القصة .. «ضحية» الجوائز الروائية وغياب الاهتمام الإعلامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر شيخة الناخي رائدة القصة القصيرة في الإمارات، وتعد مجموعتها الأولى «الرحيل»، الصادرة عام 1970، أول مجموعة قصصية تنشر في الإمارات.

ومنذ ذلك الحين ظهر العديد من المبدعين الرواد الذين أثروا بإبداعاتهم الساحة الثقافية في الدولة.

لكن العطاء في هذا الجنس الأدبي الجميل تراجع لصالح الرواية، بالأخص مع بداية الألفية الجديدة، التي غابت فيها إبداعات الكتّاب المؤسسين للقصة الإماراتية، وطغت الإصدارات الروائية على المشهد الإبداعي.

حول هذه المعضلة تحدث عدد من المسؤولين والكتّاب، وأكدوا أن الجوائز الروائية والاهتمام الإعلامي الذي تركز على الرواية وغيّب القصة القصيرة، كان سبباً في تراجع الإبداع في حقولها. كما اقترحوا من خلال «التحقيق» الذي أجرته «البيان» عدة حلول ليسطع شمس القصة مرة أخرى.

اهتمام مبكر

معالي حميد محمد القطامي، مدير عام هيئة الصحة في دبي، كان قد نشر «تغريدة» على حسابه في «تويتر» ذكر فيها «حظيت القصة القصيرة الإماراتية بازدهار في الثمانينات، فكان أخي الأديب محمد المر قاصاً رائعاً وعبد الحميد أحمد وسلمي مطر ومريم جمعة وشيخة الناخي وغيرهم ممن مثلوا نهضة لهذا الأدب الجميل، لكن يكاد يختفي هذا الحضور فدعونا مرة أخرى نعزز القصة القصيرة الرائعة في نفوس أجيالنا».

وذكر القطامي في حديثه لـ«البيان» بالخصوص: توجد محفزات كثيرة للرواية مثل الجوائز.. ولكنها لا تتوافر للقصة. وأشار إلى أن المخيلة تختلف بالكامل بين الرواية والقصة القصيرة. وقال: يجب أن تنهض القصة من جديد، من خلال إنشاء جوائز تختص بها، والاحتفاء بكتابها.

الترويج للرواية

من جهته، قال الناقد عبد الفتاح صبري: المتابع للساحة الثقافية الإماراتية يجد أن البداية كانت بالقصة، وهذا طبيعي في سياق تطور الآداب والفنون بعالمنا العربي، حيث كانت القصة أسبق دائماً. وأضاف: القصة الإماراتية بدأت على يد شباب وجدوا متنفساً لهم ولإبداعاتهم في النوادي الرياضية الثقافية، وقد كانت البداية بالقصة ليس لأنها جنس سهل، ولكن لتوافر أدواتها التعبيرية أولاً.

وثانياً لأن الرواية فن يحتاج لخبرات حياتية وتراكمية لم تتوفر للجيل الذي أسس للأدب وواكب قيام الدولة.

وأشار إلى أن القصة الإماراتية كانت فنياً متمكنة وتمتلك سيراميك الفن وعنصره ولغته، وازدهرت بعقد الثمانينات. وأوضح صبري: برزت أسماء مهمة أسست لهذا الفن، وأخرى رفدته بقصص ناضجة، في الوقت الذي كانت الرواية ما زالت تتأمل وتعيش مخاضها الأول.

وأوضح صبري: المؤسسون لحركة النشر توهموا خطأً أن الرواية جنس يغني عن سواه وروّجوا هذه الفكرة وساندهم الإعلام في ذلك، فانهمرت آلة الطباعة بعشرات الروايات، مع انتشار مسابقات وجوائز ومنتديات وملتقيات تختص حصراً بالرواية فبدا أن الرواية تزدهر، وأن القصة تتوارى.

استسهال الكتابة

القاص إبراهيم مبارك الذي بدأ بكتابة القصة منذ السبعينات، قال: عندما بدأت بالكتابة بدأت بهم اجتماعي بالوعاء المتوفر، فقد كانت أجيالنا تلقي الضوء على مسألة ما أو تنتقد ظاهرة معينة أو تكتب للحفاظ على بعض المظاهر من الضياع. وأضاف: حدثت فيما بعد تطورات غير طبيعية وانجراف اجتماعي، حيث الأشخاص بدأت تنتمي لذاتها، والتسويق يشتغل بطريقة تجارية، عبر الدعاية والتسويق للرواية.

وأوضح مبارك: شكلت الجوائز جانباً في بروز الرواية بجانب الاستسهال، إذ يوجد من استسهل كتابة الرواية بكلام مفتوح لا نتيجة له ولا فكر ولا مغزى للعمل، بل هو حكايات الحارة أو تجارب شخصية أو تجارب غير واقعية، ولا يوجد أسئلة وهو ما نراه أيضاً في الدراما التلفزيونية.

وأشار مبارك لصعوبة كتابة القصة. وذكر: القصة تحتاج لتنسيق وفكرة ضمن مساحة صغيرة لتثير الأسئلة وتبحث عن حل.

صدى

الأديب حارب الظاهري الذي أصدر مجموعتين قصصيتين الأولى «مندلين» عام 1995، قال: لم تتوقف كتاباتي بمجال القصة القصيرة، رغم أني اتجهت لكتابة الرواية بعد أن اقتصرت تجربتي على كتابة القصة. وأضاف: قبل إصدار الرواية أصدرت مجموعات شعرية، ولدي الآن مجموعة قصصية جاهزة للإصدار.

وأشار الظاهري إلى أن الإقبال على الرواية اختلف عن قبل. وأوضح: اتجه الأدباء إلى كتابة الرواية للصدى الذي تلقاه في الإعلام، والاهتمام من قبل النقاد. وأضاف: الجوائز جعلت البعض يتجه للرواية، والمبدع كما هو معروف يحتاج إلى الإبداع لتحفيزه، وهو ما يجعل الروايات تلقى اهتماماً بالساحة الثقافية. بالنسبة لي أجندتي واضحة تجاه الرواية كمحرك لأي جنس أدبي، بعيداً عن الجوائز، وبذات الوقت لم أتخلَ عن القصة.

Email