فقدان الشهية العصبي.. مخاطر تصل إلى الاكتئاب والانتحار

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشير العلماء إلى أن فقدان الشهية العصبي، والذي يسمى غالباً فقدان الشهية للتبسيط، هو أحد اضطرابات الأكل الذي يتميز بحدوث انخفاض غير طبيعي لوزن الجسم وشدة الخوف من زيادة الوزن في آن واحد. ويركز المصابون بهذا المرض على التحكم بشدة في الوزن وشكل الجسم، حيث يبذلون جهداً مفرطاً ينزع إلى التعارض البالغ مع الأنشطة التي يمارسونها في حياتهم.

ومن أجل الوقاية من اكتساب الوزن أو للاستمرار في خسارة الوزن، يفرض المرضى بفقدان الشهية قيداً صارماً في العادة على كميات الطعام التي يتناولونها. وقد يتحكمون في كميات السعرات التي يحصلون عليها بالتقيؤ بعد تناول الطعام أو باستخدام الملينات استخداماً خاطئاً أو بواسطة مساعدات الأنظمة الغذائية أو مدرات البول أو الحقن الشرجية. وقد يحاولون فقدان الوزن بالإفراط في ممارسة التدريبات أيضاً.

ويلجأ بعض المصابين بفقدان الشهية إلى أسلوب تناول كميات كبيرة من الطعام سريعاً ثم التقيؤ إفراغاً للمعدة، مثل الأفراد المصابين بالنهم العصبي. ومع ذلك، بصفة عامة يبذل المصابون بفقدان الشهية جهداً مضنياً للحفاظ على انخفاض الوزن عن المستوى الطبيعي خلافاً للمصابين بالنهم، حيث تكون أوزانهم عادةً فوق الوزن الطبيعي. ولأن المصاب بفقدان الشهية يعاني من خوف شديد من اكتساب الوزن، فإنه لا يعبأ بالطريقة التي يحقق بها خسارة الوزن.

ولكن فقدان الشهية ليس مرضاً معنياً بالطعام في الحقيقة. ولكنه طريقة غير صحية لمحاولة التكيّف مع المشكلات الانفعالية. فعندما يصاب المرء بفقدان الشهية، فغالباً ما يساوي بين النحافة وتقدير الذات.

ويصعب بشدة على المريض التغلب على فقدان الشهية. ولكن بواسطة العلاج، يمكن اكتساب شعور أفضل حول حقيقة الذات واستعادة العادات الصحية لتناول الطعام والتخلص من بعض المضاعفات الخطيرة التي نتجت عن هذا المرض.

الأعراض

ترتبط العلامات والأعراض البدنية المقترنة بفقدان الشهية العصبي بالتجويع، وكذلك ينطوي الاضطراب على مشكلات انفعالية وسلوكية ترتبط بالتصور غير الواقعي حول وزن الجسم وفرط الخوف من اكتساب الوزن أو الإصابة بالسمنة.

الأعراض البدنية

يمكن أن تتضمن علامات وأعراض فقدان الشهية ما يلي:

Ⅶفقدان الوزن بشكل مفرط

Ⅶالمظهر النحيف

Ⅶتعدادات دموية غير طبيعية

Ⅶالتعب

Ⅶالأرق

Ⅶالدوار أو الإغماء

Ⅶزرقة لون الأصابع

Ⅶضعف الشعر أو تقصفه أو سقوطه

Ⅶتغطية الشعر اللين الأملس للجسم

Ⅶانقطاع الطمث

Ⅶالإمساك

Ⅶجفاف الجلد أو اصفراره

Ⅶعدم تحمل درجة الحرارة الباردة

Ⅶعدم انتظام ضربات القلب

Ⅶانخفاض ضغط الدم

Ⅶالجفاف

Ⅶهشاشة العظام

Ⅶتورّم الذراعين أو الساقين

الأعراض الانفعالية والسلوكية

يمكن أن تتضمن الأعراض السلوكية لفقدان الشهية محاولات المريض خسارة الوزن بواسطة:

Ⅶشدة تقليل كميات الطعام التي يتناولها من خلال اتباع حمية أو الصوم، وقد يتضمن الأمر ممارسة التدريبات بإفراط.

