التوتر رد فعل نفسي وجسدي تجاه تحديات الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد التوتر رد فعل نفسياً وجسدياً طبيعياً تجاه متطلبات الحياة، وقد يكون التوتر الطفيف أمراً جيداً، حيث يحفز جودة الأداء، ولكن كثرة التحديات اليومية، كالانتظار في زحمة المرور، والالتزام بالمواعيد النهائية، ودفع الفواتير، قد تفوق قدرتك على التحمل.

عقلك مجهَّز بنظام إنذار من أجل حمايتك. عندما يستشعر عقلك وجود تهديد، فإنه يحفز الجسم على إطلاق كمية من الهرمونات التي تزيد معدل ضربات القلب وترفع ضغط الدم. تدفعك هذه الاستجابة المسماة «الهرب أو المواجهة» للتعامل مع التهديد.

بعد زوال التهديد، يُفترض أن يعود جسمك إلى حالة الاسترخاء الطبيعية. وللأسف، فإن التعقيدات المستمرة في نمط الحياة الحديثة تعني أن «أنظمة الإنذار» لدى بعض الأشخاص نادراً ما تتوقف.

ووفقاً لأطباء «مايو كلينيك» فإن «إدارة التوتر» هي مجموعة من الأساليب لإعادة نظام الإنذار لديك لحالته الطبيعية. ويمكن أن تساعد عقلك وجسمك على التكيف (المرونة). ومن دونها، قد يبقى جسمك دائماً في حالة تأهب قصوى. مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى مشكلات صحية خطيرة.

لا تنتظر حتى يدمر التوتر صحتك أو علاقاتك أو نوعية حياتك. ابدأ ممارسة أساليب «التحكم في التوتر» اليوم.

تخفيف التوتر

التحكم في التوتر أمر ضروري للجميع في ظل وتيرة وتحديات الحياة العصرية.

لمراقبة الإجهاد، حدد محفزاته أولاً. ما الذي يجعلك تشعر بالغضب أو التوتر أو القلق أو الانزعاج؟ هل تعاني في كثير من الأحيان من صداع أو اضطراب في المعدة من دون سبب طبي؟

من السهل التعرف على بعض مصادر التوتر، مثل ضغوط العمل أو المشكلات الاجتماعية أو المشكلات المالية. ولكن الصعوبات والمتطلبات اليومية، مثل الانتظار في طابور طويل أو التأخر عن اجتماع ما، تساهم أيضاً في زيادة مستوى التوتر لديك.

حتى الأحداث التي تعد إيجابية في الأساس، مثل الزواج أو شراء منزل، يمكن أن تسبب التوتر، أي تغيير في حياتك يمكن أن يسبب التوتر.

استراتيجيات

بعد تحديد محفزات التوتر لديك، فكر في استراتيجيات التعامل معها. تحديد ما يمكنك التحكم فيه نقطةُ انطلاق جيدة. على سبيل المثال، إذا كان التوتر يسبب لك الأرق ليلاً، فقد يكون الحل سهلاً، مثل إزالة التلفزيون والكمبيوتر من غرفة نومك وإتاحة المجال لعقلك ليهدأ قبل النوم. في حالات أخرى، مثل التوتر المرتبط بكثرة متطلبات العمل أو مرض أحد أفراد أسرتك، قد تتمكن من تغيير رد فعلك فقط.

لا تتردد في الاستعانة بالآخرين لإيجاد حل. اطلب المساعدة والدعم من العائلة والأصدقاء، سواء كنت بحاجة إلى شخص يُحسن الاستماع، أو للمساعدة على رعاية طفلك، أو لتوصيلة للعمل عندما تكون سيارتك في محل الصيانة.

يستفيد العديد من الأشخاص من بعض الممارسات، مثل التنفس العميق أو تاي تشي أو اليوغا أو التأمل أو الوجود في أحضان الطبيعة. خصص بعض الوقت لنفسك. احصل على تدليك، أو اغطس في حمام الفقاعات، أو ارقص، أو استمع إلى الموسيقى، أو شاهد البرامج الكوميدية - أي شيء يساعدك على الاسترخاء.

سيساعدك الحفاظ على نمط حياة صحي على السيطرة على التوتر. اتبع نظاماً غذائياً صحياً، ومارس التمارين الرياضية بانتظام، واحصل على قسط كافٍ من النوم. احرص على تقليل الوقت الذي تقضيه أمام شاشات التلفاز والحاسوب والهاتف والأجهزة اللوحية، وخصص مزيداً من الوقت للاسترخاء. لن يختفي الضغط العصبي من حياتك. ويجب أن تكون عملية التحكم في التوتر مستمرة. ولكن من خلال اتباع طرق الاسترخاء والانتباه للأسباب التي تسبب الإجهاد، يمكنك التغلب على بعض الآثار السيئة للتوتر وزيادة قدرتك على تحمّل التحديات.

تقنيات الاسترخاء

تقنيات الاسترخاء جزء أساسي من عملية التحكم في التوتر. بسبب مشاغل الحياة الكثيرة، قد لا يكون الاسترخاء ضمن قائمة أولوياتك. لا تُقَصِّر بِحَقِّ نفسك. يحتاج الجميع إلى الاسترخاء وتجديد الطاقة لعلاج الضغط الذي يسببه التوتر للذهن والجسم.

