علي الأحمد: تعاون الإمارات مع اليونسكو والعراق في المشروع يعكس حرصها الدائم على تعزيز روح التسامح والمحبة والتعايش العالمي

مندوب الإمارات الدائم لدى اليونسكو: «إحياء روح الموصل» رسالة تضامن في وجه الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

شواهد حضارية كثيرة تعكس برمزيتها روح التسامح والتعايش العالمي، دمرت على يد تنظيم داعش في المنطقة، خلال السنوات الماضية، خاصة في مدينة الموصل العراقية، والتي سارعت دولة الإمارات إلى الإسهام النوعي في إعادة ترميم معالمها وشواهدها الحضارية الأبرز، وبذل أقصى الجهود في الصدد ضمن إطار مشاركتها في مشروع «إحياء روح الموصل»، الذي يشمل عملية ترميم جامع النوري ومنارته الحدباء وكنيستي الساعة والطاهرة بمدينة الموصل.

وذلك بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، والحكومة العراقية، وهو ما أكد السفير علي الأحمد، مندوب الإمارات الدائم لدى منظمة اليونسكو في باريس، أخيراً، خلال حديثه مع إذاعة مونت كارلو الدولية، أنه يعكس حرص الإمارات الدائم على تعزيز روح التسامح والمحبة والتعايش العالمي، مشيراً إلى أن الإمارات تمثل بيئة تعايش مثالية في العالم، حيث تضم بداخلها أكثر من 45 كنيسة والعديد من المعابد.

ثروة ثقافية
في حديثه أشار علي الأحمد إلى أن جامع النوري ومنارته الحدباء، ثروة ثقافية وتاريخية ليس للمسلمين وحسب، وإنما إرث تاريخي للحضارة الإنسانية. وقال: «إعمار جامع النوري، جاء من ضمن مشروع إحياء روح الموصل، والذي بدأ في 2018، أي بعد مرور عام على تحريرها». وأضاف: «هناك لجنة توجيهية مكونة من 16 عضواً، يمثلون الحكومة العراقية والجهات المسؤولة في العراق.

بالإضافة إلى اليونسكو، وعدة خبراء لإحياء روح الموصل بعد الغزو الذي تعرضت له». ونوّه الأحمد إلى أن المشروع يمر بمراحل عديدة، بدءاً من تهيئة الأرضية نفسها، ومعرفة طبيعة المواد المستخدمة في المشروع، كما أشار أيضاً إلى عملية تأمين المنطقة، قائلا أن هذه العملية تتم بالتنسيق بين اليونسكو والإمارات والحكومة العراقية.

ترميم وتأهيل
مشروع إعادة ترميم وتأهيل مدينة الموصل لم يكن قاصراً على حدود جامع النوري ومنارته، وإنما يتسع ليشمل أيضاً كنيستي الساعة والطاهرة. وفي هذا السياق، قال الأحمد: «المشروع يضم أيضاً كنيسة «الساعة» التي تعد الأشهر في مدينة الموصل على الإطلاق، حيث يعود بناؤها إلى أواخر القرن التاسع عشر، وفيها برج شهير، فيه ساعة قدمت هدية من زوجة الإمبراطور نابليون الثالث في فرنسا.

كما يضم أيضاً كنيسة «الطاهرة»، والتي تمتلك أهمية كبيرة في تاريخ العراق». وقال: ه«ناك بعض المناطق تحتاج إلى هذا الاهتمام، خاصة تلك التي استباحها تنظيم داعش، خلال احتلاله لها لسنوات، فمثلاً هذه الكنائس دمرت بالكامل، وكذلك جامع النوري أيضاً، وبتقديري أن العراق ومدينة الموصل هي الأحوج حالياً لمثل هذه المشاريع، بحكم تاريخها العريق».

سلام وتعايش
مضي الإمارات في عملية ترميم وإعادة بناء الكنائس التاريخية المدمرة في مدينة الموصل من شأنه أن يعزز من السلام والتعايش بين المسلمين والمسيحيين في المنطقة والعالم، وفي هذا الصدد. قال الأحمد: «التعايش في البلاد العربية كلها لمدة قرون ومن دون قلاقل أو مشكلات، لا يمكن أن تمحيها سنوات داعش بسهولة، وهناك تجارب عديدة للتعايش السلمي في المنطقة، مثل النموذج ألإماراتي.

حيث يوجد لدينا اليوم أكثر من 45 كنيسة ومعبداً لجميع الطوائف». وأضاف: «هناك كنائس بالإمارات بنيت قبل 30 أو 40 عاماً من قيام الاتحاد، وبتقديري أن المهم يكمن في كيفية بيئة التعايش»، وضرب الأحمد مثلاً في زيارة بابا الفاتيكان إلى الإمارات العام الماضي، وإقامة قداس حضره 120 ألف مصلّ مسيحي، في استاد زايد الرياضي. وقال: «في تصويري هذه تعد رسائل سلام وتعايش بيننا وبين غير المسلمين».

أزمة «كورونا»
الحديث مع الأحمد، لم يكن يمضي من دون الإطلالة على المشهد الثقافي وتأثره بأزمة فيروس «كورونا»، حيث أكد في هذا السياق، أن «كورونا أثر على المشهد الثقافي».

وقال: «هناك تأثر، ولكن متحف اللوفر أبوظبي وبقية المتاحف في الدولة سيعاد افتتاحها بشكل كامل في 24 الجاري، ولكن الجانب الحسن في هذا الموضوع يكمن في زيادة الزيارات الافتراضية لهذه المتاحف، حيث أصبح لدى الناس تقدير أكبر لها وما تضمه من آثار، وهو ما انعكس إيجاباً على المتاحف خلال فترة الحجر الصحي».

تأثير «كورونا» لم يكن قاصراً على المشهد الثقافي، وإنما امتد أيضاً ليشمل القطاع التعليمي، حيث أكد الأحمد أن «التعليم عن بعد» أصبح جزءاً رئيسياً من التعليم، بعد أن كان سابقاً من باب الرفاهية. وقال: «تجربة الإمارات في التعليم عن بعد، لكل المراحل، كانت ناجحة وذلك بفضل البنية التحتية الرقمية الموجودة فيها، والتي ساعدت على أن يكون التحول نحو التعليم عن بعد سريعاً وسلساً.


وفي السياق ذاته، تطرق الأحمد إلى مبادرة تحدي القراءة العربي التي أطلقت في 2015. وقال:»هذه المبادرة جاءت لإحياء عادة القراءة لدى الطلبة العرب، ورفع مستوى الوعي المعرفي لديهم، وبلا شك أن الأرقام التي حققتها المبادرة كانت مشجعة للغاية، حيث شاركت فيها أكثر من 44 دولة، و52 ألف مدرسة، و87 ألف هيئة تدريس، كما شارك فيها الملايين من الطلبة العرب، وباعتقادي أن هذه واحد من النجاحات التي يجب أن نلقي عليها الضوء".

Email