موسيقيون خلف كوكب الشرق.. سلطنة العزف الساحر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كان لصعود أم كلثوم على خشبة المسرح شعور خاص، يجعل مستمعيها في حالة هيام موسيقي، قادر على فصلهم عن الواقع، وهي الحالة التي أطلق عليها محبو الست اسم «السلطنة»، التي طالما ارتبطت بها، في إشارة إلى الراحة النفسية التي كان صوت أم كلثوم يصيبهم بها. سحر أم كلثوم لم يصب الجمهور وحسب، وإنما أعضاء فرقتها الموسيقية أيضاً، والذين كانوا لا يستطيعون مقاومته، وسرعان ما ينسجمون معه، لدرجة ينسون معها قراءة النوتة الموسيقية، ليبدو عزفهم تلقائياً من دون قيود. نجاح أم كلثوم وسحرها وقف خلفه عناصر عدة لا يمكن إغفالها، ومن بينها، مجموعة الملحنين والعازفين الذين نالوا من الشهرة قسطاً قليلاً، أبرزهم محمد القصبجي والسنباطي وزكريا أحمد، وغيرهم ممن سعدوا بالعمل مع أم كلثوم.

سيد عازفي العود

الموسيقار محمد القصبجي، والذي يلقب بسيد عازفي العود، من بين هؤلاء، فهو لم يكن مجرد ملحن أو عازف للعود خلف أم كلثوم، بل كان قائداً وملهماً لها وللفرقة، ويحسب له الفضل على أم كلثوم في براعتها في الغناء بالفصحى والعامية، وتطوير المقامات الغنائية والألحان. القصبجي، والذي ولد لأسرة تعشق الموسيقا، صنع آنذاك فنانين كباراً، مثل أسمهان وليلى مراد، وبقي كذلك حتى قبع على الكرسي الخشبي خلف أم كلثوم، محتضناً عوده حتى نهاية حياته، حيث حزنت عليه أم كلثوم كثيراً، وتكريماً له، قرَّرت عدم جلوس أحد بالعود خلفها.

ويذكر في الكواليس أن أم كلثوم والقصبجي كانا دائمي الضحك وإلقاء النكات، وفي موقف طريف، حثت أم كلثوم أحد أصدقاء القصبجي، على دعوته للعشاء في أحد المطاعم الكبيرة، وتحجج صديقة بأنه سيتحدث في الهاتف وتركه في المطعم، إلى أن جاءت فاتورة الحساب، وكانت باهظة الثمن، واضطر القصبجي لدفعها، وبعدها مباشرة اتصلت أم كلثوم به وقالت له مازحة «اتعشيت كويس يا قصبجي».

مجدد المقامات

الشيخ زكريا أحمد، كان أحد القابعين خلف أم كلثوم، التي لحن لها أكثر من 60 أغنية، بدأ زكريا المولود لأسرة متدينة أزهرية في التلحين لأم كلثوم عام 1931، في أغنية «اللي حبك ياهناه»، لتتوالى بعدها ألحانه البديعة، أبرزها «الورد جميل»، ويحسب له الفضل في إدخال مقامات جديدة، وتطوَّير اللحن التقليدي، ووضع حجر الأساس لتطوير الأغنية القديمة إلى المعاصرة.

كمان الحفناوي

عازف الكمان أحمد الحفناوي، الذي ولد في ريف مصر، وتعلم الأصالة من أهلها، انتقل للعزف على الكمان خلف أم كلثوم، وبرع في ذلك، وعمل بالإذاعة، وله مؤلفات موسيقية عدة، وأنشأ فرقة موسيقية باسمه «خماسي الحفناوي»، وله صولات في العزف منفرداً على الكمان، كما في «رسالة من تحت الماء» لعبد الحليم حافظ.

آخر ما تبقى

أما ما تبقى من فرقة أم كلثوم، هو عازف آلة الكونترباص عبده قطر، الذي التحق حينها بمعهد الموسيقا، وأتقن العزف على آلة الكونترباص، ويذكر أنه علم الملحن بليغ حمدي أصول العزف علــى العود، حتى اكتشفه الموسيقار رياض السنباطي وضمَّه إلى فرقة أم كلثوم، وبدأ بالعزف خلف الست في أول أغنية له معها «رابعة العدوية»، واستمر معــها، وهو آخر ما تبقى من الفرقة.

السنباطي يكفي

تضم الكراسي خلف أم كلثوم، أشخاصاً سطروا بعزفهم تاريخ الفن والغناء، مثل الموسيقار رياض السنباطي، الذي ارتبط اسمه طويلًا بأم كلثوم، التي لحن لها أكثر من 90 لحناً، وتميَّز في تلحين الأشعار الفصحى والقديمة، بعكس أقرانه زكريا أحمد والقصبجي الذين برعوا في تلحين الأغاني العامية لأم كلثوم، ومن روائع السنباطي مع أم كلثوم، أغنية «الإطلال» و«على بلد المحبوب وديني»، والتي كانت أول أغنية يلحنها السنباطي لها.

وتضم القافلة، الموسيقار محمد الموجي، الذي ضمته الست إلى فرقتها، بعد أن كان يلازم الفنانين الشباب آنذاك، مثل عبد الحليم حافظ، ولحن لأم كلثوم أغنيات كثيرة، أبرزها «للصبر حدود».

 

سرقة الانتباه

 

لا يمكن نسيان الموسيقار بليغ حمدي، الذي سرق انتباه أم كلثوم، عندما سمعت أغنية »تخونوه« لعبد الحليم حافظ التي أبهرتها، ووصفته بأنه »موهوب«، وقالت نصاً »أنا عايزة الولد ده..«فجاؤوا لها برقم هاتفه، لتتصل به ، حينها لم يصدق حمدي نفسه بأن كوكب الشرق تكلمه وتطلب منه العمل معها، فقام بتلحين مجموعة أغنيات رائعة لها، مثل »أنساك« و»ياللي ظلمتوا الحب«.

Email