باحثون ألمان ويونانيون يحولون حلم الأمس إلى حقيقة مفترضة

تطويـــــــر تقنيـــــــة للســــــــفر عبـــــــــر الثقــــــــوب الدوديـــــــة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ظلت فكرة السفر عبر الزمن تراود الإنسان قديماً و حديثاً، بحيث أنه في كل مرة يفشل في تحقيق حلمه للانتقال بين الماضي و الحاضر و المستقبل، كان يبادر إلى السفر إلى أي زمن يريده من خلال روايات الخيال العلمي. ولم تتوقف محاولات العلماء عن اكتشاف ما يسمى بـ الثقوب الدودية، و هي ممرات افتراضية للسفر عبر الزمن، يعتقد أن دخولها يتيح للشخص الوصول إلى كوكب بلوتو، أو حتى إلى مجرة أندروميدا التي تبعد عن المجموعة الشمسية ملايين السنين الضوئية.

وتقول مجلة نيوساينتست البريطانية، في تقرير حديث لها، إن فريق من الفيزيائيين الألمان و اليونانيين أثبت أن بناء الثقوب السوداء ربما يكون أمراً ممكناً دون الحاجة إلى أي مدخلات من الطاقة السلبية على الإطلاق. يقول بوركهارد كلايهاوس، من جامعة أولدنبيرغ في ألمانيا: لسنا بحاجة إلى مادة عادية ذات طاقة إيجابية. فالثقوب الدودية يمكن فتحها دون أي شيء.

وتثير هذه النتائج احتمالاً محيراً بأننا قد نكون قادرين في نهاية المطاف على الكشف عن أحد الثقوب الدودية في الفضاء. فربما تكون الحضارات الأخرى الأكثر تقدماً سبقتنا إلى مسألة السفر جيئة وذهاباً عبر نظام أنفاق تم تشييده من الثقوب الدودية. وربما نكون قادرين على استخدامها بأنفسنا كبوابات إلى الأكوان الأخرى.

جاذبية خفية

أشير إلى الثقوب الدودية للمرة الأولى في نظرية النسبية العامة للعالم أينشتاين، وهي تـُظهر أن الجاذبية ليست أكثر من كونها شيئا خفيا لما يسمى بالزمكان للطاقة، وعادة ما تكون طاقة كتلة من النجوم والمجرات. وبعد فترة وجيزة من نشر أينشتاين معادلاته في عام 1916، أعلن العالم الفيزيائي النمساوي لودفيج فلام أنهم توقعوا أيضاً وجود قنوات عبر الفضاء والزمن.

لكن كان آينشتاين نفسه هو من أجرى تحقيقات مفصلة للثقوب الدودية مع ناثان روزن. وفي عام 1935، قام كلاهما بالتوصل إلى ثقب يتألف من ثقبين أسودين، متصلين بواسطة نفق عبر الزمن و المكان. فقد كان السفر عبر ثقبهما هذا ممكناً إذا كانت الثقوب السوداء على طرفيه من نوع خاص.

فالثقب الأسود التقليدي الذي له مجال مغناطيسي قوي قادر على امتصاص تلك المادة لا يمكنه أبداً الهرب عبر ما يسمى بـ أفق الحدث. فالثقوب السوداء الموجودة في طرف الثقب الذي توصل إليه أينشتاين و روزن غير مثقلين بنقاط اللاعودة. وتقول نيوساينتست، في تقريرها، إن ثقوب أينشتاين و روزن بدت مجرد مسألة مثيرة للفضول لسبب آخر، يتمثل في أن وجهتهما لم يستطع أحد تصورها.

 وكان الاتصال الوحيد الذي عرضته الثقوب من مجرتنا هو لمنطقة من الفضاء في عالم موازٍ، وربما بنجومه و مجراته و كواكبه الخاصة به. و في حين يطمئن المنظّرون اليوم لفكرة أن كوكبنا هو مجرد جزء من كثير الكواكب الموازية، فإن مثل هذا التعدد الكوني غير مقبول لدى آينشتاين و روزين.

نوع آخر

و لحسن الحظ، تبين أن نظرية النسبية العامة سمحت بوجود نوع آخر من الثقوب. ففي عام 1955، أظهر الفيزيائي الأميركي جون ويلر أنه من الممكن الربط بين منطقتين من الفضاء في كوننا، ما سيكون أكثر فائدة للسفر بين المجرات بسرعة هائلة. وقام بصياغة هذا الاسم الجذاب الثقب الدودي لإضافته إلى الثقوب السوداء. و المشكلة في ثقوب ويلر واينشتاين وروزن أنها كلها تنطوي على العيب نفسه. فهي غير مستقرة.وترسل فوتون واحدا من الضوء، و تحفز على الفور تشكيل أفق الحدث، الذي يغلق الثقب بشكل فعّال.

الغريب، هو أن عالم الفلك الأميركي كارل ساغان هو من يرجع إليه الفضل في إثارة هذا الأمر. ففي قصة الخيال العلمي التي ألفها اتصال، كان بحاجة إلى وسيلة سريعة وسليمة علمياً لنقل بطلة القصة، التي جسدت دورها الممثلة الأميركية جودي فوستر في الفيلم. و طلب ساغان المساعدة من كيب ثورن في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، و أدرك ثورن أن الثقب الدودي سوف يقوم بالمهمة.

و في عام 1987، قام هو و طالبان معه، وهما مايكل موريس و يوري يرتسيفر بوضع الوصفة لعمل الثقب. و تبين أنه من الممكن الإبقاء على الفوهات مفتوحة بواسطة مادة افتراضية لديها طاقة سلبية كافية. ومن خلال هذه الطاقة السلبية، فإن مثل هذه المادة لديها شكل غير مقبول من الجاذبية، مما يحفز فتح الثقب الدودي. الطاقة السلبية

ليست الطاقة السلبية فكرة سخيفة. فلنتخيل لوحين معدنيين موازيين في الفراغ. فإذا تم وضعهما قريبين بعضهما من بعض، فإن الفراغ بينهما يحتوي على طاقة سلبية أقل من الفراغ الخارجي. ويرجع السبب في ذلك إلى أن الفراغ العادي يشبه موجات البحر الهائجة، و تستثنى من ذلك الموجات ذات الحجم الكبير للغاية الموجودة بشكل طبيعي بين اللوحين. وهذا يترك قدراً أقل من الطاقة داخل الألواح الخارجية. ولسوء الحظ، فإن هذا النوع من الطاقة السلبية موجود بكميات أضعف من أن تدعم الثقب الدودي المفتوح.

Email