كانت رياضة الصقارة حتى وقت قريب هواية يمارسها الرجال ، إلا أنها لم تعد حكراً عليهم، فقد دخلت المرأة حيز المنافسة ، إذ تقوم الصقارة الإماراتية عائشة المنصوري بتعليم السيدات الراغبات بتعلم هذه الرياضة في نادي أبوظبي للصقارين، حيث تعتبر الأولى محلياً وخليجياً، وتعتبر المنصوري الصيد بالصقور رياضة تعلم الصبر وسعة الصدر. عن عوالم هذه الهواية التراثية كان هذا الحديث معها :
كيف دخلت عائشة المنصوري عالم الصقارة ؟
دخلت هذا العالم الجميل بفضل الله ثم بفضل والدي «الله يطول بعمره» من خلال صقارته وخبرته، فأحببت هذه الرياضة وتعلمت منها الكثير وكان والدي هو الداعم الأول لي حتى الآن، إذ كان يصحبني إلى التدريب منذ كنت في الرابعة من عمري، وعند إطعام صقوره في (العشه) والاهتمام بهم كنت أحاول أن أكون معه فلاحظ حبي للصقور وأعطاني في أحد الأيام بومه تعلمت عليها ومنها بدأت انطلاقاتي في عالم الصقارة.
رعاية
كيف تقبل مجتمع الصقارين وجود امرأة في هذا المجال؟
حظيت المرأة الإماراتية بوجه خاص في ظل دولة الإمارات باهتمام ورعاية كبيرين، إيماناً بأهمية دور المرأة في بناء المجتمع ومسيرة التنمية، وكانت محظوظة باستمرار ذلك الاهتمام الذي أولاه لها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واستمر هذا الاهتمام في ظل ورعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، بتشجيعهم للمرأة على الدخول في كافة المجالات وتشجيعها، وكان أن قدمت فكرة لنادي يعلم المرأة الصيد بالصقور.
فاستجاب نادي أبوظبي للصقارين لهذا المقترح بتخصيصهم قسماً للسيدات تحت إشرافي إذ أقوم بتدريب السيدات على هذه الرياضة. والجدير بالذكر أن المرأة قديماً عند ذهاب زوجها للعمر كانت تعرف كيفية التعامل مع الصقر فتأخذه للصيد وتأتي بالطريدة لتسد جوعها وجوع أبنائها.
البداية
بدايتك كانت مع طائر البوم في التدريب فما هو الفرق بين طائر البوم والصقر ؟
بالفعل كانت بدايتي مع طائر البوم، بحكم صغر سني آنذاك ونظراً لصغر حجمها فكانت سهلة الحمل ومناسبة لعمري الذي لم يتجاوز الأربع سنوات، وقد تحدثت عن هذا الموضوع في الجزء الثاني من كتاب (عوشة وأم طوق)، للكاتبة مريم ملا والذي سينشر خلال معرض الشارقة للكتاب، وهو عبارة عن سلسلة كاملة تهدف تعليم رياضة الصيد بالصقور للأطفال، تحدثت فيه عن تجربتي مع طائر البوم والتي علمتها عدم الخوف من الناس، وإطعامها بيدي، ودربتها على التلواح وألبسته السبوق ومرسل، ووضعتها على المنقلة، وكنت في الرابعة من عمري.
هل تعلمين ابنتك الصقارة ؟
نعم وهي الآن في الرابعة من عمرها وهو نفس العمر الذي تعلمت به، وأحرص على أن تكون بقربي خلال التدريب، وقريبة من الصقور أيضاً، وهي تعرف الآن أدوات الصقور كالسبوق والمرسل والدوار والبرقع والتلواح، وتميز أنواع الصقور، وعلمتها أيضاً الكلمات المستخدمة في رياضة الصيد بالصقور، مثل (مدعا/ هدد/ والطير ربيب/ الطير وحش) وغيرها الكثير، واصطحبها في رحلات الصيد كونها في مرحلة عمرية مؤهلة للتعلم.