Ⅶتناول كميات كبيرة من الطعام سريعاً والتقيؤ بالتحفيز الذاتي للتخلص من الطعام، وقد ينطوي الأمر على استخدام الملينات أو الحقن الشرجية أو مساعدات الأنظمة الغذائية أو المنتجات العشبية.

وقد تتضمن العلامات والأعراض الانفعالية والسلوكية الأخرى المرتبطة بفقدان الشهية:

Ⅶالانشغال بالتفكير في الطعام

Ⅶرفض الأكل

Ⅶإنكار الشعور بالجوع

Ⅶخوف اكتساب الوزن

Ⅶالكذب بشأن كمية الطعام التي يتناولها المريض

Ⅶثبات الحالة المزاجية (نقص الانفعالات)

Ⅶالانسحاب الاجتماعي (العزلة)

Ⅶالهياج

Ⅶانخفاض الاهتمام بالعلاقة الحميمية

Ⅶحالة مزاجية مكتئبة

Ⅶأفكار انتحارية

الأسباب

لا يزال العلم يجهل السبب المحدد المسؤول عن الإصابة بفقدان الشهية العصبي. ولكن مثلما هو حال العلم مع كثير من الأمراض، فمن المحتمل أن السبب يتمثل في مجموعة من العوامل الحيوية والنفسية والبيئية.

Ⅶالعوامل الحيوية. بالرغم من أنه لا يزال الجين المسؤول عن حدوث المرض غير معروف بوضوح بعدُ، فثمة تغيرات جينية تجعل بعض المرضى أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض. فبعض المرضى قد يكون لديهم نزوع وراثي تجاه الشعور بالكمال والحساسية والمثابرة (على الشيء رغم المعاناة)، وهي جميع السمات المقترنة بفقدان الشهية العصبي.

Ⅶالعوامل النفسية. قد تساهم بعض الخصائص الانفعالية في الإصابة بفقدان الشهية. فقد يكون لدى النساء في مرحلة الشباب سمات الشخصية المصابة بالوسواس القهري، مما يسهِّل عليهن الالتزام الدقيق بالأنظمة الغذائية الصارمة والامتناع عن تناول الطعام بالرغم من الشعور بالجوع. وقد يكون لديهن دافع شديد تجاه الكمال؛ مما يدفعهن إلى التفكير في أنهن لسن نحيفات بالقدر الكافي. وقد يصبن بمستويات عالية من القلق، علاوة على الانخراط في عادات أكل مقيدة لتقليله.

Ⅶالعوامل البيئية. إن الثقافة الغربية الحديثة تعلي من قيمة النحافة. كما أنها تساوي غالباً بين تحقيق النجاح والمكانة العالية وبين كون الإنسان نحيفاً. وهذا فضلاً عن أن ضغط النظراء قد يساعد في تعزيز الرغبة في أن يصبح المرء نحيفاً، خاصةً بين الفتيات.

عوامل الخطورة

ثمة عوامل خطورة معينة تزيد من مخاطر الإصابة بفقدان الشهية العصبي، حيث تتضمن:

Ⅶالمرأة. انتشار فقدان الشهية العصبي بين الفتيات والنساء أكثر من الرجال. ومع ذلك، لا يزال الفتيان والرجال يعانون من ازدياد اضطرابات الأكل وخاصةً مع تنامي الضغوط الاجتماعية.

Ⅶصغار السن. إن فقدان الشهية أكثر انتشاراً بين المراهقين. وهذا بالرغم من أن أي إنسان في أي مرحلة عمرية يمكن أن يصاب باضطراب الأكل هذا، ولكنه نادراً ما يصيب مَن عمرهم أكبر من 40 عاماً. فالمراهقون قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به وهذا بسبب كل التغيّرات التي تصيب الجسم خلال فترة البلوغ. وقد يواجهون أيضاً ضغطاً متزايداً من النظراء وتكون لديهم حساسية أكثر حدة تجاه النقد أو التعليقات العرضية بشأن وزنهم أو شكل أجسامهم.

Ⅶالوراثة. يمكن للتغيّرات التي تصيب بعض الجينات أن تجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بفقدان الشهية.

