السير الذاتية.. حضور وجداني وغياب درامي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«حاضرة في وجدانها، ولكنها غائبة عن خريطتها»، قد يكون ذلك توصيفاً لائقاً لدراما السير الذاتية، في الإمارات، التي تزخر بشخصيات عدة، بعضها كان له كلمة في الحكم، وأخرى سال مدادها غزيراً في بحور الشعر والفكر، وثالثة لا تزال ذاكرة المجتمع تضج بأصواتها وما تركته من أثر في جدران الحياة، جلها لأناس تستحق ترجمة سيرها الذاتية على الشاشة الصغيرة، لتكون بوصلة للأجيال الحالية والمقبلة، لمعرفة مدى تأثير هذه الشخصيات في تكوين المجتمع المحلي.

هذه الدراما سبق لها أن جربت في الإمارات، عبر مشاهد «الماجدي بن ظاهر»، وأخرى لم يكتب لها أن تبصر النور، لتفتح عيوننا على أهمية هذه النوعية من الدراما، التي عادة ما تقابلها التحديات، وتخضع للنقد، وتتأرجح بين معارض ومؤيد لها، حيث يحاكمها الناس، بناءً على مدى معرفتهم بالشخصية المطروحة.

وبلا شك أن نجاح دراما السير الذاتية، يظل مرهوناً بطبيعة الشخصية وثرائها، وطريقة صياغة نصها الإبداعي، الذي يمكن عبره تحديد الملامح الخاصة بالسيرة، كل ذلك وضعته «البيان» على الطاولة، لمعرفة سبب عدم الالتفات إلى دراما السير الذاتية.

يؤكد الفنان أحمد الجسمي، في حديثه لـ «البيان»، أن «الإمارات تزخر بشخصيات عديدة، قدمت الكثير للوطن والفكر والمجتمع، تستحق ترجمة سيرها الذاتية على الشاشة».

وقال: «هناك شخصيات مؤثرة، وبالذات من تولوا الحكم في الدولة قديماً، وعلى رأسهم المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي لا تستحق عملاً واحداً فقط، وإنما أعمالاً عديدة، تكون قادرة على رصد مسيرتهم وحياتهم وتأثيرهم في المجتمع، وكذلك الأحداث التي مروا بها، وهناك شخصيات أخرى، مليئة بالحكايات والأحداث التي جعلت منهم مؤثرين في وسطهم العائلي والمجتمعي أيضاً، وبالطبع، لا يمكن في هذا الإطار، استثناء الشخصيات التاريخية التي عاشت في الإمارات».

حكايات

وركز الجسمي على كم الحكايات التي وصلتنا عن هذه الشخصيات، لا سيما التاريخية منها، حيث قال: «علينا أن ندرك أننا نواجه إشكالية مهمة، تتمثل في فقداننا لبعض الحكايات والتفاصيل اللازمة لصنع الحدث، ولصياغة دراما سيرة ذاتية مكثفة، لبعض الشخصيات»، ضارباً مثلاً بشخصية الشاعر «الماجدي بن ظاهر»، حيث قال: «الماجدي بن ظاهر، من الشخصيات التي نفتخر بها كشاعر وحكيم، وسبق أن قدم للدراما التلفزيونية، ولكني أرى أنه من الظلم، أن تقدم الشخصية على مدار 30 حلقة، ونحن في واقع الأمر لا نمتلك من الحكاية إلا ما يوازي 10 حلقات»، وتابع: «علينا ألا نظلم الشخصية، عبر تقديمها بهذا الكم من الحلقات، طالما لا نمتلك تفاصيل الأحداث التي مروا بها، والأجدر في هذه الحالة، أن يتم تكثيف المادة الدرامية في 10 حلقات، أو «سباعية»، إن تطلب الأمر».

وقال: «باعتقادي أنه يجب على الجهات الإعلامية في الدولة، التدخل بكل ثقلها، عند تقديم سيرة حياة أي شخصية فذة ومؤثرة في المجتمع، وأن تتصدى لمثل هذه الأعمال، بحيث يتم التخطيط لها بعناية، ورصد كل ما تحتاج إليه من إنتاج، ولا ضير من الاستعانة ببعض التقنيين أو الفنيين من الخارج، لتقديم الشخصية بالطريقة التي تستحقها».

الجسمي خرج في حديثه من حدود الإمارات، نحو المنطقة العربية والتاريخ الإسلامي.

وقال: «لدينا العديد من الشخصيات العربية التي أثرت في التاريخ الإسلامي والعربي، وكذلك الأدب العربي، مثل الأديب نجيب محفظوظ، وهو «سيد الرواية»، وغيره، وعلينا الالتفات لها، بحيث نقدم عبرها للأجيال الحالية والمقبلة، جرعة معرفية دسمة، تسهم في توضيح مسيرة هذه الشخصيات وتأثيرها».

حياة

تمنى الفنان ياسر النيادي، رؤية هذه النوعية من الأعمال في الدراما الإماراتية. وقال: «نحن نحتاج بالفعل إليها، كونها توثق لسير وحياة أناس تركوا أثراً بالغاً في مجتمعنا، ولدينا في الإمارات شخصيات تستحق أن تترجم سيرها، بمشاهد بصرية جميلة، لتعريف الأجيال الحالية والمقبلة بها».

وأضاف: «مع وجود كم كبير من الشخصيات التي أثرت المجتمع بعطائها، أعتقد أنه يجب علينا، كصناع للدراما الإماراتية، التفكير جدياً بـ «دراما السير الذاتية»، وتوجيه بوصلتنا ناحيتها»، مبيناً أن «إشكالية هذه الدراما، لا تكمن فقط في الجدل الذي قد ينشأ على إثرها، سواء من الجمهور أو المقربين من الشخصية، وإنما تتسع لتشمل أيضاً طريقة كتابتها».

وقال: «هذا النوع يتطلب بحثاً وقراءة عميقة في وجدان الشخصية، وجهداً كتابياً مختلفاً، يراعي الدقة، والمرحلة الزمنية التي عاشت فيها الشخصية».

Email