وارى الراحل محمود سعيد الملقّب ب«صقر العرب »، إلى جانب حنجرته الرخيمة ، الثرى في مقبرة «شهداء فلسطين» في مدافن شهداء الثورة الفلسطينية بمخيم شاتيلا بعد أن صليّ على جثمانه في جامع الخاشقجي في الطريق الجديدة في بيروت بحضور سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، ومسؤولي الفصائل الفلسطينية والقوى والأحزاب اللبنانية، حيث عانى من مرض عضال صارعه سنوات، وتوفي عن عمر ناهز 74 عاماً.

نعي

ونعت سفارة دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينيّة والاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين، الراحل ووزعت السفارة نبذة عن حياته جاء فيها: ولد الفنان الفلسطيني محمود سعيد في مدينة يافا عام 1940، وهاجر مع عائلته وهو في عمر الثامنة من فلسطين الى مدينة صيدا في لبنان درس في مدارس الاونروا في مخيمات اللجوء في لبنان، كما حمل قضية فلسطين منذ الطفولة حتى يوم مماته، فيما كان أشقاؤه يحاربون في «جيش الإنقاذ» دفاعاً عن فلسطين، وعمل سعيد مع يعقوب الشدراوي، ولقّب بـ«صقر العرب»، نسبة إلى إحدى المسرحيات، وأدى دور خالد بن الوليد في فيلم الرسالة للمخرج مصطفى العقاد.

ساهم الراحل محمود سعيد في بناء الوعي الثقافي والفني الفلسطيني وكان نجماً في سماء الفن العربي، وشارك في العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية والاذاعية العربية، بالإضافة إلى أنه رعى الفنانين الفلسطينيين في لبنان من خلال بناء «الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين» الذي كان رئيساً فخرياً له.

حياة فنية

ولد محمود سعيد في مدينة يافا الفلسطينية وانتقل لاحقا إلى لبنان بعد النكبة، وقد اشتهر بأداء أدوار مميزة في عشرات الأعمال التلفزيونية والسينمائية، وحقق شهرة واسعة في المسلسل البدوي الأول في العالم العربي «فارس ونجود» (1974) الذي تقاسم فيه دور البطولة مع سميرة توفيق، وأسّس هذا المسلسل لمجموعة أعمال تلفزيونية وسينمائية على النمط البدوي تلقفتها المحطات العربية كافة.

كما شارك في مجموعة من الأعمال عن فلسطين، منها المسلسل التاريخي الضخم «وتعود القدس»، وفيلم «فداك يا فلسطين»، وأدى شخصيات أخرى ومنها الإسكندر المقدوني وعمر الخيام.

بداية محمود سعيد

بعد وفاة الوالد، سجّلته أمه في «دار الأيتام الإسلامية» حيث تابع دروسه حتى المرحلة الثانوية، والتحق بمدارس «الأونروا»، ليدرس فيها حتى السنة الثانوية الثانية، وبالوقت نفسه كان يتردد على دار الأيتام رئيس قسم المذيعين في «الإذاعة اللبنانية» شفيق جدايل لينظم عملاً مسرحياً في نهاية كل عام دراسي، وهناك، اكتشف جدايل موهبة الطفل محمود في التمثيل والأداء.

في عام 1959، لم يتردد الشاب المولع بالفن في التقدم إلى مباراة أجرتها «الإذاعة اللبنانية» لممثلين وإذاعيين، وكانت اللجنة حينها تتألف من إيلي ضاهر ووجيه ناصر ونزار ميقاتي ومحمد شامل وغيرهم، واختير محمود سعيد الجارية ليكون ممثلاً ومؤدياً في الإذاعة.

في تلفزيون لبنان، كانت إطلالته الأولى عام 1961 بجملة «بدوية» وحيدة في برنامج «من وحي البادية» أسندها إليه رشيد علامة يقول فيها: «إنْ ما تْرِيدون النُّوْم غيركُم يْريد يْنام».

وبين إطلالات في مسلسلات «أبو ملحم» إلى «حكمت المحكمة» و«مسرح الخميس» و«بيروت في الليل» وتقديم شخصيات مثل الاسكندر المقدوني وعمر الخيّام؛ راح رشيد علامة يختاره في أكثر من عمل لـ«تلفزيون لبنان والمشرق» مثل «سرّ الغريب» (1967) من إخراج أنطوان ريمي وإعداد السيناريست جلبهار ممتاز، وهو أول مسلسل باللغة العربية الفصحى.

في هذه الفترة، كانت له مشاركات سينمائية في عدد من الأفلام مثل «عنتر يغزو الصحراء» (1960) و«غارو» (1965) و«صقر العرب» (1968) و«أسير المحراب» (1969).

وبعد مسلسل «التائه»، قدّم في برنامجه «من تراثنا» (1970) 18 شخصية تاريخية منها ابن سينا، والرازي، وابن خلدون، والفارابي، كما قدّمه أنطوان ريمي في مسلسل «السراب» مع زوجته هند أبي اللمع في إطلالتها الأولى وجمعهما أيضاً في مسلسل «غروب»، إلى أن جاء المسلسل البدوي الأول في العالم العربي «فارس ونجود» (1974) الذي تقاسم فيه دور البطولة مع سميرة توفيق (إخراج إيلي سعادة عن نصّ لنزار مؤيد العظم).

وحقق «فارس» المسلسل، الشاب البدوي الأسمر، شهرة واسعة ظلت أصداؤها تتردد لسنوات طويلة وأسّست لمجموعة أعمال تلفزيونية وسينمائية على النمط البدوي تلقفتها المحطات العربية كافة، وقد شاركته سميرة توفيق بطولة معظمها.

وفي عام 1976، قرّر المخرج السوري مصطفى العقاد تصوير فيلم «الرسالة» عن سيرة النبي محمد، وراح يختار شخصيات الفيلم من العالم العربي، فهمس له زميله على مقاعد الدراسة ومدير التلفزيون الكويتي محمد ناصر السنعوسي باسم محمود سعيد، فدعاه العقاد إلى لقاء في مكتبه في بيروت، ولم يطلب العقاد من سعيد تقديم عرض تمثيلي، بل استمع إليه وهو يقرأ من سير الشخصيات التاريخية، ليختاره بعدها لتأدية شخصية خالد بن الوليد.

وعندما اشتعلت الحرب الأهلية اللبنانية، غادر إلى أثينا حيث أقام ثلاث سنوات، ثم إلى الأردن حيث أقام نحو خمس سنوات قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال التلفزيونية.

أعمال مسرحية

شارك الراحل محمود سعيد في أعمال مسرحية عديدة ومن بينها: مثل «المهرّج» لـ محمد الماغوط، و«موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح وإخراج يعقوب الشدراوي، و«موقعة عنجر» من إخراج نزار ميقاتي، و«موال الأرض» مع عايدة عبد العزيز.