"أسبوع أسود" ينطلق اليوم في "قصر بيرا"

كتاب أدب الجريمة يجتمعون في المخبأ السري لأغاتا كريستي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ذات يوم، اختفت كاتبة روايات الجريمة الأشهر في تاريخ الأدب أغاتا كريستي من بلدتها المطلة على البحر في "ديفون" في جنوب بريطانيا. لم يتمكن أحد من معرفة المكان الذي توجهت اليه. ولا الأسباب التي دفعتها لكي تغادر من دون اشعار أو ايضاح. وظن بعض المقربون منها من العائلة والاصدقاء أن الأمر يقتصر على "نوبة" جديدة من نوبات الغموض التي تعتريها قبل أن تبدع حكاية جديدة. لكن المغامرة هذه المرة كانت أكثر تشويقا من المتوقع. لقد رحلت أغاتا بعيدا. بعيدا جدا، وصولا الى "القرن الذهبي" وضفاف "البوسفور" في اسطنبول.

نظرات حادة

مستقلة "قطار الشرق"، كانت صاحبة العينين الحادتين مثل صقر والشعر المصفوف على الطريقة الانجليزية المتحفظة، تفكر بأبطال روايتها الجديدة، والتي ستغدو من الأكثر مبيعا بين رواياتها، ومن الأكثر رواجا في عالم أدب الجريمة، وهي " جريمة في قطار الشرق". كان المكان الذي اختارت كريستي أن تلجأ اليه مع مدواتها وأحبارها، هو فندق على هيئة قصر، بنته شركة القطارات التي تملك خطوط سكك "قطار الشرق" لكي يستضيف الراغبين من ركابها، في الاستراحة خلال رحلة طويلة بين الشرق والغرب، او لمن يرغب في الاقامة في اسطنبول. اسم الفندق "قصر بيرا" وعمره يزيد عن 150 عاما، ولا يزال الى اليوم يحمل الاسم ذاته، ويحافظ على ارث أغاتا، التي كتبت فيه روايتها، وتركت أيضا اسمها وصورتها لأحد الأجنحة الذي سمي باسمها ويستقبل الضيوف الى يومنا.

تجمع "اسود"

لكن القصة لم تتوقف عند هذا الحد. هذا الارث لا يزال حيا. وكتاب هذا النوع الأدبي الذي يمزج الابداع مع حسن التشويق والأجواء النفسية والبوليسية، لا يزالون يمشون على هدي معلمتهم الاولى ومانحتهم شهرة هذا النوع الأدبي وجمهوره الأول. من كل دول العالم، يجتمعون في آخر يوم من نوفمبر، في القصر- الفندق (تديره اليوم مجموعة جميرا الاماراتية للفنادق) من كل عام، ضمن ملتقى "الأسبوع الأسود"، الذي يعد الأول والفريد من نوعه في الشرق الأوسط.

بين الأثاث الخشبي الأنيق، وفي أجواء تجمع بين رقي وتاريخ الهندسة والعمران المستخدمين في الفندق، ووسط اضاءة أنيقة خافتة تضفي شيئا من الغموض على الأجواء المخملية، يناقش أشهر كتاب الجريمة في تركيا والعالم، ما آل اليه هذا الأدب في عصر الاعلام الرقمي والسينما ثلاثية الأبداع. على جدران الردهات صور تراقبهم عيون أغاتا كريستي ومخرج أفلام التشويق الأبرز في تاريخ السينما الفريد هيتشكوك، الذي زار الفندق ذات يوم وأقام فيه.

كتاب نجوم

ورغم انتشار فكر التشويق في الكثير من المضمون الاعلامي والسينمائي، الا أن روايات الخيال التي تبرز عوالم الجريمة والتشويق، لا يزال لها قراؤها الذين ينتظرون اصدارات كتابهم النجوم.

من بين هؤلاء من ارتبط اسمهم أيضا باسطنبول مثل البلجيكي جورج سيمونون الذي زار المدينة في عام 1933 وأقام في نفس المكان "فندق قصر بيرا". وسيحضر المهرجان الذي ينطلق مساء اليوم أحد أكثر الكتاب الأترا غموضا، أحمد أوميت، الى جانب كتاب عالميين مثل فيليب كير وسام ويلسون وتيبور فيشير وماري جانغشتيد وديفيد ويلتون.

" هذا ليس مجرد فندق، بل لديه تصنيف حكومي على أنه متحف. من الطبيعي أن نحصل على هكذا تصنيف، فتاريخه الممتد على مدى أكثر من 150 عاما، سمح للكثير من الشخصيات العالمية المعروفة في مجالات السياسة والفكر والابداع أن تقيم فيه، لأن اسطنبول، عاصمة الامبراطورية العثمانية، كانت مغرية وجذابة لهؤلاء لزيارتها والاستهلام منها"، تشرح لـ" البيان" بينار تايمر، مديرة عام الفندق، ومؤسسة "أسبوع اسطنبول الأسود- مهرجان كتاب أدب الجريمة".

من خلف الستارة المخملية ذات اللون الأرجواني الداكن، يتبدى طيف من ظلال. يثير الأمر الريبة للوهلة الأولى، اذ أنه ليس من السهل اجراء لقاء في مكان يقيم فيه أشهر كتاب أدب الجريمة في العالم، مع كل أطياف شخصياتهم وأشباحها. يمر الأمر من دون "خسائر" ممكنة:" لا تجزع، انه فقط عامل الصيانة، يتأكد أن الستارة معلقة بشكل جيد"!

تعرف على أشهر كتاب أدب الجريمة الذين يجتمعون في "أسبوع اسطنبول الاسود" في هذا الفيديو

 

Email