كاتب وكتاب

مختار شعيب: ظاهرة وفكر الإرهاب أخطر ما يعترض عالمنا المعاصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعنى الكاتب والإعلامي مختار شعيب، في البحث المعمق بقضايا الفكر والثقافة والسياسة ومواضيع مجتمعية متنوعة تهم المواطن العربي، من خلال إصداراته، وفي آخر أبحاثه ودراساته عن المجتمعات العربية، تناول في إصداره «خريف الإرهاب والفوضى الجديدة»، معنى وفكر الإرهاب ومراحل تأسيس داعش.

«البيان» التقت مختار شعيب نائب رئيس تحرير جريدة «الأهرام»، والكاتب الصحافي المتخصص في الشؤون العربية وقضايا التنمية ومكافحة التطرف والإرهاب، وصاحب المؤلفات التي بلغ عددها 24 كتاباً.

وعن تاريخ الإرهاب يقول: أول منظمة إرهابية عرفها التاريخ، هي منظمة السيكاري Sicarii، التي شكلها بعض المتطرفين من اليهود في فلسطين، والإرهاب في مظهره الحديث، كان من ابتداع الثورة الفرنسية، التي قامت في عهد روبسبير وجان جيست، بقطع رأس 140 ألف فرنسي، وسجن 300 ألف آخرين، وفي نهاية القرن الـ 19، ظهرت أول بوادر الإرهاب الحديث، بظهور منظمة الأرض والحرية الروسية في 1876.

والفوضى التي انطلقت في عام 2011، ساهمت في ظهور تنظيمات إرهابية جديدة شديدة التعقيد ومتعددة الأبعاد، كما في العراق وسوريا وليبيا، واليمن، حيث ظهرت التنظيمات المحلية للقاعدة في اليمن، قبل أحداث هذه الفوضى، إضافة إلى وجود الحوثيين.

وهناك تنظيمات إرهابية، ظهرت لأسباب خاصة، كما في مصر وتونس وليبيا.

الألفية الجديدة

ويتابع: لعل ظهور داعش هو مفاجأة الألفية الجديدة بلا شك، فالتنظيمات الأصولية المسلحة والجماعات التي تؤمن بالتغيير العنفي، والتي نشأت في نهايات القرن الماضي، اصطبغت بطبيعة العمل السري، الذي تتقنه جماعات العنف المسلح.

وفي رده على تساؤل "البيان" حول بدايات وجذور داعش، وما مراحل نشأتها، قال: مع بداية تفكير أميركا في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، مع غزوها للعراق في أبريل 2003، ظهرت نظرية خرائط الدم، التي نشرت على موقع البنتاغون للمفكر والخبير العسكري الاستخباراتي، مستشار البنتاغون، وولفتز، واعتمد على تنفيذها من خلال إنشاء مليشيات مسلحة طائفية ودينية في دول الشرق الأوسط، ودعمها لتقوم بمهمة تفكيك هذه الدول من الداخل، وكان أمام الأميركيين طريقان، الأول، وهو الأسرع، إعادة إحياء التنظيمات الإرهابية القديمة، ومنها تنظيم القاعدة وفروعه المختلفة، خاصة في العراق وسوريا وشبه الجزيرة العربية، وتوفير المال لشراء السلاح لهؤلاء الإرهابيين، وهو ما تم فعلاً، مع استخدام تركيا، وهي مستعدة للعب هذا الدور، في أن تكون ممراً آمناً لتدفقات العناصر البشرية من الإرهابيين على هذه المنطقة، وممراً آمناً لتوزيع السلاح عليهم، بل وتوفير مناطق بالأناضول لتدريب وإعادة تشكيل ألوية هذه الجماعات المسلحة، وهو ما قامت به تركيا باحترافية شديدة، وهنا بدأ الأميركيون عملية صناعة تنظيم إرهابي جديد، له بريق خاص، ينطلق من العراق، بلاد الخلافة الإسلامية قديماً، رافعاً هذا الشعار الجذاب، ليتم صناعة فصل جديد من الفوضى الهدامة في المنطقة، التي أعلنت عنها وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، كوندوليزا رايس، في نهاية نفس العام، وأكدتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في مذكراتها الصادرة منذ عدة سنوات.

ويضيف: بدأ الأميركان يلقون القبض على كل النشطاء من الطائفة السنية العراقية، وخاصة من ذوي التوجهات الدينية المتطرفة، وتم سجن هؤلاء جميعاً في معسكر بوكا في صحراء العراق بمنطقة البصرة، وقدّم الأميركيون في هذا السجن لهؤلاء المعتقلين، فرصة استثنائية للتخطيط في ما بينهم حول ما يمكن فعله خلال المرحلة المقبلة.

صراعات

وأكد شعيب أن ظاهرة الإرهاب ستظل من التحديات المفروضة على واقعنا المعاصر، ربما لسنوات قادمة، فعالم اليوم مليء بالصراعات التي تهدد استقراره، كما أنه يمر بمراحل انتقالية متتالية، تشهدها أغلب، إن لم يكن كل، دول العالم، بدرجات متفاوتة.

ويستعرض شعيب في كتابه، كما يقول في الحوار، كيف أنه ربما يكون من المُبالَغ فيه، الحديث عن إمكانية القضاء على الإرهاب بصورة كاملة على الساحة الدولية، كما أنه ليس من الممكن أن تمتلك أي دولة، مهما كانت قدراتها، حصانة كاملة ضد الإرهاب، فالإرهاب ظاهرة عالمية، مثلما هو ظاهرة محلية أو داخلية، فالإرهابيون يقبعون في مكان، والتمويل يأتي من مكان آخر، والعمليات الإرهابية توجه نحو مكان ثالث، والمحركون أو الرؤوس التي تخطط، تقبع في مكان رابع، والسلاح والتكنولوجيا المستخدمة، تأتي من مكان خامس، وبالتالي، يصعب لدرجة الاستحالة، أن تتمكن دولة واحدة من حماية مصالحها الداخلية، ومصالحها عبر العالم، دون تنسيق وتعاون بينها وبين البلاد الأخرى المعنية بالأمر، هذه الطبيعة التكتيكية الاستراتيجية في إدارة العمل الإرهابي، والتي تتسم بتعدد الساحات الدولية المشاركة فيها، سواء تنظيماً أو دعماً أو تمويلاً أو تسليحاً، جعلت هذه الظاهرة ظاهرة عالمية.

Email