إجهاد ما بعد الصدمة و"متلازمة الكوخ" لدى أطفال "الحجر"

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عشية وضحاها توقفت المدارس عن استقبال تلامذتها، وعلم أن ذلك تم بسبب وجود وباء... وليس هناك مجال للشك في أن الفيروس التاجي سيترك أثرا في معنويات الأطفال، من الأصغر سنا إلى المراهقين. 

فوفقًا للنتائج الأولى لدراسة أجراها مستشفى جامعة تولوز الفرنسي، فقد تكون الصدمة أكثر شدة مما كان متوقعًا.

هل نجح الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عامًا، في التأقلم مع الحجر وفهمه جيدا؟ هذا هو السؤال الذي طرحته دراسة لـ E-COCCON، التي أطلقها مستشفى جامعة تولوز في مايو. 

الإجابة

بالنسبة لرئيسة قسم طوارئ الأطفال إيزابيل كلوديت، التي تشرف على الدراسة، فإنه من المتوقع حدوث ردة فعل نفسية، قائلة: "كان من المتوقع أن يعاني بعض الأطفال من أشكال الإجهاد. وبما أن الدراسة لا تزال جارية فإنه لا ينبغي لنا استخلاص نتائج متسرعة، وقد لاحظنا حقيقة معايير الإجهاد لدى الأطفال بعد صدمة الحجر، وهي نسبة ليست تافهة، بل هي أعلى مما كان متوقعا".

وتلاحظ فلورنسا ميلوت، عالمة نفس الأطفال والمراهقين، ومؤلفة كتب عدة عن علم نفس الطفل، أن "مثل أي شخص آخر، سمع الأطفال كلمات مثل "الحرب"،" الموت "، وتنبيهات الفيروس التاجي بأصوات مشوبة بالقلق. ومثل كل شخص آخر، كان عليهم أيضًا البقاء في المنزل، كما شعروا أيضًا بالحرمان من الحرية".

 وتضيف: "الدليل على ذلك أنه خلال استشارة، أخبرتني طفلة في الخامسة من العمر أنه يوجد (قبل وبعد) فيروس كورونا. سألتها ماذا تقصد بذلك. قالت: "قبل الفيروس كنا أحرارا".

حكاية تظهر إلى أي حد ترك "الاحتواء" (الحجر) بصماته على الأطفال الصغار، وحتى بين المراهقين.

ففي الوقت الذي استفاد معظم الأطفال من فترة الحجر الصحي هذه للاستمتاع بالأنشطة اليدوية وصنع الحلويات والمخبوزات مع العائلة، قام آخرون - بشكل عام الأكثر حساسية - بتطوير ما يسمى "إجهاد ما بعد الصدمة". 

وتشرح الإخصائية فلورنسا ميلوت؛ مؤلفة دليل "ساعد طفلها للتغلب على مخاوفه": "إن هذا الضغط كبير لدرجة أنه يمنعك من العودة إلى حالة الاسترخاء الطبيعية. إنه يربك، ويظهر بصفة متكررة وفي أوقات غير مريحة، ويمكنه أن يتحول إلى كوابيس متكررة.

كوابيس ونوبات غضب

جمع مستشفى تولوز الجامعي حتى الآن شهادة 324 طفلاً بالتزامن مع شهادة آبائهم، وذلك من خلال استبيان يدوم حوالي 20 دقيقة، يسأل فيه أسئلة، مثل: "هل لديك كوابيس؟"، "هل هناك أماكن محددة تجعلك تفكر في الفيروس؟"، "هل تنتابك نوبات غضب من دون سبب؟".

واعتمادًا على الأجوبة، تحدد إيزابيل كلوديت وفريقها البحثي ما إذا كان الطفل قد طور - أو لا - إجهاد ما بعد الصدمة. 

وتقول رئيسة قسم الأطفال بمستشفى جامعة تولوز: "الشيء المثير للاهتمام هو أنك تعتقد أنه عندما تعيش في منزل، مع حديقة وحوض سباحة، يكون من السهل عليك التأقلم مع الحجر الصحي، مضيفة: "لكننا أصبحنا ندرك الآن أنه على الرغم من ظروف السكن الجيدة، أصبح أطفال يعانون من إجهاد ما بعد الصدمة". كيف نفسر ذلك؟

وتشرح: "مثل والديهم، شاهد الأطفال الأخبار التلفزيونية، وشاهدوا التغطية الإعلامية للوفيات، واستمعوا إلى الحوارات داخل الأسرة. وما هو أكثر من ذلك، تم كسر روتينهم. لم يعودوا يذهبون إلى المدرسة، ولم يعودوا يرون أصدقاءهم، ولم يعودوا يمارسون الرياضة... ".

متلازمة الكوخ

على الرغم من الفتح وتباطؤ الوباء، لم يعد بعض الناس يجرؤون على مغادرة منازلهم، ظاهرة تسميها إيزابيل كلوديت "متلازمة الكوخ". 

"لم يعد بعض الأطفال يرغبون في مغادرة منازلهم، فهم يشعرون بالراحة والأمان هناك. يمكن أن يكون هذا النوع من السلوك تعبيرًا عن إجهاد ما بعد للصدمة".

فلورنس ميلوت تتوسع بقولها: "جزء من قلق الأطفال يأتي من حقيقة أن الفيروس غير مرئي. بالطبع، هناك شيء مطمئن للغاية بشأن البقاء في المنزل، كما تشير الطبيبة النفسانية أيضًا إلى وجود ميل للتراجع، بقولها "أثناء الحجر، عاد العديد من الأطفال إلى أسِرّة آبائهم".

المنزل أصبح مغارة، وظهر كحصن ضد الفيروس، ما خلق خوفاً لدى الصغار من مغادرة الخم.

وتحلل فلورنسا ميلوت، قائلة: "في الحجر أصبح الأطفال يملكون كل شيء (ألعاب، وشرب، وتناول الطعام، ولا حاجة للذهاب إلى المدرسة!)، وهذا هو السبب في أن إعادة ارساء روتين جديد والعودة إلى الفصل يمكن أن يقلق  كثيرا من الأطفال".

ولحسن الحظ، تطمئن الإخصائي النفسانية، بقولها: سيعود كل شيء إلى طبيعته في غضون أسابيع قليلة، شريطة - بالطبع أن يفقد الفيروس تهديده"، بحسب(madame.lefigaro).

كلمات دالة:
  • المدارس،
  • تولوز ،
  • الأطفال،
  • فلورنسا ميلوت،
  • إيزابيل كلوديت
Email