رحلات
ما أثر رحلات الصيد في تعزيز خبرتك بهذه الرياضة؟
رحلات الصيد تعلم الكثير، لاسيما اختيار مكان الصيد فكل صقار يعرف صقره ومدى صقارته، والرحلات تعتبر فرصة لكل صقار، الصعوبات موجودة لكنها تختلف من شخص لآخر في طريقة اجتيازها وحلها، وأذكر قبل خمس سنوات كنت في رحلة صيد مع عمي رحمه الله، ووالدي وكانت من أجمل الرحلات التي مرت في حياتي رغم قلة عدد أيامها التي لم تتجاوز 5 أيام فقط، خلالها تعلمت الكثير إذ كان عمي يتصف بسعة الصدر وطيب الخاطر، وكان يقص الحكايات طوال الرحلة وكنا كل يوم نصيد اثنين أو ثلاثاً لا أكثر من الأرانب.
ما الصفات التي يجب أن يتحلى بها الصقّار ؟
أهم الصفات هي الصبر وسعة الصدر وحسن الخلق والاهتمام بالصقر والخبرة في معرفة أنواعه، ومن ثم اختيار الصقر، لأن التعامل مع الصقر يعتمد على نوعيته فالتعامل مع طير الحر يختلف عن الجير والشاهين، فالأمر يحتاج لصبر وروية، حتى يأنس لصحابه ومن حوله ويعتاد عليهم، وأذكر أن أحد طيوري وكان من نوع الحر، وكان يحب أن يكون بالقرب منا، وكنت أجلس مع والدي حول النار بينما يبعد هو عنا 6 أمتار، فكان يخفق بجناحيه حتى يرمي الوكر و يسحبه إلينا، وهو يعكس رغبته بأن يكون قريباً منا، والصقار الفطن و النبيه يدرك هذه الأمور.
الصقر المفضل
ماذا تمتلكين من الصقور.. وما النوع المفضل لديك ؟
هناك أنواع عديدة للصقور أهمها وأشهرها الحر والشاهين والجير، ولكل نوع أنواع مختلفة حسب قياساتها وأوزانها، وأنا أحرص على اقتناء الأفضل وبفضلٍ من الله ثم والدي الجير الصافي والجير قرموشة والجير الحر والوحش، من الروسي و الإيراني والجرودي، والشاهين الذي لم أتعمق في عامله. أحاول أن أعرف كل أنواع الصقور فهي كالإنسان تفرض شخصيتها وقد تفاجئك في الصيد لتكتشف شيئاً جديداً، وأنا في هذا الموسم حرصت على أن تكون تجربتي عن الحر وحش فقط من نوع الحر الجرودي والحر المنغولي والحر السنجاري.
بماذا يتميز الصقر العربي عن غيره من الصقور؟
بمجرد أن أقرأ كلمتي الصقر العربي، أتذكر الصقر الحر الوحش، لأنه من أكثر الصقور اقتناءً في الجزيرة العربية، ويتميز بصفات الصبر والقدرة على تحمل الجوع، وسرعة التأقلم، والاستئناس بصقاره، وأخبرني عمي رحمه الله عن قصص كثيرة لهذا الصقر، والتي تدل على وفاء الصقر العربي لصحابه.
مشروع
صدر في معرض أبوظبي للكتاب مؤخراً كتاب (عوشه والجد مطر) وهو الجزء الأول حدثينا عن هذا العمل وهل هناك أجزاء أخرى ؟
هو عبارة عن مشروع مشترك بيني كأول صقارة في الإمارات ومنطقة الخليج وبين الكاتبة مريم ملا، وهي متخصصة في كتابة التراث الإماراتي، وانتهينا مؤخراً من الجزء الثاني، حيث جمعنا فيه المعلومات والخبرات، وكان الجزء الأول بعنوان (عوشة والجد مطر) يعلم الأطفال الصقارة بالرسومات التوضيحية الملونة، وبعض الكلمات المحلية، وقدمنا الإصدار إلى مطبعة المكفوفين في مؤسسة زايد للرعاية الإنسانية في أبوظبي وصدر أيضاً باللغتين العربية والانجليزية، والجزء الثاني سيصدر في معرض الشارقة للكتاب 2017.


