الحديث عن الموروث المحلي بين الشباب ظل من الممارسات المحببة لهذه الشريحة، وبالرغم من تعدد اللغات والثقافات التي تزخر بها الدولة، فإن هناك شريحة كبيرة من الشباب لا تزال تحافظ على الكلمات المحلية وتستمتع بتداولها، ولسان حالهم يقول: «اللي ماله أول ماله تالي»، ما يؤكد اعتزاز جيل الشباب الحالي باللهجة المحلية التي لا تقتصر على جيل الطيبين الذين عاصروا هذه الكلمات والزمن الجميل القديم فقط.

ومن خلال الحديث مع عينة من هؤلاء الشباب، تبين لنا أن كلمة «أونه» هي الأكثر تداولاً، وتقال عند عدم التصديق لموضوع ما، أو عند الاستغراب، وقد طبعت على «الكابات» ليلبسها الكثيرون منهم، وللحديث عن الكلمات الباقية في قاموس اللهجة المحلية التي لم يندثر منها شيء تقريباً، «البيان» التقت مجموعة من الشباب وأصحاب الحسابات الإلكترونية والمهتمين بالتراث، فكان الحصاد التالي..

جيل السبعينيات

التقينا بالإعلامي المهتم بالتراث الإماراتي جمعة بن ثالث للحديث عن مدى تمسك الشباب بالمفردات المحلية، فقال: «بسبب تعدد اللغات والثقافات المحيطة بالمجتمع الإماراتي، نجد البعض لا يفهم مرادك عند الحديث معه، ولكن مع وجود شبكات التواصل الاجتماعي مثل الإنستغرام تجد الشباب يتعلم الكثير».

وأضاف بن ثالث: «من وجهة نظري، إن جيل السبعينات هو الأقل تأثراً باختلاط الثقافات، والأكثر تمسكاً بالموروث المحلي من المفردات المحلية القديمة، وهو الأكثر محافظةً على عدم اندثارها».يحدثنا عبد الله العريدي عن بعض الكلمات التي يتداولها الشباب بعد معرفتها من شبكات التواصل، فيقول: «عند معرفتي بكلمة محلية ذات معنى ومدلول قوي، أقوم بتداولها مع الأصدقاء، مثل كلمة «مناعير»، وهو الرجل القوي، فأصبحنا نستخدم هذه الكلمة في الرحلات مع الشباب ممن يقوم بمجهود قوي، أو لتشجيع وحث الشباب على عمل ما».

وأضاف العريدي: «كلمة «سنجباتي» مثلاً، وهي تعني الأسمر الجميل، وهي من أنواع اللؤلؤ أيضاً، البعض يتداولها، لكن لا يعرف معناها الصحيح، فقد يقول أحدهم: الجو اليوم «سنجباتي»، أو تقال للطبخة اللذيذة، وهذا استخدام ليس في محله، ويقصدون الشيء الجميل جداً».

«سنجباتي»

وتؤكد شذى الهاجري كلام العريدي، إذ تقول: «كنت أستخدم كلمة «سنجباتي» للأشياء الجميلة كالجو مثلاً، ولكن أحب الكلمات المحلية والبحث فيها، وإذا تعلمت كلمة جديدة أرددها بالرغم من غرابتها أحياناً حتى أحفظها، وأحياناً تختلف الكلمات المحلية بين إمارة وأخرى، وإذا استغربت كلمة أسأل عنها، وتوجد الآن حسابات بشبكات التواصل الاجتماعي أتابعها للاستمتاع بالكلمات التي أعرف الكثير منها».

الهوية الوطنية

وتعبّر شيخة العبدولي، خريجة حديثاً في هندسة الديكور، عن استمتاعها عند معرفتها حساباً يتداولون فيه الموروث اللغوي الذي يعزز هويتها الوطنية، فقالت: «قمت بعمل «منشن» لكل واحد وما تناسبه من كلمة محلية، مثلاً «متقاشر على عمره»، وتعني الشخص الذي يقوم بفعلة قد تلحق الضرر به».

وتضيف شيخة: «أحياناً أقول كلمة محلية قديمة خلال تجمعات الصديقات، وأفرح عند معرفة أحداهن معنى هذه الكلمة، وأشجع الحسابات الإلكترونية التي تعطي وتشرح كلمات محلية بطريقة كوميدية وبرسوم تجذب فئة الشباب بالذات».

مجهود شخصي

أكد حساب «مفردات الإمارات» «mfrdat_uae» على الإنستغرام الذي يتزايد عدد متابعيه، وبمجهود شخصي يقوم عليه مجموعة من النساء والرجال من جيل الطيبين كما يعرفون أنفسهم، بإحياء اللهجة المحلية بصورة لطيفة وجمعها من كل مناطق الدولة، والقيام بتركيب كلمات على صور معبرة أو رسوم متحركة متعلقة بذاكرة الجيل الحالي، لتوصيل المعنى بطريقة كوميدية أحياناً ومحببة للمعرفة والتعلم.