تجارب ملهمة في الأمل والتفاؤل خلال رحلة العلاج من «السرطان»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشكل الأمل والتفاؤل عنواناً للتجارب الملهمة خلال رحلة علاج العديد من المرضى الذين تحدوا المرض بالعزيمة والإرادة، والذين استطاعوا أن يتعايشوا مع الواقع خلال المرض وفترة العلاج وكذلك فإن ل تضافر الجهود الطبية مع الأسرية في رفع الروح المعنوية للمرضى تترك أثراً كبيراً في مساعدتهم حتى يتجاوزوا محنتهم.

وتعد الحالة النفسية لمريض السرطان على سبيل المثال من أهم مقومات شفائه ونجاح علاجه، وإن إرادة الشفاء بداخله هي العامل الأساسي الذي يحفز الجهاز المناعي بداخله لكي يتصدى ويقضي على هذا المرض اللعين، فإحساس مريض السرطان بالهزيمة، واليأس من شفائه يؤثر بالسلب على صحته، وقد يصاب مريض السرطان بالاكتئاب الناتج عن شعوره باليأس، فضلاً عن التأثيرات الجانبية للمعالجات، وأعراض السرطان نفسه.

وكانت الفنانة اللبنانية إليسا عرضت تجربتها خلال فعاليات منتدى دبي الصحي، الشهر الماضي وتحدثت خلال جلسة بعنوان «محاربة سرطان الثدي- التغلب على الصعاب» عن قصتها مع مرض سرطان الثدي ومحاربتها له نفسياً قبل التغلب عليه جسدياً.

وأكدت إليسا على أهمية العامل النفسي في محاربة الأمراض المزمنة والمميتة مثل مرض السرطان، مشيرة إلى أن والدها كانت يعاني من مرض سرطان المعدة، وأجرى عملية استئصال لجزء منها مع الخضوع للعلاج الكيماوي، ومع أن الأطباء توقعوا له أن يعيش فترة ستة أشهر فقط، إلاّ أنه عاش سبع سنوات بفضل الطاقة الإيجابية والرعاية النفسية التي تلقاها من عائلته ومحيطه، وهو ما حدث معها.

وكشفت إليسا أنها خضعت لأكثر من عملية جراحية، كانت العملية الأولى لاستئصال الورم، وأنها عاودت نشاطها الفني بعد مرور أسبوعين فقط ومن ضمنها إحياء حفلها في القرية العالمية بدبي وتعرضت خلاله للإغماء نتيجة التعب. ولاحقاً تعرضت لبعض المضاعفات الصحية منها تورم يدها بسبب زيادة كمية المياه فيها، وكانت تقوم بسحب المياه منها كل أسبوع تقريباً مع عدم قدرتها على تحريكها لمدة شهر ونصف الشهر، ما أدى إلى إصابة العصب في يدها أثناء إجرائها العملية الجراحية الثانية، حيث عانت من شدة الألم لمدة شهر.

ومع ذلك كله، أكدت إليسا بأنها قررت ألا تستسلم للمرض ومتابعة حياتها بشكل طبيعي، كإحياء أنشطتها الفنية، وأنها حاولت أن تحافظ على قوتها من الداخل والخارج خلال هذه الفترة لمحاربة المرض.

 

دعم الأسرة

بدورها، أوضحت «أم حسين»، عارضة تجربتها مع المرض: "كنت أعاني من ألم في الصدر وعندما فحصت تأكدت أنني مصابة بمرض السرطان، والآن لم تقتصر المسألة على مجرد الألم العضوي بل أصبحت أعاني من وجود مزاج محبط ومن الاكتئاب على مدار اليوم وفي أغلب الأيام، بالإضافة إلى أنني فقدت الرغبة أو الاهتمام بالقيام بأغلب النشاطات، وأصبحت أشعر بعدم الجدوى أو عدم القيمة بالذات، فضلاً عن حدوث تغيرات عميقة في عادات الأكل والنوم، والشعور بالإعياء الدائم، والتوتر العصبي أو البلادة، وضعف التركيز الذهني، ودوام التفكير في الموت. وأضافت: لم أستمر طويلاً في هذه الحالة بعد أن تلقيت الدعم الكامل من أسرتي، وأيقنت أن كل شيء بيد الله، وبدأت أتعايش مع المرض وأتصرف بتفاؤل إلى أن هزمت المرض وتماثلت للشفاء ولله الحمد.

عزيمة

من جانبها، تحدثت عبير سامي، التي تعمل في إحدى الشركات، عن مرض السرطان الذي تقول إنه حطم أسرتها، فخطف أمها، ثم اغتال والدها، لكنها تصدت له، ورفضت أن تكون ضحيته الجديدة، حيث أصاب سرطان الثدي أمي، ولم تكتشفه مبكراً، وعندما علمت به، رفضت أن تطلعنا على حقيقة إصابتها، حتى لا تثير فينا الفزع، تحملت أمي آلام الورم، حتى استشرى في جسدها، ولم تستطع في النهاية مقاومته، وقضى عليها وهي في سن صغيرة.

وأضافت عبير: فوجئنا بعد أشهر قليلة بأن والدي أيضاً مصاب بسرطان القولون، وبقي لسنوات عدة يصارع المرض، حتى لحق بوالدتي، وقبل أن أفيق من هذه المحنة، عرفت أن السرطان اختارني لأكون ضحية جديدة له في عائلتي، لقد اكتشفت قبل ستة أعوام وجود كتلة غير طبيعية في الثدي، فتوقعت أن يكون ذلك ورماً، فأسرعت لإجراء فحوص طبية، وتبين إصابتي بالسرطان. وقالت: لم أذرف دمعة واحدة على نفسي حين اجتاحني هذا المرض، ولم أسجن نفسي خلف قضبان الآهات والآلام والأحزان، ولم أغرق في بحر المرض، ولم أدع أمواجه تصارعني أو تغلبني.

وأضافت: وقفت أسرتي وأهلي خاصة زوجي إلى جانبي، ولم يشعرني إطلاقا بأنني مريضة، فللزوج دور كبير في وصول زوجته إلى درجة الشفاء التام، فقد ترى المصابة أن زوجها متأفف ومنزعج من مرضها، أو وصل به الخوف إلى حد كبير، فمن الطبيعي أن تتأثر وتجرح بعمق، وربما تتأخر حالتها كثيراً وتعصف بها رياح المرض حتى تهلكها.

وتابعت: حبي للحياة ولأسرتي دفعني لاكتشاف قيمة الحياة، رغم أنني شعرت لحظتها بصدمة كبيرة، ونقمت على هذا المرض، ولكنني لم أبكِ، وواجهت الموقف بشجاعة، وفكرت في ابني وأسرتي، وكنت في قرارة نفسي أتمنى ألا أكون قد تأخرت، وعزمت في داخلي على أن أحاربه بشتى السبل، لأنني أقدر قيمة الحياة وأحبها وأحب زوجي وابني.

Email