يطرح فكرة التعايش وقبول الآخر وروحانية الإنسان

«الخواجة عبدالقادر» يحتار بين العامية والعربية الفصحى

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مع انطلاقة الموسم الرمضاني، تمكنت مجموعة من المسلسلات من جذب عيون المشاهدين إليها، ومنها مسلسل "الخواجة عبدالقادر" الذي يقدم لنا الممثل يحيى الفخراني بوجه جديد، حاملاً معه مجموعة من الرسائل الهادفة التي تدور حول فكرة التعايش وقبول الآخر، إلا أنه وبرغم ذلك وقع في مطب اللغة العربية، ليحتار أبطاله ومشاهدوه بين استخدام العربية الفصحى والعامية.

البحث عن الروح

أحداث المسلسل الذي أخرجه شادي الفخراني، وشارك في بطولته إلى جانب الفخراني السورية سلافة معمار، حشد من الممثلين من بينهم سوسن بدر ومحمود الجندي وصلاح عبد الله وعبد العزيز مخيون وأحمد فؤاد سليم وصلاح رشوان، تعيدنا إلى بداية الأربعينيات من القرن الماضي، وتستمر حتى أوائل الألفية الثالثة، وهي تبدأ في الدوران أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، لتعكس لنا طبيعة الأوضاع السياسية والاجتماعية المضطربة للشعب المصري، والعالم بأكمله خلال تلك الفترة. ويلعب الفخراني في هذا المسلسل دور صائغ وتاجر مجوهرات بريطاني يدعى "هربرت"، وبعد فقدانه لثروته وأخيه وابن أخيه خلال الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن فشل زواجه، يقرر السفر إلى مصر للاستقرار فيها وهناك يشهر إسلامه ويطلق على نفسه اسم عبد القادر، ويقع في حب فتاة مصرية تدعي (زينة) والتي تقوم بدورها الممثلة سلافة معمار.

مطب اللغة

في حلقاته الأولى يبدو أن أبطال المسلسل وقعوا في مطب اللغة العربية، حيث أفقدت عملية المزج بين الفصحى والعامية بعض المشاهد مصداقيتها، خاصة وأن العمل منذ بدايته يتحدث أبطاله باللغة العربية الفصحى، وقد بدا هذا الأمر جلياً في أحد المشاهد التي جمعت "هيلبرت" (يحيى الفخراني) وشقيقته "كاتي" (المخرجة نبيهة لطفي)، عندما ذهب ليودعها قبل سفره إلى مصر، وطلب منها الاحتفاظ بقطته، كما سألها عن صورته معها عندما كانت ترتدى أحد الفساتين الجميلة، فردت عليه بالقول: "إنها عندي أتريدها بس على شرط مفيش سفر"، والموقف ذاته تكرر في مشهد آخر جمع الفخرانى وزوجته مها أبو عوف عندما كان يتحدث عن والدتها، حيث قال لها" "أمك اللى سابت أبوكى من أجل عربجى".

جرعة جرأة

ولكن على الرغم من هذه السلبية لا يمكننا الإنكار بأننا أمام عمل جاد، فيه جرعة من الجرأة، فمثلاً نجد أن حلقاته الأولى أثارت قضية هدم الأضرحة، من خلال عرض مشاهد لبعض السلفيين الذين يحاولون هدم ضريح الخواجة عبد القادر داخل إحدى قرى الصعيد، وهو الأمر الذى يفزع والد أحد هؤلاء الشباب، الذي يجسده الممثل محمود الجندي، حيث يهرع للحاق بولده قبل هدمه للضريح، وينجح بذلك، ويتمكن من إقناعه بالعودة للمنزل، ليروي له تاريخ الخواجة عبد القادر، ومع توالي الحلقات نكتشف طرح المسلسل لقضية قبول الآخر وفلسفة الحب والحوار بين الماضي والحاضر.

رسالة قوية

المتابع للمسلسل يمكنه أن يستشف مدى قدرة الفخراني على تجسيد شخصية الخواجة عبدالقادر، فالفخراني يعتبر أن المسلسل يحمل رسالة قوية لكافة المتعصبين الذين يصنفون الناس وفق دياناتهم أو جنسياتهم وحتى ألوانهم. وأوضح الفخراني في إحدى المقابلات الصحافية أن المسلسل يدور حول فكرة جديدة بالنسبة إليه، مختلفة عن جميع الألوان التي سبق وأن قدمها. وقال فيه: "يمكن وصفه بالدراما الصعيدية التي تمزج الكوميديا بالجدية من خلال شخصية "الخواجة"، الذي يغوص في أعماق الصعيد خلال الفترة التاريخية المهمة، التي سبقت وتلت الحرب العالمية الثانية".

من جهتها، قالت الممثلة سوسن بدر: "للمسلسل طبيعة خاصة لأنه يتحدث بمجمله عن الجزء الروحاني في الإنسان، وعن مدى صحة الاعتقاد القائل إنه وبعد رحيل الإنسان تبقى سمعته وآثاره الروحية موجودة من خلال طيبة قلبه ونقاء سريرته". وأضافت: "يتطرق العمل بمحوره الأساسي إلى طبيعة البشر من خيرٍ وشر، فكما يوجد في الكون طيبة وأناس طيبون، يوجد من يوصفون بالأشرار، حيث يدور الصراع بين الخير والشر"..

لندن والسودان

 

بعض مشاهد المسلسل تم تصويرها في لندن ضمن أجواء ممطرة وشتوية، وتم اختيار العاصمة البريطانية، وذلك حتى تتناسب المشاهد مع طبيعة السيناريو الذي يبدأ من العام 1940، كما كان يفترض أن يتم تصوير بعض المشاهد في السودان، إلا أن توتر الأوضاع هناك حالت دون إتمامها، الأمر الذي اضطر فريق العمل إلى استبدال مواقع التصوير بديكورات مماثلة في مصر، وتحديدا في محافظة أسوان ومدينة الأقصر.

Email