احتفالاً باليوم العالمي للمرأة
مقتنيات متاحف الشارقة تعكس مكانة المرأة ودورها على مر العصور
تعرض هيئة الشارقة للمتاحف، التي ينضوي تحت مظلتها 16 متحفاً في الإمارة، مقتنيات أثرية نادرة، تتيح للزوار فرصة الاطلاع على المكانة العظيمة التي تقلدتها المرأة على مرّ التاريخ، ودورها في مختلف المجالات، وذلك تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة الذي تحتفي به المجتمعات في 8 مارس من كل عام.
وأكدت منال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف أن نظرة ثاقبة عبر التاريخ والآداب تثبت بأنهما حافلان بالعديد من النساء المتألقات اللاتي تركن بصمتهن، وأن ما تزخر به المتاحف من مقتنيات خاصة "بالمرأة" ما هي إلا تجسيداً حياً لمكانتها وحضورها القوي في المجتمعات، وتوثيقاً لدورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، خلال حقب تاريخية مختلفة، مشيرة إلى أن المتاحف تسعى عبر مقتنياتها لإبراز التاريخ والشخصيات التي عملت على كتابته. ولفتت عطايا إلى أنه في الكثير من الأحيان، فإن الطريقة الوحيدة لرواية قصة المرأة هي من خلال ما صنعته يداها، أو عبر كيف صورها الأخرون في أعمالهم. ولا شك أن هذه المقتنيات تساعدنا على فهم حياة الأشخاص وكيف عاشوا في عصرهم.
وتشمل معروضات المتاحف التي أبدعتها أيادي الرجال والنساء لوحات ومخطوطات، وعملات ذات قيمة تاريخية نادرة، إلى جانب المصوغات مستعرضين هنا بعضاً من المقتنيات التي تدلل على المكانة الرفيعة التي كانت تتمتع بها المرأة خلال الحقاب التاريخية المختلفة.
جمال أزلي أو جماليات
عقد من اللؤلؤ …
يتخيل الزائر لمتحف الشارقة للآثار طبيعة الحياة التي عاشتها المرأة قبل ٧٠٠٠ سنة، هي عمر عقد من اللؤلؤ عُثر عليه بقبر في جبل البحيص الذي يبعد (50كلم إلى شرق مدينة الشارقة) ويعتبر الأقدم في دولة الإمارات.
ويتكون العقد الذي يروي كيف أولت المرأة اهتماما بحضورها، من مجموعة منتظمة من اللؤلؤ المثقوب بمهارة عالية، تدل على دقة الأداة التي استخدمت في ثقبها وعلى الارتباط الحميم بين سكان الشارقة القدماء وبين البحر منذ آلاف السنين.
نساء على سدة الحكم
عملة ماريا تيريزا…..
تروي عملة ماريا تيريزا ثالر المعروضة في متحف الشارقة للتراث قصة امرأة حكمت النمسا وهنغاريا وبوهيميا من عام ١٧٤٠ وحتى ١٧٨٠ قبل الميلاد حيث ذاع سيطها ووصل إلى الهند ودول الخليج ومنها الشارقة عبر هذه المسكوكة النقدية التي تحمل صورة ماريا والتي استخدمت طوال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ميلادي.
وكان دولار ماريا تيريزا ثالر، والذي يعرف أيضا باسم الريال النمساوي، من بين وسائل الدفع الأكثر شعبية وقد سُكت هذه العملة أصلاً في عام 1741 في النمسا، وأصبحت مهمة للغاية للتجارة في جميع أنحاء الشرق الأدنى والأوسط، حيث تم الإعلان في النهاية عن عملة تجارية رسمية في عام 1857، قبل عام واحد من توقفها كعملة في النمسا نفسها.
أما في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج، فقد بقيت عملة ماريا ثيريزا ثالر ذات شعبية حتى عام 1920، وتحظى بتقدير كبير لمحتواها العالي من الفضة، بسبب استخدام هذه العملة المكثف في المنطقة، حيث تم سك كمية منها للاستخدام الحصري في منطقة الخليج في عام 1920.
الإمبراطورة فيكتوريا…..
أما الروبية الهندية الموسومة بصورة الإمبراطورة فيكتوريا تنقل لزوار المتحف قصة المرأة التي حكمت بريطانيا منذ عام ١٨٣٧ وحتى عام ١٩٠١.
وقد استخدمت العملة المصنوعة من الفضة في إمارة الشارقة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلادي نتيجة لتجارة اللؤلؤ وتبادل الذهب بين التجار المحليين والهنود وقد استمر العمل بها في جميع أنحاء منطقة الخليج حتى عام 1947 عندما استعادت الهند استقلالها، إذ حلّت بعدها الروبية الخليجية. هذا وتعرض هذه العملة في متحف الشارقة للتراث.
لوحات توثق مسيرة المرأة
الدكتورة نجاة مكي
وتوظف الدكتورة نجاة مكي الفنانة التشكيلية الإماراتية جزءا من فنها في توثيق تاريخ المرأة والتعبير عن حالها وواقعها بواسطة اللغة البصرية كما تقدم أعمالها صورة لزائر المتاحف وصالات العرض تشتمل على خلاصة تعبيرية لأحلام المرأة وهواجسها.
وتتوزع مقتنيات مكي بين أبرز تسعة متاحف وصالات عرض داخل وخارج الدولة، وهي أول إماراتية تحصل على منحة من الحكومة الإماراتية لدراسة الفنون بالخارج عام 1977م حيث حصلت على البكالوريوس والماجستير في النحت البارز والمعدني من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، كما حصلت على الدكتوراه في فلسفة الفن في عام 2001م، وقد صنفت مكي باعتبارها رائدة من رواد الفن المعاصر الإماراتي. هذا وتعرض لوحة "الكتب المركونة" في متحف الشارقة للفنون.
وقالت عطايا: "يمثل يوم المرأة العالمي مناسبة مهمة لدولة الإمارات العربية التي باتت من الدول التي تقود مجالات دعم وتمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين بما يخدم مسيرة التنمية الوطنية “. وأشارت عطايا إلى دور القيادة الرشيدة في دعم المرأة وترسيخ مكانتها، وتعزيز دورها المحوري والريادي.
سيدات يثرين المتاحف
علاوة على ما تم استعراضه، تزخر متاحف الشارقة بالعديد من المقتنيات القيمة التي تسلط الضوء على مظاهر النشاط الإبداعي الذي ساد المنطقة في شتى المجالات الفكرية والثقافية، والأدبية، والفنية، والتراثية، والتي توثق وتبرز دور ومكانة المرأة على مر العصور. ولطالما دعت متاحف الشارقة الزوار على اختلاف أعمارهم لخوض التجربة المميزة التي توفرها هذه المؤسسات الثقافية والتي تمنحهم الفرصة لاكتشاف المزيد حول هذه المقتنيات، وغيرها من المعروضات التاريخية والأثرية والفنية القيّمة.
