خطاطون: لا نخشى تأثيرات التقنيات الحديثة والنماذج «المرقمنة»

الخط العربي يعيش ألقه وأبهى أيامه في دبي

معرض دبي للخط العربي يحقق نجاحات متواصلة | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتطور التقنيات من حولنا فنجدها تتشعب وتدخل مجالات الحياة كافة، ووصلت للفن بأنواعه، إذ باتت بعض التقنيات تثري الفن بشكل من الأشكال، في وقت لا يزال البعض من الفنانين يعتمد على يديه ومخيلته فقط بعيداً عن تلك التقنيات.

ومن بين الفنون التي بدأت تزحف إليه التقنية «فن الخط العربي»، الذي لم يعد حكراً على الخطاطين بل تسللت إليه البرامج التقنية الحديثة لتحول محل الخطاط نفسه، وهو محل رفض كبير من الخطاطين المحترفين المحافظين، إضافة إلى الأطفال في المدارس .

والذين بات القلم لديهم أداة إضافية، أما الأساس فهو الكتابة على أجهزة الكمبيوتر، فهل يتعرض الخط العربي للخطر، أم لا تزال هناك أيد تحميه من التقنيات، وبرامج ومعارض تصون جمالياته وعلى رأسها معرض دبي للخط العربي الذي يؤكد ويبرهن نهج "دانة الدنيا" الفاعل والمجدي في حماية الخط العربي حيث يعيش بفضل ذلك أبهى أيامه في عصر "الرقمنة" والتديات التقنية الجديدة.

حيث أكد ذلك متخصصون في حديثهم إلى «البيان» في الاستطلاع الذي أجرته مع المشاركين في المعرض بدورته العاشرة والتي اختتمت أخيراً.

الفنان الإماراتي خالد الجلاف الذي يشارك في المعرض للمرة الخامسة، يؤكد اهميته في وقيمة دهود دبي في دعم فن الخط العربي. وقد شارك بلوحتين في المعرض هذا العام.

ويبين الجلاف أنه تعلم الجلاف الخط العربي بالتقليد ففي البداية كان يقلد الخطاطين التجاريين أصحاب لوحات المحال وما شابه، وبعدها بدأ يقلد مانشيتات الصحيفة الوحيدة التي كانت متوفرة آنذاك وهي الاتحاد، ثم تعرف على أستاذ، أصلا تلميذ للأستاذ هاشم البغدادي، واسمه نزار الدوري وبدأ يعلمه قواعد الخط بشكل صحيح واستمر معه شهراً كاملاً، لكن الحرب العراقية الإيرانية في ذلك الوقت اضطرته إلى الذهاب لزيارة أهله ولم يعد إلا بعد عشر سنوات.

تعلم ذاتي

ويشرح الجلاف أنه نظراً لندرة الخطاطين في ذلك الوقت اضطر لأن يعلم نفسه بنفسه ويحاول تقليد كل ما هو موجود وأن يجعل لنفسه أسلوباً جديداً في كتابة الخط العربي.

وقال: «أما الآن وبفضل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تواجد مركز في الشارقة وكافة المناطق التابعة لها، وأيضاً هناك مشروع اسمه مشروع كتاتيب يعلم الخط في المساجد الكبرى في المدن..وفي المجمع الثقافي بأبوظبي بدأوا يعلمون فنون الخط وهذه بادرة جميلة أتمنى أن تنتشر في كافة أنحاء الإمارات».

وحول التقنيات التي حولت الخط العربي إلى برامج يسهل من خلالها عمل لوحات للخط العربي، وأيضاً تلك التي جعلت الأطفال في المدار والكبار يلجأون للكتابة عبر أجهزة الكمبيوتر عوضاً عن الكتابة التقليدية، قال: «لا بد أن نفرق بين شيئين، هناك خط للفن، وآخر وظيفي، والخط الوظيفي هدفه أن يطبع كتاباً أو وسيلة إعلانية تجارية سريعة.

وهناك خط من أجل الفن وتشعر فيه بروح الخطاط وعندما ترى اللوحة تعرفها لوحة حتى لو لم يوقع عليها، وهذا ليس في خطر، بدليل أنه استطاع أن يصمد أمام كل ما هو جديد اليوم ومتطور في مجال تقنية المعلومات، ووجود الطابعات وأيضاً برامج الخط، لم تؤثر في مجال التعلم والإجادة في مجال الخط العربي، ولعل سبب ذلك يكمن في وجود مدارس قوية في بعض الدول مثل تركيا، وإيران، ومصر، والمغرب العربي، فهناك مدارس قوية لا تزال تمشي بالأسلوب القاعدي القديم في تعلم الخط بالأسلوب التقليدي».

عودة للجذور

ويرى الجلاف أن الخط العربي يشهد حالياً العودة إلى الجذور والأصول باعتبار أن الخط العربي هوية للعربي والمسلم، والخط العربي هو صورة هذا اللسان الذي نتحدث به العربية، ولا يعتقد أن الخط العربي في خطر إذا ما استمرت الإمارات كما هي داعمة لفن الخط العربي.

