كل عمل مبدع في الحياة أو اختراع ضخم، يبدأ من فكرة، بما فيها العمل الفني، الذي يستند إلى فكرة ويبرز الفنان، من خلال أدواته هذه الفكرة، ولكن بإنجاز مثل الفن الذي يرتبط بالجمال لا بد من السؤال إلى أي مدى يستخدم الفنان فكرته على حساب الجمال المطلق في العمل، وهل بدأ ينحسر ارتباط الجمال بالفن في الأعمال التشكيلية الحديثة.

حول هذا الموضوع تحدث عدد من الفنانين التشكيليين مؤكدين لـ«البيان» أن الفكرة أهم من الناحية الجمالية، لأنها توصل المشاعر الإنسانية، والهدف الحقيقي من الفن.

نسبية

قالت الفنانة د. نجاة مكي: الجمال نسبي والفكرة هي الأساس، خاصة عندما تكون من إحساس وشعور داخلي تكون أقوى. وأوضحت: يجب قراءة ما وراء الجمال، فهو ليس كل شيء براق، إن نظرنا في أعماقه نرى أشياء أخرى: فالجمال نسبي ومتغير، والزهرة الجميلة قد تكون سامة.

وبينت مكي: بالنسبة لي أصور الجمال من خلال شعوري بالشيء، وليس من خلال جماله الذي انعكس لي، وأصور هذا الشيء مثل العلاقات الإنسانية، عندما أشعر بداخل الآخر كونه إنساناً في معنى الإنسانية، وأصور بمعنى الإحساس والشعور الذي لا يكذب. وأوضحت: لو صورت الجمال فقط، فإني أضحك على نفسي؛ لأنه قد يكون فارغاً وخالياً من الإحساس العميق.

تكوين

قال الفنان عبدالرحيم سالم: أحاول أن أركز على الفكرة أولاً، فالفكرة تكون مبسطة، ولكن عندما أعمل تكون أعمق، والجمال شيء مهم في تكوين بديهيات من العمل الفني، لكن ليس لدرجة أن يطغى على عنصر الفكرة.

كما أن الفكرة أساسية والمضمون يكون من خلالها، تكون الجمالية مفيدة أيضاً، لكن يوجد بعض الفنانين يهتمون بالجانب الجمالي أكثر. وأضاف: الحرفيون يجيدون استخدام اللون والتكوين، ويسعون لإبهار المشاهد بالقدرة الموجودة لديهم.

رسالة

أوضح الفنان جلال لقمان: ليس من المهم أن يكون العمل الفني جميلاً، وهذا هو الفرق بين العمل الفني وبين العمل الحرفي، الذي قد يكون أجوف خالياً من المعنى. وإذا كان العمل فنياً فليس مهماً الجمال، إذا كانت الرسالة التي يريد الفنان أن يوصلها موجودة، ضمن قالب جميل.

وقال لقمان: إذا فكرنا بالجمال فقط قد نخسر القيمة الفنية، والدليل عندما نمشي بشوارع أوروبا وأمريكا، نجد في الشوارع رسامين يرسمون «برج إيفل» أو «الجندول» أو غير ذلك، ولكن هذا ليس عملاً فنياً بل حرفة.

وتابع: يحمل الفن التشكيلي معنى أكثر مما تراه العين حتى لو كان محتوى اللوحة مجرد حمامة بيضاء، فنحن ننظر إلى المعنى الذي تحمله هذه الحمامة، وهناك فنان أطلق معنى السلام على هذا الطائر فأصبح رمزاً. وختم بالتأكيد أن الجمال ليس مهماً في العمل الفني بل المعنى الذي يحتويه.

أفكار

من وحي تجربته كونه قيماً فنياً قال الفنان ناصر عبدالله: هناك أكثر من شكل من أشكال التقييم الفني، فهناك مؤسسات معينة تطلب من القيم الفني أن يعمل على فعالية أو برنامج، ويطلبون منه أن يشرف على المعرض، فيجمع بدوره الفنانين الذين يشتغلون على هذه الفكرة. ولو تكلمنا على البيئة فإني أعمل كوني قيماً على جمع فنانين على أفكار قريبة وأطورها للوصول إلى التوليفة المناسبة.