اليوم العالمي للمسنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كل عام وبالتحديد في مثل هذا اليوم (الأول من أكتوبر) يحتفي العالم بــ«اليوم العالمي للمسنين»، وخلال الاحتفالات تستعرض مختلف الدول ملامح من سياستها ومن مظاهر اهتمامها بالمسنين، ويبدو في المشهد العام تباين واضح بين الدول فيما يخص مستويات الرعاية الصحية والاجتماعية، ومجمل الخدمات التي توفرها الحكومات لكبار السن، والتي أصبحت بدورها مؤشراً مهماً لقياس وتقييم مسارات التنمية والرفاهية في أي بلد من البلدان.

من هنا يأتي الحديث عن توقعات منظمة الصحة العالمية وتقديراتها التي كانت قد أكدت فيها أن عدد السكان الذين يبلغون من العمر 60 عاماً أو أكثر سيرتفع من 900 مليون نسمة إلى ملياري نسمة في الفترة الواقعة بين عامي 2015 و2050 (أي بزيادة نسبتها من 12% إلى 22% من مجموع سكان العالم).

وتشير المنظمة في تقديرها وتقاريرها الرسمية إلى أهمية التخطيط طويل الأمد لمواكبة الزيادات المحتملة في أعداد كبار السن، موضحة أن وتيرة شيخوخة السكان هي أسرع ممّا كانت عليه في السابق.

فمثلاً، مع أن فرنسا كان أمامها قرابة 150 عاماً لتتكيف مع تغيير تتراوح نسبته بين 10% و20% في نسبة السكان الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، فإن بلداناً مثل البرازيل والصين والهند ليس أمامها سوى أكثر من 20 عاماً بقليل لكي تتكيّف مع التغيير نفسه.

وعملية التخطيط المطلوبة، لا تتوقف عند حدود الرعاية الاجتماعية أو الخدمات النوعية، بقدر ما تتوقف على مستوى العناية الصحية (الوقائية والعلاجية)، وهذا هو ما يمثل التحدي الأكبر للمجتمعات، الذي تتحدث عنه التقارير الدولية الصادرة عن الهيئات والمنظمات المتخصصة، والتي تذكر أن معظم النظم الصحية الموجودة في أنحاء العالم قاصرة من حيث الاستعداد لتلبية احتياجات المسنّين الذين يعانون غالباً من حالات صحية مزمنة عدة أو من متلازمات الشيخوخة.

ويرتكز الحديث في هذا الشأن على ضرورة أن تكون المجتمعات، والبلدان بشكل عام، قادرة على تقديم خدمات رعاية متكاملة تتمحور حول المسنّين وتركز على صون قدرات الفرد لدى تقدمه في السن.

وهذا بالتحديد ما سبقت فيه دولتنا، دولة الإمارات، الكثير من الدول، حيث سنت التشريعات والنظم التي تحفظ لكبار السن مكانتهم وقدرهم وصحتهم، وأسست في هذا الشأن نموذجاً يحتذى به في الرعاية المتكاملة والشاملة، ولعل الزائر لمركز ملتقى الأسرة التابع لهيئة الصحة في دبي، سيجد مثالاً واضحاً للنموذج الذي نتحدث عنه، وسيلاحظ كذلك أن رعاية كبار السن، لم تكن يوماً مجرد مسؤولية أو التزام وفقط، فالرعاية لدينا هي الانعكاس الحقيقي والترجمة الطبيعية والواقعية لمجمل القيم والمفاهيم والتقاليد الأصيلة التي يتسم بها مجتمعنا ويتميز بها عن الكثير من المجتمعات.

 

Email