بعد أن كان الفنانون يوثّقون الأحداث ووجوه الأشخاص بالرسم، ظهرت الكاميرا في منتصف القرن الـ19 لتصبح الصور الفوتوغرافية مع الأيام منافسة للفن التشكيلي، خاصة وأنها تعكس دقة عالية في نقل ما يتم تصويره، ومع تطور التقنيات والعلوم، تطورت كاميرات التصوير إلى أن أصبحت رقمية، لكن وكما أن المصور الفوتوغرافي يبقى الأساس في اللقطة المأخوذة يبقى أيضاً هو الأساس في طريقة التعديل عليها بواسطة وسائل عدة مثل برامج «الفوتوشوب» وغيرها، ودرجة تدخله لانهائية كونه قادراً على جعل الصورة، تفقد الكثير من معالمها الحقيقية بل قد يذهب بها باتجاه آخر يراه أكثر جمالاً وجاذبية.

هذه الخيارات الكثيرة لم تكن محط إعجاب المشاركين في استطلاع «البيان» الأسبوعي الذي تطرحه على القُراء، إذ جاءت نتائج السؤال على الموقع الإلكتروني وفي حسابيها على «فيسبوك» و«تويتر» وهو «هل تميل إلى مشاهدة الصور الفوتوغرافية الواقعية دون إضافات؟»، إذ أجاب 93% بـ«نعم» على الموقع الإلكتروني وعلى «فيسبوك» وانخفضت النسبة إلى 90% على «تويتر». وهو ما يشير إلى أن معظم الناس، تعتبر الصور وتستخدمها على أنها صور توثيقية أكثر من كونها فنية يستطيع المصور أن يتلاعب بها، ليقدمها برؤية جديدة.

ثقافة بصرية

فسّر المصور جاسم ربيع العوضي ميول المشاهدين إلى الصور الواقعية، قائلاً: لأن أساس الإنسان هو رؤية الواقع، حتى في خياله هو واقعي. وأضاف: لكن التفاعل مع ما يتم رؤيته من صور غير واقعية يحتاج إلى ثقافة وتربية. وتابع: لو أتينا بشخص من «ألاسكا» إلى صحراء ليوا هل ستكون هناك رؤية واقعية أعتقد بأنه لا، لأن الواقعية مسألة نسبية.

وأوضح العوضي: نحن في قمة الرقمية، ولكن تداخل معارفنا كعرب قليلة، لأن المصور منذ زمن التصوير بالأبيض والأسود كان يلعب بالصور. وتابع: لكن لم يكن تدخل المصور بالمستوى الذي وصلنا إليه الآن، فالآن هناك أريحية في مسألة اللعب بالألوان.

وقسّم العوضي الصور إلى نوعين توثيقية وفنية. وقال: عملت 27 عاماً بالتصوير في الجنائية ولم يكن هناك مجالاً لأي مداخلة مني ولو بنسبة 0.001% لأنها لن تُقبل. وأضاف: في بعض الصور هناك توثيق وهو ما نطلق عليه التاريخ البصري، ويجب هنا على المصور أن يكون محايداً في عرضه. واستطرد: أما الصور الفنية فتأتي عادة بحسب رغبة الفنان بما يريد نقله للمشاهد، ومن هنا يكون التفاعل النقدي كل بحسب رغباته وتجاربه وثقافته البصرية.

صور فنية

وقال المصور د.أحمد الريس: إن العين اعتادت الصور الواقعية أو التقليدية، ولهذا يصعب على الناس النظر إلى ما هو غير واقعي لأنهم لا يشعرون بالارتياح. خاصة في عصر يمكنهم فيه «الموبايل» من التقاط الكثير من الصور، دون حاجة الناس إلى الكاميرات. وأضاف: إن الصور غير التقليدية تعتبر نوعاً من الفن، وهو ما يتطلب من المشاهدين بحثاً، لمعرفة المزيد. وتابع: يساهم البحث بتحفيز الهواة على الالتحاق بورشات عمل تنمي من قدراتهم في تقديم الصور غير الواقعية.

وأوضح الريس: عند ظهور التصوير بواسطة الطائرات من دون طيار «الدرون» لا يمكن للهاوي أن يقتني «الدرون» لغلاء ثمنه. لكنه قد يتيح له ولغيره من المشاهدين للقراءة عنه بشكل أكبر، لأجل أن يطوروا من أنفسهم في مجال التصوير والتفاعل مع الصور. وتابع: إن العالم يتغير والناس كذلك تطور من أنفسها، من خلال ما يطرح في الأخبار وفي وسائل التواصل الاجتماعي من صور ملتقطة بشكل غير تقليدي، وهو ما يشكل حافزاً للبحث عن طبيعتها بشكل أكبر.