استطلاع «البيان» الأسبوعي:

إدراج «الغناء الشعبي» في المناهج.. بين الضرورة والجدوى

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتنوع التراث الفني الإماراتي بأدائه التعبيري الجماعي والفردي، وهو فن يرتبط بتاريخ وعادات وتقاليد المكان وقِيَمِه، ولأن دولة الإمارات اليوم منفتحة على العالم وتتقبل الفنون الأخرى، فلا بد من تكريم فنوننا بانتشارها خارج نطاقها العربي والغربي، وقبل المشاركات الفنية في مهرجانات خارج الدولة، فإنه أولاً علينا تعزيزها من خلال المناهج الدراسية، تماماً كما تفعل مدارس العالم في حصصها الدراسية الفنية وتعليم أبنائها آلاتها وتاريخ نشأتها وطريقة استخدامها وعزفها، وكما هي الآن في المدارس الخاصة المنتشرة بالدولة؛ وفي استطلاع «البيان» الأسبوعي، الذي طرح سؤالاً: «هل تؤيد إدراج فن الغناء الشعبي في المناهج الدراسية؟» أجاب 21 % من المشاركين على موقع «البيان» الإلكتروني بنعم، بينما أجاب 79 % بلا، في حين جاءت النتائج مقاربة على «تويتر»، حيث أجاب 20 % من المشاركين بنعم، في حين أجاب 80 % بلا.

توجيه

قال الملحن ومستشار الفنون في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث الفنان إبراهيم جمعة: من المهم جداً الاهتمام بهذا الموروث في «تنويته»، وتعريف مقاماته وأوزان إيقاعاته، وإدراجه في مناهج الدولة، ليكون حصة أساسية ومن ضمن حصص المناهج الأخرى ليقتصر على الأغاني التوجيهية إلى الطفل، من خلال اللحن الشعبي والإيقاع الإماراتي المتعلق بالموروث، وذلك من خلال كتابة «الإسكتش» أي وضع مخطط أو رسمه على حسب مراحل دراسته، فلكل مرحلة من مراحل الفصول الدراسية لها أدواتها بشأن النوتة ومنهجة الفن، حتى المرحلة الثانوية، فإن تخرج وأراد التخصص في كليات الموسيقى وفي أية جامعة من جامعات العالم فإنه يمتلك الثقافة الكاملة ليؤهله هذا التخصص في جميع أنواع الفنون الأدائية.

ويؤسفني كموسيقي وفي يومنا هذا عدم وجود مناهج موسيقية في مدارس الدولة، سوى في المراحل الابتدائية الأولى على ما أظن، لكنني أكرر النداء بهذا المنهج وفي جميع المراحل الدراسية، لأنه من الضروري جداً الاهتمام بخلق جيل موسيقي ذي عقلية مثقفة يعمل على الارتقاء بالأغنية الإماراتية لتكون في مصاف دول العالم، عن طريق الأغاني والأوبريتات في النشاط المدرسي.. ونابعة من هوية المكان وتضاريسنا المتنوعة وعاداتنا وتقاليدنا، فالموسيقى تترجم أصالة المكان والطبيعة والإنسان وتحضره وبشكل متسع، وليته يتحول اليوم إلى منهج مدروس، حتى يستمر ويواكب الزمن والعصور الآتية.

خصوصية

وعلق الملحن والموسيقار الإماراتي عيد الفرج في هذا الشأن قائلاً: منهجة التراث الغنائي والموسيقي في مدارس الدولة وتعليمه، كان مطلباً فيما سبق، لكن لاحظنا بأنه صعب التنفيذ، لأن النظام في المدارس غير مستقر بسبب التجديد المستمر في كافة المناهج، ولأن المعلم الآتي من الخارج لا يستطيع فهم تراثنا الغنائي وتوصيل المعلومة بشكل صحيح، وهذا الأمر طبيعي، فهذا ليس لونه ولا اختصاصه، ولم يعايشه، والفنون الشعبية معايشة وممارسة. إذن علاج هذا الأمر يكمن في إخضاع المعلمين الوافدين بدورات مكثفة في هذا المجال، فمن خلال تجربتي مع معلمين وافدين لم ألاحظ معرفة هؤلاء بموسيقانا لأنهم مدرسون مبرمجون في كليات التربية الموسيقية حسب مناهجهم في بلدانهم. أما الحل الآخر وأنا كموسيقي أُفَضّله، وهو إحلال وتعيين معلمين مواطنين ولكن بعد ابتعاثهم لدراسة الموسيقى، لأن التراث في دمه ونشأته، وبالتالي يستطيع توصيله وبشكل صحيح.

والحقيقة أنني أتعجب حتى اليوم عدم وجود كلية للتربية الموسيقية في أية جامعة من جامعات الدولة، لتبقى العملية بحاجة إلى استراتيجية لدى وزارة التربية والتعليم، ولكن علينا أن نعي تماماً بأن الاستراتيجيات تحتاج إلى زمن للتنفيذ وليس بالسرعة التي يريدها المديرون في مواقعهم، فهو ليس مهرجاناً أو نشاطاً بل منهجاً نبني عليها عقول أجيال قادمة، ولتبدأ هذه الاستراتيجية أولاً بوضع ميزانية لوضع المختصين للمنهج، وميزانية أخرى لتأهيل المعلمين الأكفاء، وذلك قبل ضياع هذا التراث الفني الذي هو في سياق طبيعي لمجتمعنا.

Email