يتوزع على 6 مناطق رئيسة في دبي

«مدفع الإفطار».. تقليد رمضاني يأبى التقاعد

مدفع الإفطار في اليوم الأول من رمضان - تصوير عماد علاءالدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

باقات خير ورحمة، تطل مع كل شرارة تنطلق من فوهة «مدفع الإفطار» الذي ارتبط منذ عقود طوال مع شهر الخير، وها هو «مدفع الإفطار» يتباهى يومياً بكل خيلاء في ساحات دبي، مع الجموع التي تحتشد حوله، ففي حضرته يجتمع سكان «دانة الدنيا»، يرافقهم المغتربون، والسياح الذين يشهدون واحداً من أعرق التقاليد التي حافظت عليها الإمارات، لتبعث من خلاله برسائل سلام إلى العالم أجمع.

ي كل مساء من أيام الشهر الفضيل، ومع انطلاقة شرارة «المدفع» تلهج الألسنة بالدعاء، وتتهلل الروح، وتبتل العروق ويذهب الظمأ، وتسود البهجة بين الصغار والكبار على حد سواء، ممن تعودوا «كسر» صيامهم على وقع صوت طلقاته.

في دبي، لا يزال «مدفع الإفطار» صامداً في وجه التغيرات التي تشهدها حياتنا اليومية، رافضاً أن يحال إلى التقاعد، ومكافحاً في الوقت نفسه، حالة «النسيان» التي أصابت الكثير من مخلفات «الزمن الجميل»، ليصبح «مدفع الإفطار» اليوم رمزاً تقليدياً، ومعلماً تاريخياً يرافق شهر الخير والبركة.

وفي الوقت الذي غاب فيه تقليد «مدفع الإفطار» عن معظم الدول العربية، ها هي الإمارات تعيد إليه الألق، فتشعل فتائله في كل مساء، لتعلن معها دخول وقت المغرب.

حكاية

ومع بداية الشهر الكريم، تعودت دبي أن تفرد مساحات خاصة لمدافع الإفطار، التي توزعها على مناطق مختلفة، وفي رمضان الحالي، اختارت له شرطة دبي 6 مواقع، على رأسها يتربع برج خليفة، ومنطقة سيتي ووك، ومدينة جميرا، ومصليات العيد في منطقتي المنخول والبراحة، إلى جانب منطقة الخوانيج، حتى تعم البركة والفرحة في كل أرجاء المدينة.

تقليد «مدفع الإفطار»، التي تحولت إلى فقرة ثابته في الدورة البرامجية لقنوات مؤسسة دبي للإعلام، تحتفظ بحكاية عريقة، تمتد جذورها إلى ما قبل الستينيات، حيث استخدمته شرطة دبي للإعلان عن بدء الإفطار.

حيث حرصت الطواقم المسؤولة عن «مدافع الإفطار» على أن تتواجد في معظم معالم دبي السياحية، لتتيح بذلك الفرصة أمام الجميع للتعرف على هذا التقليد، الذي ترسم من خلاله الفرحة على وجوه الجميع.

كما تتيح أيضاً الفرصة للسياح والأجانب، لأن يتعرفوا على سماحة الإسلام، وعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي في شهر الخير، لا سيما أن أصوات هذه المدافع تسمع من مسافات بعيدة، ويتم إطلاق كل مدفع مرة واحدة يومياً قبيل أذان المغرب.

بكل أناقة وانضباط يقف ضباط شرطة دبي، الذين يرافقون «مدافع الإفطار»، مرتدين زياً خاصاً يكشف مدى خصوصية التعامل مع مدافع الإفطار، التي عادة ما تجلب معها البهجة، فمع كل طلقة تعمر الفرحة قلوب أبناء الإمارات، الذين يرتبطون معه بذكريات غالية، تعيدهم إلى الوراء عقود طوال، وتحديداً إلى أيام الزمن الجميل، قبل أن ترى الفضائيات النور.

وقبل أن تهيمن وسائل التكنولوجيا الحديثة على الناس، لذلك شكل مدفع الإفطار آنذاك، الوسيلة الوحيدة التي تعرف الناس بوقت الإفطار، الأمر الذي جعل لها قيمة كبيرة، بعيداً عن دور هذه المدافع في الذود عن الأوطان والدفاع عنها في أوقات الخطر.

عمل فني

قبل نحو عامين، لم تهمل شرطة دبي طلقات مدفع الإفطار الفارغة، فقد سعت إلى تحويلها إلى عمل فني رفيع أطلق عليه اسم «العائلة»، وقد استوحي من الأجواء الإيمانية التي يفرضها الشهر الكريم، حيث تجتمع فيه العائلة حول مائدة واحدة، وبالتالي المساهمة في تقوية الأواصر الأسرية.

آنذاك أعد هذا العمل الفنان التشكيلي الإماراتي مطر بن لاحج، بطريقة مبتكرة، حيث جاء العمل الفني مكوناً من 30 طلقة فارغة، استخدمت طوال الشهر الكريم، وتحتوي كل طلقة منها على آيات سورة الإخلاص، التي أحاطت المحيط الداخلي للطلقة والتي تم طلاؤها باللون الذهبي لتتماشى مع لون الطلقة المصنوعة من معدن غير قابل للصدأ ومطلية باللون ذاته.

Email