مسافات

«المنحاز» و«الرشاد».. أسلاف مطحنة القهوة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يلتقط عبدالله بن ربيع مفردات الحياة في الإمارات، متشبثاً بالأشياء في مسافاتها الأكثر حضوراً في ماضي الزمان، حيث الأصالة والوفاء لكل ما رفد الشعب الإماراتي بالحياة، عبر الدهور والأجيال.

«البيان» تقدم هذه المساحة ليحكي بعدسته عفوية وتفاصيل ووجوه تلك الخصوصية الفولكلورية، لإبقائها حية في ذاكرتنا، صوناً لميراثنا التليد الذي نستمد منه الطاقة الملهمة نحو المستقبل.

في الستينات ظهرت مطحنة القهوة الإنجليزية، وقبل ذلك كانت طرق تحضير القهوة تعتمد كلياً على الطرق المحلية، التي كان عنوانها «المنحاز»، الذي هو عبارة عن هاون كبير يقطع من الحجارة ويصنعه على شكل أسطواني، وذلك بأحجام مختلفة منها الكبير والمتوسط، وله حرفان متخصصان في حفر عمقه من الداخل.

ويتكون «المنحاز» من قطعتين، الأولى هي الوعاء الأسطواني المحفور، والثانية هي «المدق» اليدوي. وتختلف «المناحيز» في المواد المصنوعة منها، فهناك الخشبية المصنوعة من خشب «الأثل» المستخدمة لسحق حبوب التوابل والبهارات، أما النحاسية منها فتكون للمواد الأكثر صلابة، إذ تستخدم لتطييب حبوب القمح والذرة والدخن والأسماك المجففة من القشور والشوائب.

وتعتبر المناحيز الحجرية أقدم الأنواع وأكثرها صلابة وقوة، إلا أنها الأقل استخداماً. وفي الغالب تكون بارزة دائماً في إحدى زوايا المنزل.

فيما مضى كان «المنحاز» أداة ضيافة لا غنى عنها، فهي المرحب الأول بالضيوف. وفي أيدي النساء يتحول «المنحاز» إلى أداة جمال وطهي، فبواسطته تعد مواد التزين وبدائل مواد التنظيف والكحل. كما أنه يستخدم في صناعة الأدوية. ومن العادات الجميلة التي اختفت اليوم، حضور «المنحاز» بصوته العالي لثلاثة أيام في بيت العروس.

ولكن دوام الحال من المحال، فمع ظهور مطحنة القهوة الإنجليزية، تراجع دور «المنحاز» و«الرشاد»، وتراجعت معهما عادات جميلة وطرق منزلية في إعداد وتحضير العديد من اللوازم المنزلية؛ لاسيما أن مطحنة القهوة الإنجليزية بدت لا تقاوم بقدرتها على التخفيف على ربات البيوت، كما أن سحرها في تلك الفترة بوصفها ماكينة حديثة استقطبت الاهتمام، فأقبل عليها على حساب «الرشاد» و«المنحاز». ولكنّ الشغوفين بهذه المقتنيات القديمة لا يزالون يحتفظون بها حتى يومنا هذا.

Email