Ⅶ مسافات

«الربول» و«الميدار» أدوات صيد أبدعتها خبرة الأجداد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يلتقط عبدالله بن ربيع مفردات الحياة في الإمارات، متشبثاً بالأشياء في مسافاتها الأكثر حضوراً في ماضي الزمان، حيث الأصالة والوفاء لكل ما رفد الشعب الإماراتي بالحياة، عبر الدهور والأجيال.

«البيان» تقدم هذه المساحة ليحكي بعدسته عفوية وتفاصيل ووجوه تلك الخصوصية الفولكلورية، لإبقائها حية في ذاكرتنا، صوناً لميراثنا التليد الذي نستمد منه الطاقة الملهمة نحو المستقبل.

عرفت أيام الزمن الجميل وسائل وأدوات وابتكارات تفتقت عنها عقول آبائنا على مدى العصور الممتدة، وبحسب المعطيات التي كانوا يملكونها بين أيديهم.. وبما أن البحر عصب حياتهم وملاذهم في كسب أرزاقهم، سواء في الغوص على اللؤلؤ أو صيد الأسماك، فإنهم أبدعوا وسائل متعددة لصيد الأسماك، كالقراقير التي استخدموها لكسب الصيد الوفير، أو خيوط الصيد التي يستخدمها المحترفون من الصيادين، ويقال لها «الربول».

النزالي

لم تكن العلوم الحديثة قد أخذت مكانها آنذاك، ولكن الخبرة والتجربة أكسبت الإماراتيين علوماً حياتية خبروها من خلال رؤيتهم ومراقبتهم للبحر الذي خاضوا عبابه ونزلوا إلى أعماقه، فصنفوا الأسماك إلى صنفين: صنف يسبح في قاع البحر، ويحتاج في صيده إلى ثقل يوضع على خيوط «الربول»، ويضعون عليها «الميدار»، وهو الأداة التي يستخدمها الصياد، والمعروفة باسم «الصنارة».. هذا الصنف من الأسماك يستخدمون في اصطياده «البلود»، ومفردها «بلد»، وهو حصاة توضع على خيط الصيد، ويصيدون بها أسماك القاع؛ كالشعري والكوفر والهامور.. وهي الطريقة المعروفة بـ«النزّالي».

الغفو

أما النوع الآخر فهي أسماك تسمى «الغفو»، وتسبح قريباً من سطح البحر دون الغوص إلى الأعماق، وقد أبدعوا طريقة في صيدها تتمثل في استخدام مادة الرصاص لتعليق «الميدار» بها، وذلك بتذويب الرصاص وعمل حفر صغيرة في الرمل بواسطة أعواد خشبية، ثم يصبون الرصاص المذاب فيها ويثبتون فيها «الميدار» المعدني الذي يعلق عليه الطعم، ملفوفاً بقطع الريش، وهذه الطريقة يقولون عنها «صب الريش»، وقد خبروا من خلال ملاحظاتهم أن «الميدار» بهذه الطريقة لا يغوص إلى الأعماق، بل يستقر بالقرب من سطح البحر، وبذلك يصطادون أنواع الأسماك التي تسبح في تلك المسافة القريبة، ومنها أسماك: الخباط والكنعد والقباب.

أما في الوقت الحالي فإن النهضة التجارية والانفتاح الاقتصادي اللذين تتمتع بهما الإمارات، مكّنا أهلها من استخدام الطرق المتطورة، ولكنهم لا يغيب عنهم تراث آبائهم وأجدادهم الذين مهدوا الطريق وأناروا لهم الدرب.

Email