في الحلقة 24 من البرنامج الوثائقي الدرامي «قصتي»

«إعلان الاتحاد».. لحظة لا تجاريها لغة الكلمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

وراء ما حققه الاتحاد من رفعة ومجد لدولة الإمارات العربية المتحدة، عزيمة وإصرار كشف عن بعض تفاصيلها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عبر قصة «إعلان الاتحاد»، التي تحمل رقم 27 في كتاب سموه «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً».

والتي سُردت في 5 دقائق، لتشكل مضمون الحلقة 24 من البرنامج الوثائقي الدرامي «قصتي»، المستلهم من كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، ويعرض على شاشات تلفزيون دبي ومنصاته المتعددة. وقال سموه واصفاً ذلك الإنجاز وتلك اللحظات الفارقة في تاريخ الإمارات: «هناك لحظات سيكتبها التاريخ بمداد من الإنجازات، لحظات لا تجاريها لغة الكلمات. من تلك اللحظات لحظة إعلان اتحاد الإمارات».

فرصة تاريخية

عن ذلك الإنجاز التاريخي، قال سموه: «استمر العمل بكل جد وعزيمة لانتزاع لحظة تاريخية وحدوية حقيقية في مسيرة العمل العربي الطويل المليء بالأحلام والإخفاقات والعواطف الجياشة. استأنفنا سلسلة الاجتماعات الطويلة الرامية إلى تشكيل الاتحاد وتقرر عقد اجتماع المجلس الأعلى للاتحاد في أبوظبي في أكتوبر 1969 بحضور تسعة أعضاء من الاتحاد».

وأضاف: «تضمن جدول أعمال الاجتماع عدة نقاط كان منها انتخاب الرئيس، ونائب الرئيس، واختيار العاصمة الاتحادية، وتشكيل المجلس الوطني الاتحادي، كانت كل تلك المواضيع تستدعي جلسات حوارية مطولة واستشرافاً عملياً كي تؤتي ثمارها».

وتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «قال صاحب السمو الشيخ زايد في مستهل الاجتماع، لقد اجتمعنا اليوم في أبوظبي وأمامنا فرصة تاريخية، نستطيع مواجهة كل ما يحمله المستقبل من غموض، ودعونا لا ننسى الثمن الذي سنتكبده إذا أخفقنا في اغتنام الفرصة السانحة أمامنا. مهدت تلك الكلمات لاجتماعات مثمرة.

حيث تم انتخاب الشيخ زايد رئيساً والشيخ راشد نائباً للرئيس، كما انتخب ولي عهد قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني رئيساً لمجلس الوزراء، وتم إعلان أبوظبي عاصمة مؤقتة للبلاد».

ثم تطرق سموه إلى مصير الاتحاد التساعي قائلاً: «ما كان من البريطانيين إلا أن أفسدوا تلك الحالة من النشوة عندما أرسلوا إلى المجلس بياناً، سلمه المقيم السياسي في البحرين ستيوارت كروفورد.

انتاب الغضب بعض المشاركين في الاجتماع وغادروا الغرفة». وأوضح سموه: «ذهبت كل الجهود سدى، وبينما كنت أراقب الجلسة وهي تتداعى أمامي، أذكر أنني نظرت إلى يدي المطبقتين على حجري، ذلك يعني أن أمامي 24 شهراً فقط قبل انسحاب بريطانيا،.

وكان لا بدَ لي من التفكير في احتمالية أن تكون دبي بمفردها. لم أكن لأرضى بذلك إطلاقاً، لكن واجبي كان يحتم علي الحفاظ على أمنها، فكان علي بذل جهد أكبر من أي وقت مضى في بناء قوة الشرطة وقوة دفاع دبي».

التمهيد للاتحاد

قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «بدأ الحلم يتلاشى أكثر فأكثر عندما أعلنت قطر في الثاني من أبريل 1970 دستوراً، وتم تشكيل مجلس للوزراء، قبل أن تعلن في 3 سبتمبر 1971 استقلالها عن بريطانيا رسمياً. عندما لم يروا أملاً في الاتحاد، أقدموا على تلك الخطوة الجريئة، وتبعتهم في ذلك البحرين عندما قررت المضي قدماً وحدها.

وفي 14 أغسطس 1971، أعلنت البحرين استقلالها متقدمة بطلب الاعتراف بها كدولة لدى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وكنا نحن الإماراتيين أول المهنئين، إن لم يكلل الاتحاد بالنجاح، فلا شك أن جميعنا كنا سنواجه هذا المستقبل؛ لأنه كان الخيار الوحيد كي لا تبقى سيادتنا منقوصة».

وأوضح سموه: «خلال شهري أبريل ومايو من عام 1971 عملت أنا وإخوتي دون كلل أو ملل لتشكيل الاتحاد، الذي يجمع الإمارات السبع. وبالطبع واجهتنا بعض الانتكاسات كما حدث في 10 يوليو 1971 خلال اجتماع مجلس الإمارات المتصالحة في دبي، والذي حضرته مع الشيخ مكتوم، حيث أصرت بعض الإمارات على ترتيبات تعطيها استقلالية واسعة، استمرت المحادثات المطولة على مدى ثمانية أيام».

إعلان الاتحاد

وقال سموه: «في الثاني من ديسمبر عام 1971 اجتمع حكام أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين، في قصر الشيخ راشد بدبي، وفي جلسة مغلقة، انتخب الحكام بالإجماع الشيخ زايد رئيساً والشيخ راشد نائباً للرئيس، وأخي الشيخ مكتوم، ولي عهد دبي، رئيساً للوزراء، وتم إصدار بيان تاريخي نص على التالي:

في هذا اليوم الخميس، الموافق الثاني من ديسمبر عام 1971، وهنا في إمارة دبي اجتمع حكام أبوظبي ودبي والفجيرة بصفتهم موقعين على الدستور المؤقت لدولة الإمارات العربية المتحدة، في جو مفعم بالعواطف الأخوية الصادقة والثقة المتبادلة والعزيمة الثابتة، من أجل تحقيق طموحات الشعوب في هذه الإمارات، وأصدروا إعلاناً سوف تسري بموجبه شروط الدستور آنف الذكر منذ هذا التاريخ».

وتابع سموه: «ثم تابع الحكام اجتماعهم تحت مسمى المجلس الأعلى للاتحاد، وسيعقد المجلس اجتماعه الثاني في أبوظبي يوم الثلاثاء السابع من ديسمبر 1971». وأضاف سموه: «نعم ما زلنا نرحب بأي دولة عربية ترغب بالانضمام، لأننا نؤمن بأن طريق الاتحاد هو طريق خير وازدهار وقوة للشعوب، وحتى إن لم نتوحد على الأرض فلم لا تتوحد القلوب؟».

واختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قصته بالإشارة إلى مسؤوليته المبكرة، إذ قال: «في 16 ديسمبر 1971 ذهبت مع الشيخ مكتوم، رئيس الوزراء، إلى أبوظبي لحضور أول اجتماع للمجلس في ظل حكومته الجديدة التي عُينتُ فيها وزيراً للدفاع. كنت أصغر وزير للدفاع في العالم، كنت أبلغ من العمر 22 عاماً، وكانت أمامي مهمة كبرى في بناء قوة رادعة لهذا الاتحاد الوليد».

Email