يمكن لأي شخص تقريباً الاستفادة من تقنيات الاسترخاء، والتي يمكن أن تساعد على إبطاء تنفسك وتركيز انتباهك. تشمل تقنيات الاسترخاء الشائعة التأمل، وإرخاء العضلات بالتدريج، وتمارين تاي تشي واليوغا. وهنالك طرق أنشط للاسترخاء تشمل المشي في الهواء الطلق أو المشاركة في الألعاب الرياضية. ولا يهم نوع أسلوب الاسترخاء الذي يختاره الشخص. حدد تقنية مناسبة لك ومارسها بانتظام.

التوتر في الأربعين يؤدِّي لاضمحلال الدماغ وتقلص المخ

أثبتت دراسة علمية، أنَّ حالات التوتر والقلق، التي تصيب الأشخاص في منتصف العمر، يمكن أن تؤدي لاضمحلال الدماغ وتقلص المخ، فضلاً عن تسببها في ضعف الذاكرة.

قام بالدراسة فريق علماء من جامعة هارفارد، وتوصلوا إلى أنَّ هرمون الكورتيزول، هو المسؤول عن تلك التداعيات.

وأشارت نتائج الدراسة، إلى أنَّ ارتفاع مستويات هرمون التوتر ربما يكون علامة تحذير مبكر، بأن الشخص سينتهي به الأمر مصاباً بالخرف، والتوتر يؤثر سلباً في مهارات التفكير.

طرق

ونصح الدكتور جاستين إيشوفو تشوغوي، رئيس فريق العلماء الذي أجرى الدراسة، «المتوترون» قائلاً: «من المهم أن يجد الناس طرقاً لتقليل التوتر، مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم، أو ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة، أو دمج تقنيات الاسترخاء في حياتهم اليومية، أو سؤال الطبيب عن مستويات الكورتيزول لديهم. وأخذ دواء لتخفيضه إذا لزم الأمر».

وأضاف: «من المهم أيضاً بالنسبة للأطباء أن يحرصوا على تقديم المشورة لجميع الأشخاص، الذين لديهم مستويات أعلى من الكورتيزول».

يُشار إلى أنَّ الدراسة شملت أحوال 2231 شخصاً بمتوسط عمر 49 سنة، لا يعانون من الخرف، وقام كل مشارك في بداية الدراسة بإجراء اختبارات على ذاكرته، ومهارات التفكير لديه، وبعدها بـ8 سنوات تم تكرار نفس الخطوات.

كما كانت هناك مجموعة فرعية ممن خضعوا للتجربة، ضمَّت 2018 شخصاً، خضعوا لمسح للمخ بالرنين المغناطيسي لقياس حجم أمخاخهم.

وبمراجعة النتائج من حيث السن والجنس والتدخين وكتلة الجسم، وجد الباحثون درجات أقل في اختبارات الذاكرة والتفكير لدى الأشخاص الذين يعانون من مستويات أعلى من الكورتيزول، مقارنة بالمستويات المتوسطة. بالإضافة إلى ذلك، كان لدى الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الكورتيزول حجم مخ أصغر، أما بالنسبة لمن كانت لديهم مستويات أعلى من الكورتيزول، فقد كانت أمخاخهم تمثل 88.5% من إجمالي حجم الجمجمة.

استجابة

يذكر أن الكورتيزول، الذي تنتجه الغدد الكظرية، يساعد الجسم على الاستجابة للتوتر والإجهاد. كما يساعد أيضاً على تقليل الالتهاب والتحكم في سكر الدم وضغط الدم وتنظيم التمثيل الغذائي والمساعدة على الاستجابة المناعية.

وتتعدد أسباب ارتفاع مستويات الكورتيزول؛ إذ يمكن أن ينتج عن التوتر أو الإجهاد أو الظروف الطبية أو نتيجة لتعاطي أدوية معينة.

التوتر المزمن يسبب إيقاظ الخلايا السرطانية

أكدت دراسة طبية جديدة أجراها باحثون في معهد «ويستار» في ولاية فيلادلفيا الأمريكية، أن «نوربينفرين»، وهو هرمون يفرز في المواقف العصيبة، ينشط عمل الخلايا السرطانية.

ووفقاً للدراسة التي نشرت في مجلة «ساينس ترانسليشن ميديسن» العلمية، أن التوتر المزمن يسبب إيقاظ الخلايا السرطانية التي تم علاجها في المراحل المبكرة من المرض.

وأشار فريق الباحثين من الولايات المتحدة وألمانيا وروسيا برئاسة ميشيلا بيريجو، إلى أن الخلايا المناعية التي تسمى العدلات، وهرمونات معينة مثل نورإبينفرين والكورتيزول قد تساهم في تكرار الإصابة بمرض السرطان بعد سنوات من الشفاء منه.

وأكدت التجارب أن هرمون نورإبينفرين ينشط خلايا سرطان الرئة والمبيض.

ووفقاً للدراسة، يرتفع مستوى نورإبينفرين في الدم بشكل حاد في الظروف المجهدة والصدمات النفسية والقلق والخوف والتوتر العصبي.

Email