في الحلقة 28 من البرنامج الوثائقي الدرامي «قصتي»

راشد بن سعيد.. دروس لا تنتهي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزخر سجلات الزمن بأسماء لامعة، تتناقلها الأجيال وتقتدي بها، أسماء مُلهمة صنعت المجد والتاريخ وأصبحت عنواناً للنجاح، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، كان أحد تلك الأسماء المؤثرة، التي تحولت مع توالي الأيام إلى مدرسة عريقة، يستلهم منها الجميع فنون الإدارة والبناء والتطوير وحب الوطن والحرص على نهضته. ذلك ما تتلمسه وأنت تتنقل بين سطور قصة «راشد بن سعيد.. دروس لا تنتهي»، الحاملة لرقم 11 في كتاب «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي تكتشف خلالها بعضاً من ملامح حياة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وتقرأ جانباً من قصة نجاح «دانة الدنيا».

تفاصيل

«دروس راشد بن سعيد لا تنتهي. كان مدرسة، وكان معلماً، وكان حاكماً، وكان أباً للجميع»، جملة جوهرية يفتتح بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، قصته، ويضيء بها على حياة والده. تلك الجملة شكلت مدخلاً صلباً لتفاصيل الحلقة 28 من البرنامج الوثائقي «قصتي»، المستلهم من كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، ويعرض على شاشات تلفزيون دبي ومنصاته المتعددة، والتي افتتحت بمشاهد عدة لعبت فيها صورة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، دورة البطولة، فيما تتوسد المشاهد واحدة من مقولاته المنقوشة على جدران الذاكرة، والتي يقول فيها: «إن لاتحاد الإمارات أهدافاً سامية ورفيعة ونأمل الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف والنتائج بما يعود على أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة بالخير وعلى العالم العربي والإسلامي بالازدهار».

صورة إنسانية

عن والده، رحمه الله، يخبرنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «كان يستيقظ قبل الفجر ليؤدي الصلاة، ثم يبدأ جولته الميدانية لتفقد المشاريع قبل أن يعود لتناول الفطور الذي تعده أمي.. قبل الإفطار كان يجلس أمام القصر لاستقبال المسؤولين ثم ينتقل إلى مكتبه في الخور لمقابلة المشرفين على المشاريع». تلك صورة إنسانية يقدمها لنا سموه عن والده، وقد رسمت بألوان الجمال، تبرز تفاصيلها كيف كان الشيخ راشد، رحمه الله، شعلة من النشاط. يقول سموه: «لم يكن أبي يقابل الناس لمرة واحدة في اليوم، بل يلتقي بهم مرة أخرى بين العصر والمغرب». ويضيف: «ثلاث فوائد كان أبي يجنيها من جولاته على المشاريع بعد الفجر، الأولى أن المشرفين عندما كانوا يعرفون اهتمام الحاكم المباشر بأدق تفاصيل المشروع، فإنه لا يمكن أن يكون هناك أي تقصير. والثانية كانت تصبح لديهم طاقة كبيرة للعمل لأنهم كانوا يلتقونه يومياً، ويشعرون بفخر كبير عندما كان يتحدث معهم. أما الفائدة الثالثة فهي تحقيق كفاءة مالية كبيرة جداً، فلم يكن يتجرأ أي مقاول أو موظف حكومي على ارتكاب ممارسات فساد مالي، لأن الشيخ راشد كان أحرص الناس على سمعة دبي». وفي هذا السياق، يشير سموه إلى أن والده كان طوال الوقت يردد: «إن رأس مالنا الحقيقي هو سمعتنا مع التجار».

نظرة عميقة

كان المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، يشكل قلب قصة نجاح «دانة الدنيا»، فقد كان يتمتع بنظرة عميقة وثاقبة، وطموحات تعانق السماء. وهو ما يؤكده لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في حديثه عنه، حيث يقول: «كان للشيخ راشد أيضاً مكتب عند خور دبي، يراقب من خلال زجاجه المظلل حركة السفن وحركة البضائع. كان يعرف السفن ويعرف أصحابها، حتى عندما كان بعض التجار الجدد يحاولون التهرب من دفع الرسوم الجمركية، كان الشيخ راشد يذكرهم بسفنهم الراسية وتجارتهم المزدهرة ويقول لهم: هذا حق الحكومة، فيتفاجأ التجار من معرفة الشيخ راشد بتفاصيل تجارتهم، فيزداد احترامهم وتقديرهم له».

شواهد

أينما وليت وجهك في دبي، ثمة شواهد تدلل على بصمات الشيخ راشد، رحمه الله. وفي سرده يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «بدأ والدي حكمه بالتركيز على خور دبي، وكان أهم مشروع بالنسبة له هو توسيع الخور وتعميقه وفتحه أمام السفن الكبيرة، وتمت العملية عبر الحفر داخل الرواسب الصخرية والرملية، ليصبح الخور أكثر عمقاً، واستقطب عدداً متزايداً من السفن وساهم في تعزيز التجارة». ويؤكد سموه أن ذلك زاد من شغفه نحو إنشاء المشاريع. ويقول: «امتازت فترة حكم والدي بكثرة المشاريع. وهذه هي فكرتي عن الحاكم، هو شخص يتحرك ويبتكر ويبني ويخدم الآخرين».

أسرار

دروس الشيخ راشد، رحمه الله، كانت مؤثرة في نفوس الجميع، وفي هذا السياق يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «تعلمت من راشد، أن القائد هو الشخص الأكثر نشاطاً والأقدر على تنفيذ المشاريع بكل كفاءة. تعلمت منه بأن كل درهم في دبي له قيمة كبرى ولا يتم صرفه إلا في مكانه الصحيح». ويتابع سموه: «أحد أهم أسرار تفوق دبي هي القيم التي أرساها الشيخ راشد في منظومة الحكم.. فعلاً، الحكم الصالح فيه صلاحُ البلاد والعباد».

Email