ترميم أضخم لوحة فسيفساء عالمية في أريحا

ت + ت - الحجم الطبيعي

انطلقت في مدينة أريحا بالضفة الغربية في فلسطين جهود إعادة ترميم وإنقاذ أكبر لوحة فسيفساء في الشرق الأوسط، بل في العالم، تقع في قصر هشام شمال المدينة بعد أن اعتبرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «يونسكو» واحدة من درر عمارة الدولة الأموية في القرن الثامن الميلادي. وتقول شبكة «إيه إف بي» الفرنسية، في تقرير حديث لها، إن يونسكو اختارت المهندس السويسري «بيتر زامثور» للقيام بهذا العمل. وقد بدأ «زامثور»، الحائز على جائزة بريتزكر التي تعادل جائزة نوبل في الهندسة، دراسته لهذا الموقع الأثري في عام ‬2006 قبل أن يتقدم نهاية العام الماضي إلى اليونسكو بمشروعه «بيت الفسيفساء»، الهادف لإعادة إحياء الموقع، الذي وصفه بأنها أحد أهم المواقع الأثرية في الضفة الغربية المحتلة.

وقال المهندس السويسري، الذي يبلغ من العمر‬67 عاماً وهو من مقاطعة بازل، إنه يهدف من مشروعه إلى «إعادة الأجواء الأصلية للمكان ليجعل منه رمزاً عالمياً لمدينة أريحا»، التي تعد إحدى أقدم مدن العالم التي تحتفل بالذكرى الألفية العاشرة على وجودها. وتقع بقايا قصر هشام الذي تم بناؤه في عصر الدولة الأموية (‬661 ـ ‬750م) على مساحة ‬60 هكتاراً، ويبعد مسافة ‬260 متراً تحت مستوى البحر غرب وادي الأردن. وقد تم اكتشاف الموقع عام ‬1873، غير أن أولى الحفريات الأثرية فيه تعود إلى ثلاثينات القرن الماضي، عندما بدأ عالم الآثار البريطاني روبرت هاملتون أعمال الاستكشاف هناك، خلال الانتداب البريطاني على فلسطين.

ويضم القصر، الذي يمثل بداية ظهور العمارة الإسلامية، عدة طوابق، ومسجداً وساحة وأروقة مسقوفة بعناقيد على الأعمدة، ونافورة وحمَّاماً.

يقول «زامثور»: «إنَّ الاعتقاد ظلَّ سائداً لفترة طويلة بأن القصر يعود إلى الخليفة الأموي العاشر، هشام بن عبدالملك (‬724 ـ ‬743م)، لكن من المؤكد أن ابن أخ الخليفة وخليفته من بعده، الوليد الثاني، هو من بنى القصر بحدود العام ‬743 ـ ‬744م، وسكنه فيما بعد. وقد تعرض القصر إلى زلزال في عام ‬749.

وقال ممثل مكتب اليونسكو في جنيف: «إن الموقع الأثري لقصر هشام يمثل أولوية لليونسكو، ومن المرجح جداً أن يتم وضعه على لائحة التراث العالمي الإنساني». وقد أطلق «زامثور» على مشروعه اسم «بيت الفسيفساء» لكثرة لوحات الفسيفساء التي يضمّها القصر، لكن أشهرها يحمل اسم «شجرة الحياة»، حيث تقف غزالتان في أسفل الشجرة بهدوء وسلام، في حين يظهر أمامهما أسد وهو يلتهم غزالة ثالثة، في استعارة رمزية للحرب والسلام، حسب تفسير «زامثور».

وتصل مساحة قاعة الحمَّام الكبير إلى ‬850 متراً مربعاً، حيث كان فسيفساء أرضية القاعة الأكثر حفظاً بين فسيفساء الشرق الأوسط، وهي حسب ممثل اليونسكو «الأكثر امتداداً وسعةً في العالم من دون شك».

ولأن المواقع الأثرية تسقط من قائمة الآثار في حالة إعادة بنائها أو تعديل شكلها أو هيكلها الرئيسي، فإن مشروع «زامثور» يتضمن بناء هيكل من الخشب يغطي الموقع الآثاري بمجمله، وأطلق عليه اسم «بيت الفسيفساء»، لحماية لوحات الفسيفساء الملونة من تأثير أشعة الشمس، والمطر، والرياح الرملية، وغيرها من التغيرات البيئية.

وسوف يتضمن المشروع إقامة ممرين داخل القصر على ارتفاع ثلاثة أمتار ونصف المتر عن مستوى أرضيته كي لا تُتلف أقدام الزوار مربعات الفسيفساء. وفي الخارج سيتم إقامة حديقتين كبيرتين تستوحيان من حدائق قصر الحمراء بالأندلس، يقوم بتنفيذها رسام الطبيعة الفرنسي جيل كليمو.

ومن المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية للمشروع، الذي وصفته اليونسكو بأنه أهم استثمار ثقافي في الضفة الغربية المحتلة منذ عقود، ما بين ‬10 إلى ‬15 مليون دولار، سيتم إنفاق أربعة ملايين منها خلال العامين المقبلين، وسوف يبدأ العمل بتنفيذ المشروع في عام ‬2013.

Email