احموا الأرض من ويلات تغيّر المناخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

«يقول البعض إن عليّ أن أكون في المدرسة، لكن لماذا يتوجب على أي شخص أن يدرس للمستقبل في حين أن أحداً لا يقوم بشيء إنقاذاً لذاك المستقبل؟ وما الهدف من تعلّم الحقائق في حين أن تلك التي يقدّمها أفضل العلماء يتجاهلها السياسيون لدينا؟» لم يكن كلام الناشطة السويدية غريتا ثانبيرغ ضمن مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، الذي انعقد في بولندا عام 2018 إلا ترجيع صدى دقات ناقوس الخطر، الذي قال فيه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه غضب مبرر لأبناء هذا الجيل، بعد أن لفت قبل بضعة أعوام تعليق للبابا فرنسيس حول الحاجة إلى ثورة من أجل إنقاذ الأرض من مغبات تغير المناخ.

وفي خضم التحذيرات والدعوات المتزايدة والأرقام التي تطالعنا بها الدراسات المتخصصة بأحوال المناخ، برزت خريطة طريق عالمية شاملة عن إحدى جامعة لابينرنتا للتكنولوجيا في فنلندا تعنى بقدرة العالم على تقليص انبعاثات الكربون قبل الموعد النهائي المحدد في 2050، ولعل أبرز ما في البحث تأكيده على إمكانية القيام بذلك بالفعل.

ويفصّل التقرير بعنوان «نظام الطاقة العالمي القائم على الطاقة المتجددة 100% في وقطاعات الطاقة والحرارة والمواصلات وتحلية المياه»، على وجه الدقة كيف يمكن لمختلف مناطق العالم أن تتحوّل 100 في المئة إلى الطاقة المتجددة كوسيلة لتفادي المزيد من النتائج الكارثية للتغيّر المناخي المبرم. وتعتبر الدراسة الأولى من نوعها التي تسطّر استراتيجية عالمية ذات تكلفة فعالة تحافظ على مستوى الانبعاثات الكربونية للكوكب عند مستوى 1.5 درجة مئوية. ليس هذا وحسب، بل إنها الدراسة الأولى من نوعها التي تقترح استراتيجية عالمية لا تنطوي على تكنولوجيا احتجاز ثاني أكسيد الكربون.

على مدى السنوات الأربع الماضية قام فريق البحث المؤلف من 14 شخصاً من كل من الجامعة الفنلندية ومجموعة مراقبة الطاقة الألمانية، بتطوير نظام محاكاة عالمي لاستهلاك وإنتاج الطاقة استناداً إلى مقياس ساعيّ ضمن مراحل تمتد على خمس سنوات من العام 2015 حتى 2050.

واعتباراً من اليوم، فإن ثلث طاقة العالم قابلة للتجديد. ويشير الباحثون آخذين بعين الاعتبار النمو السكاني والطلب على الطاقة، إلى أننا نستطيع تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ وتخفيف الكربون عبر توليد 69 في المئة من طاقة العالم من خلال الألواح الشمسية، و18 في المئة من خلال قوة الرياح وثلاثة بالمئة من الطاقة الكهرمائية، 6 في المئة من الطاقة الحيوية. كما يمكن الدفع مقابل التبدلات في الطاقة من خلال التوقف ببساطة عن استخدام الوقود الأحفوري بالكامل.

وفي هذا الإطار يشير هانس جوزيف فيل، أحد الباحثين المعنيين بالقرير إلى أن التحوّل الكامل نحو الطاقة المتجددة 100 في المئة ليس ممكناً وحسب، بل إنه أقل ثمناً من نظام الطاقة العالمي الحالي. وأضاف: «إن مسار التغير العالمي الموضوع يبرز بوصفه الأول لناحية طرح سيناريو 1.5 درجة مئوية ثري تكنولوجياً، متعدد القطاعات ويعتبر الأمثل من حيث التكلفة. ومن اللافت أنه يحقق انخفاضاً في التكلفة دون الاتكال على التقنيات عالية المخاطر كالطاقة النووية وتخزين ثاني أكسيد الكربون وعزله».

وأشار الباحثون إلى أن «التبدّل العالمي نحو الطاقة المتجددة هو الخيار المستدام الوحيد لقطاع الطاقة، كما أنه متوافق تماماً مع اتفاقية باريس للمناخ المتبناة عالمياً. وليس التبدّل في الطاقة مسألة تتعلق بالسهولة التقنية أو قابلية التطبيق الاقتصادي بل بالإرادة السياسية».

إنها الإرادة السياسية إذاً، هكذا كانت منذ البداية وإلا وفق قول العالم في مكتب الأرصاد الجوية بيتر سكوت، فإن «الإنسانية جمعاء لن تكون قادرة على التأقلم مع العالم الذي نتجه إليه».

ناشطة بيئية مرشحة لنوبل

أهدى الباحثون التقرير للناشطة في مجال المناخ غريتا ثانبيرغ البالغة 16 عاماً، والتي تم ترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام تقديراً لقيادتها تظاهرات الشباب البيئية ضمن حركة أيام الجمعة للمستقبل.

1.5

يستغل المنكرون لوجود تغير في المناخ حالة عدم اليقين التي تكشفها أرقام العلماء المتعلقة بدرجات الحرارة ويعتبرونه دليلاً على عدم أصحية العلم الكامن وراءه، إلا أن الأمر ليس كذلك، فهو معقّد بالفعل تماماً كما هو علم العالم الحقيقي. لكن عدم اليقين الأكبر يكمن فينا وفيما سنفعله على امتداد سنوات القرن المقبل. ويقود هذا التشكك باتجاهين: يمكن أن نقلل من أهمية سرعة ارتفاع درجات حرارة العالم ونوع التأثيرات الناجمة عن ذلك.

فما هي الأرقام التي يمكننا التيقن منها أو لا؟ وافقت كافة الدول تقريباً كجزء من اتفاقية باريس للمناخ في ديسمبر 2015 على أن تعمل على الحدّ من ارتفاع معدل درجة حرارة العالم بمقدار 1.5 درجة فوق المعدلات السابقة للثورة الصناعية.

ولا بدّ من أجل أن نفهم معنى ذلك أن نعي موقعنا اليوم، وهنا يبدأ اللايقين، إذ قد يكون أمامنا 0.6 درجة بعد قبل أن نجتاز الخط المسموح، أو أقل من 0.3 درجة. لكن قد تكون الطريقة الأفضل لقياس الاحتباس الحراري العالمي في معاينة أحوال اليابسة والبحر والجو.

طاقة متجددة أقل تكلفة

أكد الباحثون أن إمكانات الطاقة المتجددة القائمة وتقنياتها بما في ذلك التخزين قادرة على توليد مخزون طاقة آمن كل ساعة على امتداد العام، وأن نظام الطاقة المستدامة يعد أكثر فعالية وأقل تكلفة من النظام القائم الذي يرتكز أساساً على الوقود الأحفوري والطاقة النووية.

ما من تكنولوجيا بشرية تحل مكان تكنولوجيا الطبيعة المتقنة عبر مئات ملايين السنين لاستدامة الحياة على الأرض.

ماركو لامبرتيني ( المدير العام للصندوق العالمي للطبيعة)

إحدى أبرز عقبات التغيّر المناخي أنه أصبح كليشيهاً قبل أن يفهم فعلاً.

تيم فلانيري - (عالم أحياء أسترالي)

لقد آن الأوان أو فات لأن نفرض سعراً اقتصادياً على الكربون وآخر سياسياً على أن نستمر في النكران.

آل غور - ( مرشح رئاسي أمريكي سابق)

 

Email