البحث عن أسرار الدولة ضمن رسائلها الخاصة

بريد هيلاري تحت طائلة الاتهام

بريد هيلاري الإلكتروني كان معرضاً للقرصنة وإتلاف رسائله الهامة - أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خطوة صاعقة للديمقراطيين، ووسط موجةٍ من التساؤلات حول الشفافية والأخلاقيات، كشفت تسريبات أخيرة عن لجوء المرشحة الرئاسية المحتملة هيلاري كلينتون إلى حساب إلكتروني خاص غير آمن، لإدارة أعمال الحكومة خلال السنوات الأربع لها كوزيرة خارجية أميركا السابقة، بشكل مناف للقوانين الاتحادية.

إلا أن هيلاري قالت، في أول تعليق علني لها عبر تويتر: «أريد للشعب أن يطلع على رسائلي الإلكترونية، وقد طلبت من الوزارة الكشف عنها، فأجابوا إنها ستخضع للمراجعة استعداداً للنشر في أقرب وقت ممكن».

وأفادت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، في تقرير نشر أخيراً، أن التقارير الصحافية التي فصّلت ترتيبات هيلاري لتبادل الرسائل الرسمية عبر بريد إلكتروني خاص يحمل اسم نطاق «كلينتون»، وسيرفر مشغل ذاتياً، قد أطلقت إنذارات عدة حول إمكانية حدوث قرصنة للرسائل الهامة، أو إتلافها.

ودعا حاكم فلوريدا الجمهوري السابق جيب بوش، في تغريدة عبر تويتر، هيلاري كلينتون إلى نشر الرسائل غير السرية على مبدأ أهمية الشفافية، مشيراً إلى أنه يمكن لمن يشاء الاطلاع على رسائله الخاصة، وذكر الرابط الذي يتيح ذلك.

ورد وزير الخارجية الأميركي جون كيري على طلب هيلاري بالإعلان أن «الوزارة ستأخذ على عاتقها المهمة بأسرع ما يمكن، للتأكد من أننا نتعامل مع الكمّ الهائل من الرسائل بطريقة مسؤولة». وقد أشار مسؤولون إلى أن هيلاري قد كشفت عما يزيد عن 55 ألف صفحة من الرسائل. وحذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف من أن عملية المراجعة «قد تستغرق بعض الوقت لإنجازها».

وكان الناطق الإعلامي للبيت الأبيض جوش إيرنست قد نأى بالمكتب التنفيذي للرئيس الأميركي باراك أوباما عن الجدل القائم، قائلاً: «إنها مسؤولية قادة وزارة الخارجية أن يحرصوا على تقيد موظفي الوزارة بقانون السجلات الاتحادي، لكن إن كانت كلينتون قد كشفت عن جميع رسائلها الخاصة من حسابها الشخصي، فسيكون ذلك متماشياً مع متطلبات القانون».

ووجهت كارلي فلورينا، المرشحة الديمقراطية المنافسة المحتملة، نقداً قاسياً لهيلاري، حين قالت عبر صحيفة «ديلي ميل»: «تثير الأحداث الأخيرة تساؤلات جدية حول تحديد هيلاري كلينتون لمفهوم القيادة. فهل تعتقد أنها تعني التصرف خارج إطار القانون؟ وهل تظن أنه يمكن للقيادة أن تتوفر بغياب الشفافية؟».

وأشار جون بولتون، السفير الأميركي السابق للأمم المتحدة، إلى أن الحساب الشخصي لهيلاري قد شكل خطراً على الأمن القومي، وقال: «معظم الرسائل البريدية للوزارة حول الأعمال الرسمية يجب حفظها على نظام سري تابع للوزارة، حتى ذاك النظام يجب أن يكون سرياً، فكيف نتحدث هنا عن حساب شخصي؟».

وكان المتحدث الشخصي باسم هيلاري كلينتون، نك ميريل قد أصدر بياناً، أخيراً، رداً على تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، وجاء فيه: «على نهج وزراء الخارجية السابقين، كانت هيلاري تستخدم حسابها الإلكتروني الخاص للتواصل مع المسؤولين في الوزارة، وكانت تراسلهم على حسابات رسمية تابعة لوزارة الخارجية، وهي تتوقع تماماً أن تكون قد حفظت.

وحين طالبت الوزارة وزراء الخارجية السابقين، العام الماضي، المساعدة على تأكيد حفظ بريدهم، في الواقع، تجاوبنا على الفور. ويتيح نص وروحية القانون لمسؤولي وزارة الخارجية استخدام حساب غير تابع للوزارة، شرط الاحتفاظ بسجلات مناسبة لذلك. وهذا ما حصل نتيجة لطلب الوزارة مساعدتنا التأكد أنها حفظت بالفعل».

وأفاد تقرير لصحيفة «تايمز» البريطانية أنه «تم اكتشاف الحساب الشخصي لهيلاري من قبل لجنة تابعة لمجلس النواب الأميركي تجري تحقيقاً حول تفجير القنصلية الأميركية في بنغازي.

وذلك حين طلبت البريد المتبادل بين هيلاري ومساعديها». واكتشف المحققون العنوان السري لحساب هيلاري كلينتون الشخصي، وتبين أنه لم تتم أرشفته مطلقاً أثناء وجودها في الوزارة، بموجب مقتضيات القانون الاتحادي. وطلبت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري من المفتش العام لوزارة الخارجية المباشرة في تحقيقات خاصة تؤكد عدم مخالفة هيلاري كلينتون للقانون.

وكان كل من البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية قد حرصا على الإعلان أنه، على حدّ علمهما، فإن جميع رسائل هيلاري كلينتون قد تم تأمينها، وأن المزيد من الأسئلة ينبغي أن يوجّه إلى هيلاري وفريق عملها. وحذر الخبير الأمني مات ديفوست من أنه بوجود سيرفر خاص تحظى هيلاري بسلطة محو البيانات كافةً من دون أثر لها.

وأشار النائب الجمهوري جايسون شافيتز في تعليق على المسألة: «يستدعي الأمر السؤال التالي: هل كان هناك نوع من المعلومات السرية التي تمر عبر حساب بريدي شخصي؟» وأكد أن تبادل تلك المعلومات مع غير المعنيين يعتبر جريمةً.

التحايل على القانون

وجهت مجموعة الرقابة المحافظة التي تعرف باسم «مسبب التحرك»، تهمة إلى هيلاري كلينتون بأنها عمدت «بشكل انتقائي» إلى الكشف عن رسائلها للوزارة، واعتبرت الخطوة «مراوغة، وغير كافية بالكامل».

وقال دان أبشتاين، مدير المجموعة التنفيذي: إن مطالبة هيلاري بنشر رسائلها الإلكترونية «لا تقدم شيئاً لمعالجة المسائل الأساسية المتعلقة بما إذا كانت الرسائل الرسمية قد حذفت، أو ما إن كانت المعلومات السرية الخاصة قد تعرضت لخطر الكشف عنها. يستحق الأميركيون أن يجرى تحقيق شامل للتعرف على إمكانية وجود أدلة تثبت عدم حفظ الرسائل الرسمية ضمن السجلات الحكومية.

إلا أنه ما من سبيل لمعرفة ذلك. وهذا هو السبب الحقيقي لاعتبار تصرف هيلاري منافياً للقانون، ويدحض روح الانفتاح والشفافية للحكومة، ويبقي الناس في عتمة الجهل عن الواقع، ويثير أسئلة جدية حيال الأمن القومي».

Email