رسالة إلى «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن البلاء وإن طالت إقامتهُ

لا لن يظلَّ ولن يبقى إلى الأبدِ

 

لابدّ لليلِ أن يطوي دياجِيَهُ

فالنور يعقبه في الفجر كالرصدِ

 

يقلّبُ اللهُ أمرَ الخلق أجمعِهِ

في اليسرِ والعسرِ والسرَّاء والكَبَدِ

 

مشيئةُ الله أمرٌ لا مردَّ لهُ

قد جلَّ سبحانه من واحدٍ أحدِ

 

ضاقت مسالكها واستحكمت وغدت

كالجمرِ حراقة من شدة الوَقَدِ

 

يا رحمةَ الله للأكوانِ نازلةً

للأنسِ والطيرِ والأشجارِ والصلدِ

 

رحماننا ورحيمُ القوم قاطبةٌ

أعظمْ به رحمةً أحلى من الشَّهَدِ

 

يا رحمةً شملت كلّ الورى سعةً

أكاد ألمسها من قربها بيدي

 

قد يرسل الله بعضاً من عقوبته

لِيرجعَ العبد عن غَيٍّ وعن صَدَدِ

 

وقد يكون ابتلاءً يقتفيه رضاً

ينهل من بعده الغفران بالمددِ

 

يُحبُّنا خَلْقَهُ حُبَّاً وصورتُهُ

كحُبِّ أمٍّ لطِفْلٍ غابَ منْ أَمَدِ

 

بَلْ مِنْهُ أكثرُ أبْعاداً ومنزِلةً

حبٌّ تفرَّد عن وصفٍ وعن عَدَدِ

 

فَلْنَطْمئِنَّ فلا خوفٌ ولا فَزَعٌ

فكلُّ ما شاءهُ الرحمنُ في سَدَدِ

 

يعفو ويصفحُ عن ذنبٍ وسَيِّـئَةٍ

يُحبُّ يسمعُ شكوى التائبِ الَّلددِ

 

مَنْ تابَ تابَ عليه لا يحاسبُهُ

بيضاء صفحتُهُ كالطّفلِ في المَهَدِ

 

اللهُ يفرحُ بالراجينَ رحمتَهُ

يعطيهُمُ فوق ما يرجونَ من رَفَدِ

 

لا لا يردُّ يدَ المحتاجِ خاليةً

تعودُ ترفلُ بالآلاء والبَرَدِ

 

عبيدُهُ كلُّنا في فَضْلِ نِعْمتِهِ

نغدو ونمرحُ في ظِلٍّ ومُبْتَرَدِ

 

فما كرونا وما يحمله من رُعُبٍ

حتى وما غيره لو زاد في العددِ

 

فرحمة الله تمحو كل سابقةٍ

من التوجس والآلام والجَلَدِ

 

وتعقب الحال فيضاً لا حدود له

من المنى والهنا والسعد والرغدِ

 

إني لفي ثقةٍ في الله يُكْرمنا

برفع هذا الوبا من ساحة البلدِ

 

ومن جميع الدنا ما ليس يرفعهُ

إلّاك يا راحماً إلّاك من صمدِ

 

أدعوك يا رب يا من قد أجبت دعا

أيوب حين لجا للواحد السّنَدِ

 

أدعوك دعوة مضطرٍ وذي سغبٍ

تزيل مما بنا من بالغ الكمدِ

 

Email