استطلاع «البيان» يؤكد دور المتخصصين في تأصيل أنماطها

تصاميم الأزياء العصرية حلقة وصل بين التراث والحداثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترفل عارضات منصات الأزياء العالمية بتصاميم مستوحاة من أثواب الجدات التراثية، التي تزينت بملامحها العصرية التي شقت طريقها نحو تأصيل معاني الموروث المجتمعي العربي والخليجي، وتشجيع الجيل الجديد عبر قاعدة جماهيرية كبيرة من المصممين الشباب والشابات للاستفادة من القطع والنقوشات للملابس الشعبية قديماً، مع خلق إبداعات جديدة متواصلة مع النقوش والتصميمات القديمة، إبداعية حديثة ممتزجة ما بين الماضي والحاضر، وتشجيع الاستثمار في هذه القطاع الذي يتسم بثقافة الاحتشام في قوالبه المتعددة.

وجاءت الردود والآراء والأرقام متقاربة على السؤال الذي طرحته «البيان»، هل تسهم عصرنة الأزياء التراثية وقوالبها من المحلية إلى العالمية في نشر الثقافة العربية؟ فكانت النتائج كالتالي: فعلى موقع البيان الإلكتروني، كانت أجوبة المستطلعة آراؤهم 62 % بنعم، و38 % بلا، أما في «تويتر»، فقد أكد 67 % بنعم، و33 % بلا، وعلى «فيسبوك»، كانت النتيجة 61 % نعم، و39 % بلا.

إيقاع بصري

وفى السياق، أكّد المصمم حسين بظاظا، أن التصاميم التراثية تظل مسرحاً درامياً مهماً لإطلاق تشكيلات عصرية، كونها تشمل توليفة متباينة من الزخارف والرسوم والنقوش نجدها سمة أساسية، وهوية الفن الشرقي المتمثلة في التراث العربي الإسلامي، هذه التفاصيل الثرية والمنمنمات الدقيقة تخلق وتيرة أقرب ما تكون إلى الحركة والانسيابية والإيقاع الحسي البصري الذي قد نتحسسه عند النظر إليه، وهي تحمل في طياتها فلسفة خاصة، فتجعلنا نقف على أعتاب هذا النمط من الأزياء، الذي ما زال ينبض بكل حميمية ودفء، ويرسم صورة لقاعات القصور والأبنية التراثية القديمة التي تنطق بالأصالة والفخامة.

تأثيرات بدوية

كما أكّدت المصممة أندريا فراج أنها نسجت من قبل في إحدى مجموعاتها تشكيلات غارقة في البساطة والمنمنمات المستوحاة من حياة القبائل البدوية، حيث تقوم من خلال دار أزيائها «بدوين» في كل موسم بابتكار شخصية بدوية معاصرة، تشاهد ملامحها الطاغية بتأثيرات أثنية جريئة ومتفردة في السحر، وبخامات رفيقة للبيئة تراعي جماليات المظهر، ولا تفترق للروح الجذابة بين طياتها من خلال التطريز الملون المتجاور مع التقليمات والشيفرون. وتركز القطع على التجاور من خلال الجمع بين الصور الظليلة المتضادة والأقمشة التقليدية والبسيطة، لخلق لمسة عصرية للمرأة العالمية.

وتشير أندريا إلى أن عصرنة الأزياء التراثية وقوالبها من المحلية إلى العالمية لا بد أن يحمل بين طياته نبضات الماضي، أصالته وألوانه المتفردة، مع إدخال تعديلات وتغييرات شكلية على فكرة المجموعة باستخدام خامات وأدوات بسيطة تخلق نوعاً من التجديد، وتعبر عن الطابع الشخصي، وتعكس جاذبية المواد الجديدة والرسومات الرقمية الذكية، والحبكات المبتكرة. وتتماهى الحدود الفاصلة بين التدرجات اللونية.

أبعاد شرقية

وتعتقد المصممة مروة سيد أن عصرنة التصاميم التراثية من أهم المحاور التي يجب على المصمم الاهتمام بها كونها جزءاً من رسالته في ربط الماضي العريق للمورث بالمعاصرة، إلى جانب تذكير الجيل الجديد بكل التفاصيل ذات الأبعاد الشرقية، وخصوصية التقاليد في هذا الشأن، مستشهدة بذلك بمجموعتها «وايلد بكسل»، المكونة من 45 قطعة، وشغفها بالأشكال الهندسية والألوان النابضة بالحياة. تقارب التباينات، والخطوط المستقيمة، والمنحنيات، والألوان الساطعة، والأشكال الداكنة، لتقدم بذلك تركيباً عن الحرية الإبداعية القوية. كما تم إدماج النقوش الأثنية القديمة مع الفلكلور للحصول على لمسة حداثية من خلال القصات الدقيقة والواضحة عبر مجموعة متنوعة من المواد الصوفية، إضافة إلى خامات الحرير النقي وقماش الأورجانزا والكشمير.

روح التراث

ويشير المصمم سليم عزام إلى أنه، بخامات قطنية، ومن خلال مجموعة «ست الستات» استعاد روح التراث من خلال الحرفية اليدوية لفنون التطريز، وإبرازها على القمصان والفساتين، المستوحاة من حكايات نساء القرية وتراثهن الثقافي وقيمهن، من خلال الإبر والخيوط الخاصة بهن، لإيصال صوت القرية ضمن مجموعته الأولى على الإطلاق، التي توقف بها الزمن للتجول في قرية صغيرة على منحدر بين تلتين، حيث الناس يلتقون على الشرفات العالية لتبادل أطراف الكلام والاستمتاع بأزهار الربيع، ورائحة اليوسفي والبرتقال المنعشة تسود التلال.

ويضيف سليم: فالتراث الشعبي يشكل وجدان أي أمة، ويقوي ذاكرة الناس، ويجسد كل ما يتعلق بالهوية الوطنية، خاصة إذا كان الموروث كينونة حية في نفوس وعقول الناس، ويمدها بالقدرات والطاقات الخلاقة والمبدعة التي تسهم في البناء والتنمية. وبما أن التراث هو التاريخ الذي يعيش فينا ونعيش فيه، وما وصل إلينا ممن سبقونا، أياً كان ذلك مادياً أو نظرياً، أو حتى سيكولوجياً وروحياً.

شعوب عديدة ودول كثيرة في العالم أجمع لا تزال تتمسك بتراثها وموروثها وعاداتها، خاصة في المأكل والملبس والفنون الشعبية وكل ما يرتبط بالأرض، إلا أن الأزياء المتعلقة باللباس تتخذ منحى آخر من حيث الشكل واللون وعناصر التكوين وأسلوب الحياكة والتفاصيل الدقيقة.

Email