مسافات

«السدو».. رفيق خيام الأجداد في حلهم وترحالهم

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يلتقط عبدالله بن ربيع مفردات الحياة في الإمارات، متشبثاً بالأشياء في مسافاتها الأكثر حضوراً في ماضي الزمان، حيث الأصالة والوفاء لكل ما رفد الشعب الإماراتي بالحياة، عبر الدهور والأجيال.

«البيان» تقدم هذه المساحة ليحكي بعدسته عفوية وتفاصيل ووجوه تلك الخصوصية الفولكلورية، لإبقائها حية في ذاكرتنا، صوناً لميراثنا التليد الذي نستمد منه الطاقة الملهمة نحو المستقبل.

بأناملهن المبدعة ومهارتهن المتقنة، عكفت أمهاتنا قديماً على عمل الحياكة والغزل، ليقينا برد الشتاء ونزين بها منازلنا وديارنا.. ذكريات رائعة تلك التي تسرد مفرداتها لنا خيوط «السدو» المصنوعة من أوبار الجمال وشعر الماعز وصوف الأغنام؛ لتنتج تلك الأيادي الماهرة منتجات محلية أكسبت الحياة في الإمارات موقعاً وقيمة إنتاجية تتناسب مع معطيات ذلك الزمان، وميزت المجتمع المحلي بالكد والتعب في سبيل توفير متطلبات الحياة؛ وأهمها المسكن.

أما وبر الماعز فإنه يتميز بنعومته وسهولة غزله؛ لذا فإنهم كانوا يصنعون منه الخيام التي ينقلونها معهم في حلهم وترحالهم بحثاً عن مواطن الماء والعشب.. وكان يخلط وبر الماعز بصوف «اليعد»، وهو الضأن، كي يصبح أمتن وأقوى.. وفي ذلك يقول الشاعر علي بن رحمة الشامسي:

أحب البر واشد الرحايل

                وادور قلب ضايع في البوادي

واشيّد خيمتي والدَّمع سايل

                وانوح بصوت واذكر بالحوادي

وعبر مهنة السدو كان يصنع البيت الإماراتي، ويتألف من عدة أقسام:

فمنها السقف، ويسمونه «المبناة» ويكون إما من شعر أو «يواني»، وهي أكياس الخيش، أو «طربال»، وهو مواد بلاستيكية تحفظ السقف من تقاطر المياه إلى الداخل، ينتصفها معراض على ركيزتين، يسمونه «المحمار» أو «المعراض» وركيزتين يسمونها «جيم». أما الجانب الجنوبي، ويسمونه «الينوبي»، فيكون من «يواني»، أو «طربال»، أو خيمة قديمة من الشعر.

ثم يأتي، المحيط الشمالي والغربي والشرقي للبيت، ويسمونه «السناح»، ويتكون من الشعر، ويركنون داخله أعمدة يقال لها «مساميك»، وهي ركائز توضع على الأرض ويرفع عليها السقف. وعلى محيط المنزل من الداخل يوضع «المغدان» وهو عبارة عن معراض خشبي له ركيزتان توضع عليه الفرش واللحف والشراشف.

أما بوابة البيت فيغطونها بقطعة من القماش المغزول يقال له «الشراعة». ويوجد في «الينوبي» أعمدة يقال لها «حطب الينوبي». وللعلم فإن «الينوبي» هو المكان المخصص لموقد النار، الذي يعدون عليه قهوتهم وطعامهم داخل المنزل، ويستخدمونه في تسخين مياه الاستحمام. إضافة إلى «المندبان»، وهو حطب مرصوص يعلق في السقف، ويتدلى بحيث لا يلامس الأرض، وتحفظ فيه الأطعمة والمواد الغذائية.

وفي الختام، فإن «السدو» هو الأساس الذي أتقن من خلاله الآباء والأجداد صنع منازلهم، وجاهدوا الحياة بظروفها الصعبة، وعبروا من خلاله إلى الحياة المدنية التي أوصلتهم إليها مهاراتهم وصبرهم وجلدهم، في إنشاء تلك البيوت التراثية، التي يختتمونها بشدها بالحبال التي يقال لها «الظنوب».

Email