مدارات

الشباب شركاء أساسيون في التنمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أرسل المجتمع الدولي رسالة للشباب في أنحاء العالم، مفادها «صوتكم مهم جداً» في بناء السلام، ضمّنها في فقرة بقرار مجلس الأمن رقم 2250، فجاء ذلك بمثابة تفويض قانوني للحكومات بإشراك شبابها، لا سيما وأن العديد من الدول لديها أساساً وزراء ووزيرات من الشباب، أو قيادات شبابية في مجالات عدة.

تقول المصادر المطلعة إن هذا القرار كان في جانب منه بتأثير من أوضاع التطرف، لكنه أيضاً شكل معلماً لتحول عالمي نحو فكرة تؤكد أنه بمقدور الشباب لعب دور رئيسي في تحقيق السلام والاستقرار في مجتمعاتهم، وأنهم شركاء أساسيون ويمكن من خلال إشراكهم توفير منابر لقادة شباب يدافعون عن قضاياهم أو انتهاكات حقوق الانسان، ويتصدون لكل محاولات تهميشهم، وذلك وفقاً للمدير الإقليمي للمنظمة غير الحكومية «سيرتش فور كومن غراوند»، مايكل شبلر.

وكانت أهمية تلك الفئة العمرية تزداد في الفترة الأخيرة، بإدراك أن عدد الشباب في العالم هو الأعلى حتى يومنا هذا، حيث بات حوالي 1.8 مليار شخص حالياً ضمن الفئة العمرية ما بين 10 و24 عاماً، وستكون الطريقة التي سيخوضون فيها هذا العالم محددة ليس فقط لمسار حياتهم، وإنما لحياة العالم بأسره.

وفيما الشباب بإمكانهم أن يكونوا قوة خلاّقة ومصدراً للابتكارات، إلا أن عدداً كبيراً منهم ما زال غير قادر على المشاركة في مجتمعه، لأسباب عدة كالافتقار للتعليم أو الفقر أو التهميش، ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن حوالي 175 مليون شاب في البلدان متدنية الدخل لا يمكنهم قراءة جملة كاملة، فيما يعيش 600 مليون شاب في دول متأثرة بالنزاعات، أما منظمة العمل الدولية، فتشير إلى أن «2 من أصل 5 شباب في سن العمل هم إما عاطلون عن العمل أو في وظائف بأجور لا ترفعهم من الفقر».

وبالنسبة إلى الشابات، تبقى القيود على مشاركتهن أكثر تضييقاً، إذ نادراً ما تسنح لهن فرص تبوؤ مهام قيادية، فيما هناك ما يزيد على 500 مليون مراهقة في البلدان النامية، بينهن واحدة من أصل 3 فتيات تزوجن قبل 18 عاماً، وتواجه كثيرات منهن مخاطر العيش في أوضاع صحية جسدية وإنجابية سيئة، ويتعرض بعضهن للعنف والاستغلال.

وكانت قد شهدت الفترة الأخيرة بروز عدد من الناشطات اللاتي رفعن الصوت عالياً دفاعاً عن حقوقهن.

وأخذا في الاعتبار هذا العدد غير المسبوق من الشباب، الذي إذا ما مُنح فرصة، بمقدوره تشكيل رافد هام في مجال التنمية والتغيير، دعت الأمم المتحدة إلى مزيد من الاستثمار في الشباب كأولوية تنموية، وبناء مهاراتهم وإشراكهم ومنظماتهم في صنع القرارات، بما في ذلك عبر تضمين وفود شبابية في الوفود الرسمية للدول بمجلس الأمن واللجان الدولية لمناقشة أطر السياسات وإيجاد مقاربات مبتكرة للتقدم بأجندة التنمية المستدامة وأهدافها الـ 17 في السنوات (2015 -2030). وفتحت الأمم المتحدة مجالات التطوع لهم في الجبهات الأمامية السياسية والتنموية والإنسانية، مما شكل فرصاً غير مسبوقة لتحريك قضاياهم عبر العالم.

ورافق ذلك تطور كان يحدث في مجال الدبلوماسية المتعارف عليها، حيث تفيد الأبحاث أنه وبالتوازي مع تطور المجتمعات، كانت تتشكل سيناريوهات جديدة في ساحة الدبلوماسية والعلاقات الدولية، وفقا لوسائل حديثة، حيث تم استخدام قدرات أطراف غير حكومية.

وقد أوجدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، على صعيد العولمة الثقافية وسلطة الرأي العام وتدفق المعلومات والآراء ونمو البيئة الافتراضية، وعلاقة كل ذلك بالشباب الذين يشكلون أهم مستخدمي تلك التكنولوجيا، بيئةً جديدة في مجال العلاقات. وأصبح الشباب النشط واحداً من أهم عوامل القوة الناعمة للبلدان، لا سيما في مجال التأثير في الأفكار العامة والتصورات المنقولة في البلدان الأخرى.

