مقاهي باريس عينها على «اليونسكو»

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد العاصمة الفرنسية باريس حالياً، حملة واسعة النطاق من جانب أصحاب المطاعم والمقاهي القديمة في المدينة لمنح هذه المطاعم والمقاهي صفة «تراث ثقافي غير مادي» من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو».

ولم يقتصر المشاركون في هذه الحملة على أصحاب المطاعم والمقاهي فحسب، بل انضم إليهم أيضاً رؤساء وأعضاء النقابات المهنية والمؤسسات التجارية في باريس، في إشارة إلى جدية هذه الحملة واقتناع عدد كبير من سكان العاصمة الفرنسية بها، وفقاً لما نشرته أمس صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير خاص، أخيراً.

وذكرت الصحيفة في تقريرها، أن فكرة هذه الحملة قد نبتت في أذهان الفرنسيين كإحدى تداعيات حملة سابقة أطلقوها لتشجيع ارتياد المطاعم والمقاهي في أعقاب المذبحة الإرهابية التي أودت بحياة العشرات من رواد المطاعم والمقاهي الباريسية الذين كانوا يجلسون خارجها في إحدى أمسيات نوفمبر 2015.

«أنا جالس في شرفة المقهى»وقد تضمنت الحملة الأولى إطلاق أكثر من وسم على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، منها وسم بعنوان «أنا جالس في شرفة المقهى»، وآخر بعنوان «هلموا إلى المطاعم والمقهى». وحققت الحملة نجاحاً مدوياً، حيث أصر الباريسيون على إنجاحها للتأكيد لأنهم لن يغيروا نمط حياتهم المعتاد خوفاً من الإرهاب. وكان نجاح الحملة دليلاً دامغاً على قوة سكان العاصمة الفرنسية ومرونتهم وعدم استسلامهم للخوف والإرهاب.

وبعد نجاح الحملة الأولى، تولدت لدى الباريسيين فكرة الحملة الثانية إيماناً منهم بحق المطاعم والمقاهي في مدينتهم بالحصول على لقب «تراث ثقافي غير مادي». ويبررون ذلك بأن هذه المطاعم والمقاهي لها تاريخ يمتد عبر عدة قرون، ظلت خلالها بؤرة لانصهار الثقافات ومعلماً من معالم الحياة في باريس وليست مجرد أماكن للجلوس واحتساء المشروبات.

ويعد لقب «تراث ثقافي غير مادي» إضافة حديثة نسبياً إلى سلسلة الألقاب والتصنيفات التي تمنحها «اليونسكو» للإبداعات البشرية والثقافية غير التقليدية.

وقد أطلقت «اليونسكو» هذا اللقب في عام 2008، وتمنحه للممارسات، الأحداث والحرف اليدوية التي لا تمتلك مواقع جغرافية محددة، وإنما تمثل رغم ذلك جزءاً فريداً من التراث الثقافي لأحد البلدان.

وعلى مدى عقد من الزمان، منحت «اليونسكو» لقب «تراث ثقافي غير مادي» لـ451 إبداعاً بشرياً في مختلف أنحاء العالم. وقد استأثرت فرنسا بـ15 لقباً من هذه الألقاب، ولعل من أبرزها اللقب الذي منحته «اليونسكو» لتقنية صنع أقمشة الدانتيل المطرزة في مقاطعة نورماندي. فترة زمنية لازمةويعيب عدد كبير من مثقفي العالم على هذا اللقب غموضه، كما يرى بعضهم أنه يُستَخدَم لغرض الترويج للسياحة والاستهلاك أكثر من استخدامه لتشجيع دراسة التقاليد والموروثات الشعبية المحلية والحفاظ عليها.

وحتى في حال نجاح الباريسيين في حملتهم وإقناع «اليونسكو» بمنح مطاعمهم ومقاهيهم القديمة لقب «تراث ثقافي غير مادي»، فسيستغرق هذا الأمر ما لا يقل عن عامين، وربما أكثر للانتهاء من الإجراءات الرسمية اللازمة.

Email