مشيراً إلى أنه في فترة من الفترات كاد يندثر الخط العربي في العالم، لولا أن دولة الإمارات وبفضل دعم قادتها وحرص مسؤوليها وشعبها الذي أحب الخط فجعل لهذا الفن رواجاً، ثم نظمت المعارض وهذه عدوى انتقلت إلى الدول الأخرى فأصبحت السعودية والكويت تقيمان المعارض.

وأيضاً تركيا التي هي أحد حواضر الفن العربي عملت للأسف ملتقى واحداً، ونحن في دبي نتحدث عن المعرض العاشر، وفي الشارقة العشرين، وإذا استمرت الإمارات بالحفاظ على هذا الفن فإن الخط العربي سيبقى متصدراً وقوياً ويجذب الجمهور له.

جنوب شرق آسيا

الفنان بلعيد حميدي، خطاط من المغرب مقيم في جاكرتا في إندونيسيا ومشرف على برنامج تنشئة خطاطي جنوب شرق آسيا في تايلاند، وإندونيسيا، وماليزيا، وسنغافورة، وما جاورها من مناطق.

يرى من وجهة نظره أن الخط العربي لن يكون أبداً في خطر قائلاً: «هذا يعود لعدة أسباب أولها القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى قال:

«إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، فهذا القرآن محفوظ ولغته وحروفه محفوظة وأيضاً من يخدم حروف القرآن محفوظون أيضاً برأيي، ولا يجب أن تجتثنا هذه التكنولوجيا والعولمة، لأن لنا جذور وننفرد بهذا الفن عن سائر الأمم والحضارات، ولا توجد أمة تشاركنا هذا الفن، فنحن نشارك الغرب كافة فنونه في المسرح، والسينما، والرقص وغيره، إلا أن فن الخط هو معلم بارز عند المسلمين، ولا توجد أمة تشاركنا فيه، ومادام القرآن باقياً وسيبقى إلى يوم القيامة فاللغة ستواكب القرآن».

كتابة المصاحف

وأضاف: «أرى أن كتابة المصاحف أيضاً تتجدد على مر العصور، فقد كتبت إلى الآن 8 مصاحف، ونرى في كل فترة مختلفة يظهر مصحفاً كتب حديثاً في بلد ما، واستغرق مني المصحف الأخير أطول مدة لأنني كتبته بأسلوب القرن السابع الهجري، الكتابة فيه بطيئة جداً، ولكن المصحف الرابع استغرق مني 6 أشهر، والأول في سنة كاملة وكل مصحف تقريباً يحتاج من 6 أشهر إلى سنة ونصف السنة ليكتمل».

فن الزخرفة

الفنانة عبير أحمد من مصر، تمارس فن الخط العربي منذ 8 سنوات شاركت في المعرض للمرة الأولى، إلا أنها شاركت في العديد من المعارض، تعتقد أن الخطاط أتقن الخط العربي عن طريق الدراسة الأكاديمية، أما بالنسبة للجيل الجديد فبدأت التكنولوجيا الحديثة تؤثر عليه، حيث يقتبسون من أعمال الفنانين ويقلدونهم عبر برامج جاهزة على الكمبيوتر، لكن يبقى الخط العربي محافظاً على التراث الخاص بالعرب، ويمكن معرفة وتمييز الخط العربي المكتوب من الخط المصنوع من خلال برامج.

نهضة

الفنان حاكم غنام من العراق يشارك في المعرض بلوحتين على غرار الحلية المعروفة، حيث كتب آية الكرسي، وصفات الرسول عليه الصلاة والسلام، يؤكد أن الخط العربي بخير، وينظر إليه كفن وليس كحرفة تطبيقية يحتاجونها في السوق، للإعلانات وغيرها، أما الخط العربي هو فن كأي من الفنون الأخرى، تأتيه أيام يزدهر فيها، وأخرى يصل فيها إلى مستويات متدنية كالسابق.

لكن حدثت نهضة تبشر بالخير، فظهرت فيها مسابقات أنعشت هذا الفن، وبدأ الناس يتجهون للخط العربي، وهنا في الإمارات صارت حركة كبرى في هذا المجال من خلال المعارض والمسابقات التي أنعشت هذا الفن، وخير شاهد أن معرض دبي للخط العربي وصل إلى دورته العاشرة ويضم نخبة خطاطي العالم، ومتنوع بين الحروف والزخرفة والخطوط المتنوعة، ففن الخط العربي كالفنون الأخرى نراها بعض الأحيان تأفل ثم تزدهر.

تعليم الغرب

الفنان باهمان باناهاي يشارك في معرض دبي للمرة الأولى، تعلم في سن صغيرة في إيران على أيدي أساتذة مهرة ثم عمل على تطوير نفسه في هذا الفن المرئي في جامعة إيران وفي فرنسا أيضاً.

برأيه أن الخط العربي ليس في خطر لأنه عندما تنظر إلى الفن الراقي لن ترضى إلا بالأصلي مهما كانت الأمور المنجزة عبر أجهزة متقنة.

Email