لكن على الرغم من الأهمية المتزايدة للشباب في كل ذلك، إلا أن الأولوية السياسية المباشرة بقيت في عدد كبير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منصبة على الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي، وفقاً للباحثين كلير سبنسر وسعد الدوري في تقرير لمؤسسة «تشاثام هاوس»، بدلاً من إشراك الشباب وتعزيز قدراتهم، وهو ما كان يعني استمرار النظرة للتضخم في أعدادهم كـ «مشكلة» بدلاً من كونهم فرصة للنمو وعائداً ديمغرافياً، كما يفترض أن يكون الوضع على صعيد الممارسة.

ويشير تقرير لمؤسسة «تشاثام هاوس» إلى إحجام الشباب في منطقة «مينا» عن المشاركة السياسية الرسمية، وسيادة مشاعر الإحباط لا سيما عندما ينظرون لسيطرة الجيل الأكبر سناً من النخب البعيدة عن تطلعاتهم، فيما تنقص هذه النخب وسائل التواصل التي تقترب من روح الشباب. وفيما أظهر الشباب إمكانية بناء الجسور عبر المجتمعات، والمساعدة ربما في إدارة الصراعات وتحقيق السلام، إلا أننا نادراً ما نرى شباباً دون 35 عاما في مناصب قيادية سياسية رسمية، إلى حد أنه من الشائع الإشارة إلى السياسيين دون الـ 40 عاماً بأنهم «صغار في السن». وبالإجمالي، لا يتم تمثيل الشباب بشكل ملائم في المؤسسات السياسية، وهذا الوضع أصعب بالنسبة للنساء.

ولإشراك عنصر الشباب، بُذلت بعض الجهود في معظم دول منطقة «مينا»، في سبيل دمج استشارات الشباب رسمياً، عبر إيجاد برلمانات أو مجالس شبابية أو أشكال أخرى، لكن تقرير تشاثام هاوس يفيد بأن غالبية الشباب لا يشعرون أن تلك المسارات أدت لتحسن ملموس في آفاقهم. وفي أنحاء المنطقة، يسعى الشباب إلى تعليم أفضل ووظائف وفرص عمل للحصول على مهارات ومنصات وقنوات لإيصال اهتماماتهم ومخاوفهم الجماعية.

يفيد التقرير أن الفشل في معالجة تلك المخاوف سيسهم في تهميش الشباب وإحباطهم بشكل أكبر، فيما الإحجام عن المشاركة في السياسة الرسمية، لن يردع كثيرين من الرغبة في إعداد أنفسهم لدور سياسي عندما يحين الوقت.

ويشكل الإنترنت وسيلة الشباب للمشاركة مع صناع القرار، وكقناة للمشاركة، ووسائل بديلة يجري عبرها بناء الشبكات التي تتحدى سرد التيار السائد، والذي يضع السياسيين والسلطات تحت المساءلة، مما يبرز الحاجة إلى بناء المزيد من الجسور للشباب للمشاركة في المنافذ الإعلامية الحكومية على قضايا لها أهمية وطنية.

الشباب هم قادة التغيير في المجتمعات، ويبقى أن يعترف المجتمع وصناع السياسات في العالم بأن الشباب معنيون بالقرارات التي تؤثر في حياتهم ويفتحوا المجال أمام مشاركتهم. ومع بيئة تمكينية ملائمة، فإن أجندة التنمية المستدامة قد تكون إنجازهم.

شباب الإمارات.. مشاركة وتمكين وبناء المستقبل

تراهن دولة الإمارات على الشباب في صناعة المستقبل، وقد اتخذت الإمارات خطوات عدة لضمان المشاركة الفاعلة للشباب وتمكينهم. فقد تم تعيين معالي شما المزروعي بعمر 22 عاماً وزيرة دولة لشؤون الشباب، وبلغ معدل العمر في الحكومة 38 عاماً، وانضم سعيد صالح الرميثي لعضوية المجلس الوطني الاتحادي ليكون أصغر الأعضاء سناً بعمر 31 عاماً. وتم تشكيل «مجلس الإمارات للشباب»، ومجالس شبابية محلية ووزارية ومؤسسية وعالمية، وتوفير فرص تعليم ودعم أعمال ووظائف ومنح زواج، وتأسيس جمعيات ونوادٍ وبرامج قيادات وفعاليات وغيرها.

نموذج الأمم المتحدة

نموذج الأمم المتحدة هو محاكاة تعليمية أو نشاط أكاديمي يتعرف الطلاب من خلاله على الدبلوماسية والعلاقات الدولية والأمم المتحدة. ويتعلم المشاركون البحث ومهارات التحدث والكتابة والتفكير النقدي والعمل الجماعي وقدرات القيادة، كما تقدم بعض المدارس نموذج الأمم المتحدة كصف.

تاريخ مميز

12 يوليو 2013، احتل الشباب قاعة الأمم المتحدة. وقد تم استقدام مئات المدافعين الشباب عن التعليم من أنحاء العالم، بما في ذلك مالالا يوسف التي ألقت خطاباً.

برنامج الإمارات للمندوبين

تم إطلاقه عام 2016، واختيار كل من آمنة محمد السويدي ومحمد عبد الرحمن رفيع، وفق معايير محددة تتوافق مع متطلبات التمثيل الدولي، ليكونا أول مندوبين يمثلان شباب الإمارات في الأمم المتحدة.

Email