إبراهيم الكوني: التاريخ يعيد نفسه دائماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الروائي الليبي إبراهيم الكوني، أن التاريخ يعيد نفسه دائماً، وقال: لهذا السبب يخيل إلي أن «هيرودوت» لم يخطئ عندما خصص كتابه الرابع عن ليبيا، وكان الوحيد الذي سماه بالتراجيديا، لأنه تنبأ، أو ربما روى، أن هذه الثروات التي حظيت بها ليبيا، كانت دائماً لعنة بحقها. جاء هذا خلال الأمسية الافتراضية التي نظمها صالون الملتقى الأدبي، مساء أول من أمس، لمناقشة رواية «سلفيوم» للكوني، بمتابعة الشيخة د. شما بنت خالد بن محمد آل نهيان، وعدد كبير من الأدباء والمثقفين، بجانب عضوات الملتقى.

في مستهل الأمسية، قالت أسماء صديق المطوع مؤسسة ورئيسة صالون الملتقى الأدبي: تسافر بنا الرواية في المكان إلى الشمال الأفريقي، تحديداً إلى «قورينا»، إحدى الحواضر العظيمة في السابق، حيث البرزخ الفاصل بين الصحراء والبحر. وتنتقل بنا في الزمان إلى تاريخ اكتشاف الكنز المشؤوم، وما جلبه للمنطقة من متاعب، لتحتضن اللغة الأدبية للكوني، الواقع بكل رحابة، وتمزجه مع الميثولوجيا. وأوضحت: «سلفيوم» رواية تمزج بين الفلسفة والحب والحرب، والتملك والتسامح والاغتراب.

استعراض الملاحظات

أما الروائي إبراهيم الكوني، الذي كان قد وصف روايته بـ «عشبة الفناء والخلود»، فقد استعرض العديد من الملاحظات على هامش الرواية. وقال: عند عودة «أوليس» بطل «الأوديسة» من طروادة، وتيهه 10 سنوات متتالية، قبل أن يمر بليبيا، فجلس هناك، وأكل وجبة سماها «اللوتس»، وهي غير زهرة اللوتس. وكل من يأكل من هذه الوجبة، ينفى من وطنه. وأضاف: يقول لنا التاريخ، في إحدى الفتوحات الإسلامية، جلس أحد القادة إلى جوار أحد شيوخ، وسأله متعجباً، من أين لكم كل هذه الثروات التي لا تنضب، فانحنى الشيخ على الأرض، والتقط نواة حبة زيتون، وقال له هذا هو سر ثرواتنا التي لا تنضب. وتابع الكوني: ثم حدث أيضاً في القرن 16، أن نزل بحارة إلى شواطئ طرابلس، واستضافهم أحد أكبر التجار في ليبيا، وعندما قدم لهم الوليمة، نثر عليها الجوهر، إمعاناً بالثراء. بعدها ذهبوا وأخبروا سادتهم، فدخلت الأساطيل واحتلت ليبيا نحو 100 عام.

مجتمع الأمومة

الروائي الليبي الحائز على العديد من الجوائز العربية والعالمية، منها جائزة الشيخ زايد للكتاب «فرع الآداب» أوضح بالقول: المسألة ليست في الثروة في هذه الرواية بالذات، إنما أن اليونانيين قدموا إلى ليبيا بعقلية النظام الأبوي، فارتبط الصراع ما بين النظام الأبوي، الذي يعتمد العضلات والعنف، وبين نظام أمومي، ما زال يعتمد حق الأمومة منهج الأنوثة منهج السلم، ومنهج المرونة في مسلكه الوجدي. وقال الكوني: كان هيرودوت، عندما يتحدث، إن كل ذخيرة اليونان الدينية والعادات، إنما هي مستمدة من ليبيا، وهذا يعني أن اليونانيين جاؤوا من ليبيا. وأوضح: المجتمع القديم كله مهاجر، والأمومة استطاعت أن تكون نواة المجتمع المستقر، الذي كان في البدء أمومياً، فالمجتمع الليبي القديم، والمجتمع المصري القديم أيضاً، حافظ على هذه الأمومية. وأضاف: نلاحظ أن مجتمع الأمومة، الذي ما زال يتبعه الطوارق، أن أهم القيم الأخلاقية والدينية والوجودية، هي أمومة.

وأردف: العقيدة الأمومية، أثرت في علاقة بطل الرواية بالوافدة، والمجتمع كان شعرياً، بسبب الأمومة فقط. وأوضح: لهذا السبب، عندما ترملت المرأة في حرب السبعة آلاف شهيد، كما يوردها هيرودوت، حاول أن يتخذها البطل زوجة له، وأصبح في حالة صراع ناجم عن عقيدته، بأن المرأة يجب أن تقدس، لهذا تحولت في يقينه إلى معبودة.

Email