف تتولد الشجاعة. ويكمن الفرق بين التهور والشجاعة في أن الشجاعة هي من القلب، بينما الجرأة هي إقدام سببه اللامبالاة وعدم النظر في العاقبة و الاندفاع بدون تفكير ولا حكمة.

والشجاعة ليس لها جنس اي ليست حكرا على الرجال وكذلك التهور فعلى سبيل المثال المرأة التي تصبر وتحتسب هي شجاعة، المرأة التي جعلت زوجها يطلقها لانه اغوى اختها الصغيرة وغرر بها وعندما اكتشفت الامر وعرفت ان المسالة بها قطع اعناق نتيجة العادات والتقاليد جلست الى زوجها واخبرته بان يطلقها وبعد فترة يأتي الى اهلها ويطلب اختها للزواج على اساس ان الاطفال صغار ولو تزوج واحدة اخرى سيضيع الصغار وساعدت بالامر بان اقنعت اهلها بالموافقة على تزويجه اختها الصغيرة لتبعد شبح الموت عن اختها وزوجها ولم ينكشف الامر الا بعد عشرات السنين وكان الامر منقضيا , ولكن التهور في هذه الحالة هو التصرف بحمق واعلان الامر على الملأ وهنا يدخل موضوع الشرف وما الى هنالك.

 

ليست معادلة

اما عبير سليم طالبة جامعية فتقول: ان الشجاعة لا تحتاج معادلة كيميائية لتحقيقها ولا تحتاج فلزات او معادن فقط ، تحتاج خبرة ودراية ، فالحديث الشريف يقول: ليس الشديد بالصرعة ، خير دليل على ان الشجاع هو الذي يصبر ويفكر ولا يستعجل الامور ، هذا على الصعيد الشخصي فما بالك اذا كان هذا الشجاع قائدا فإنه سيجنب شعبه ويلات الحروب والدمار، اما اذا كان طائشا فالويل لأمته لأنها هي التي ستشرب كأس موتها بيده فلا صوت يعلو على صوته وتتضخم اناه حتى يصبح فرعونا , فهنا الطامة وحتى لو أخذنا الأمر على البيت لترتبت عليه النتائج نفسها، الرجل العاقل هو من يحافظ على بيته والرجل المتهور او المرأة لكي لا نظلم احدا يساهمان في خراب عشهما والابناء يحصدون زرع والديهما.

 

الاختلاف بالنتائج

اما حارب ابو حرب موظف: للأسف الانسان منا في بداية احساسه بالرجولة تكون كل تصرفاته غير منطقية ويكون سريع الرد متهور غير مبال ولكن مع الايام والاحتكاك اكثر والعمل والمسؤوليات تزداد خبرة الانسان في الحياة ويصبح قادرا على الولوج لمشكلته ومحاولة حلها بعيدا عن الاثارة فانا اؤكد ان التهور إقدام سببه قلة المبالاة و عدم النظر في العاقبة و الأندفاع بدون حساب اما الشجاعة فهي كل الصفات الحميدة اذا اجتمعت في شخص فهي الشهامة والنخوة واغاثة الملهوف ومساعدة الغير وابعاد الشر وبالتالي فالمقارنة ظالمة.

 

 

قادة متهورون

 

 

 

في السياق من الضروري أن نلقي الضوء على قصص رجال عظام مشهورين تربعوا على عرش التهور بلا منازع.

ــ هتلر الذي قال بعد أن خسر الحرب ووصلت قوات الحلفاء لبرلين (إن انتصرت فليس هناك داع لأن تبرر- لأن التاريخ يكتبه المنتصرون _أما أذا خسرت فليس من الضروري أن تبقى لتبرر وتفسر ) وانتهت حياته بانتحاره مع حبيبته ايفا براون.

ــ الرئيس العراقي صدام حسين في حربه على ايران ثمانية اعوام ومن ثم غزو الكويت ومن ثم الحرب الكونية على بلاده وخسارته بلده وجيشه وشعبه ونفسه.

ــ شاوشيسكو قد تمكن من خلال بوليسه السرى مرهوب الجانب ومن خلال شبكة واسعة من المخبرين من أن يفرض على الناس أن يعيشوا فى ذعر دائم، لكن رغم ذلك أحاطت بشخصيته هالة من الإعجاب لم ينافسه فيها سوى قليلين فى العالم. شاوشيسكو الدكتاتور الروماني والذي حكم بلده 42 عاماً قبل أن يعدم هو وزوجته في أسرع محاكمة لديكتاتور في القرن العشرين و أمام عدسات التلفزيون.

ــ جوزيف ستالين تم في عهده إعدام مليون نسمة بين الأعوام 5391 - 8391 والأعوام 5491 - 0591 وتم ترحيل الملايين ترحيلاً قسرياً! في 5 مارس 0491،قام ستالين بنفسه بالتوقيع على صكّ إعدام 007,52 من المثقفين البولنديين وتضمّن القتلى 007,41 من أسرى الحرب، وقضى على 000,03 - 000,04 من المساجين فيما يعرف »بمذبحة المساجين«. ويتّفق المؤرخون على أن ضحايا الإعدامات والإبعاد وكذلك المجاعات السوفييتية تقدّر بـ 8 الى 02 مليون قتيل! وأحد التقديرات تقول أن ضحايا ستالين قد يصلون الى 05 مليون ضحيّة. يظلّ عدد الضحايا في الحقبة الستالينية ضرب من التقدير لعدم ورود أرقام رسمية سوفييتية أو روسية بعدد ضحايا تلك الحقبة ومات مسموما.