Ⅶالتاريخ المرضي للعائلة. تزيد خطورة الإصابة بفقدان الشهية لدى الأفراد الذين لديهم قريب من الدرجة الأولى، مثلاً أحد الوالدين أو الأشقاء أو الأبناء، مصاب بهذا المرض.

Ⅶتغيّرات الوزن. عندما يكتسب الإنسان الوزن أو يفقده، قصداً أو بغير عمد، فإن تلك التغيّرات يمكن أن تعززها التعليقات الإيجابية التي يطلقها الآخرون في حالة فقدان الوزن أو التعليقات السلبية في حالة اكتسابه. فتلك التغيّرات والتعليقات يمكن أن تحفز الإنسان على بدء اتباع حمية غذائية بدرجة مفرطة. وعلاوة على ما سبق، فإن التجويع وفقدان الوزن يمكن أن يغيرا طريقة عمل الدماغ لدى الأفراد المعرّضين للإصابة بالمرض؛ مما قد يديم الالتزام بسلوكيات الأكل المُقيِّدة، ويصعِّب العودة إلى عادات الأكل الطبيعية.

Ⅶحالات التحول. يمكن أن يؤدي التغيير، سواء عند الالتحاق بمدرسة أو منزل أو عمل جديد، أو إنهاء علاقة، أو وفاة أحد الأحباب أو مرضه، إلى الضغط الانفعالي ويزيد مخاطر الإصابة بفقدان الشهية.

Ⅶالرياضة والعمل والأنشطة الفنية. يُعد الرياضيون والممثلون والراقصون وعارضو الأزياء معرضين لارتفاع خطر الإصابة بفقدان الشهية. فالمدربون وأولياء الأمور قد يزيدون دون قصد من خطر الإصابة بهذا المرض باقتراح ضرورة أن يفقد الرياضيون الصغار الوزن.

Ⅶوسائل الإعلام والمجتمع. تُكثر وسائل الإعلام مثل التلفزيون ومجلات الأزياء من تقديم العروض التي يقدمها العارضون والممثلون نحيفو الجسم. ويمكن لهذه الصور أن تضع النحافة والنجاح والشهرة على قدم المساواة. ولكن ينبغي إدراك أن أمر تقديم وسائل الإعلام للقيم الاجتماعية أو تحفيزها صراحة ليس بالأمر القاطع.

المضاعفات

يمكن أن يؤدي فقدان الشهية العصبي إلى العديد من المضاعفات. وفي حالة بلوغه الحد الأقصى، قد يصبح مميتاً. فقد يحدث الموت فجأة، ولو كان المريض ليس دون الوزن الطبيعي بشكل خطير. وقد يحدث هذا بسبب نظم القلب غير الطبيعي (اضطراب نظم القلب) أو اختلال الشوارد الكهربائية، مثل أملاح الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم التي تحافظ على توازن السوائل في الجسم.

وتتضمن المضاعفات المحتملة لفقدان الشهية ما يلي:

Ⅶفقر الدم

Ⅶمشكلات القلب مثل انسداد الصمام المترالي أو اضطراب نظم القلب أو فشل القلب

Ⅶفقدان العظام بحيث ترتفع خطورة الإصابة بالكسور في فترات لاحقة خلال الحياة

Ⅶلدى الإناث، غياب الدورة الشهرية

Ⅶلدى الذكور، انخفاض هرمون التيستوستيرون

Ⅶالمشكلات المعِدية المعوية مثل الإمساك أو الانتفاخ أو الغثيان

Ⅶاضطرابات الشوارد الكهربائية، مثل انخفاض البوتاسيوم والصوديوم والكلوريد بالدم

Ⅶمشكلات الكلى

Ⅶالانتحار

العلاجات والعقاقير

في حالة إصابة المريض بفقدان الشهية العصبي فقد يحتاج لأنواع عديدة من العلاج. وفي معظم الأحوال، يُعتمد على فريق من متخصصين في تقديم العلاج، بما يتضمن مقدمي الرعاية الصحية ومقدمي رعاية الصحة العقلية واختصاصيي التغذية، بحيث يتميز جميعهم بالخبرة في علاجات اضطرابات الأكل. ويمثل استمرار العلاج والتثقيف التغذوي أهمية كبيرة للتعافي المستمر.

 

 

Email