Ⅶمسافات

مجلس البحارة.. ذكريات حية تجتمع في العريش

■ مجلس البحارة.. مكان اللقاء لإحياء ليالي البحر وشجونه

ت + ت - الحجم الطبيعي

يلتقط عبد الله ربيع مفردات الحياة في الإمارات، متشبثاً بالأشياء في مسافاتها الأكثر حضوراً في ماضي الزمان، حيث الأصالة والوفاء لكل ما رفد الشعب الإماراتي بالحياة، عبر الدهور والأجيال.

«البيان» تقدم هذه المساحة ليحكي بعدسته عفوية وتفاصيل ووجوه تلك الخصوصية الفولكلورية، لإبقائها حية في ذاكرتنا، صوناً لميراثنا التليد الذي نستمد منه الطاقة الملهمة نحو المستقبل.

للبحر في مخيلة أهل الإمارات مكانة استثنائية، فهو الحلو والمر في الوقت ذاته، حيث إنه مصدر الرزق الأهم في الماضي، قبل ظهور النفط في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد كان يمنحنا اللؤلؤ وأنواعاً عديدة من الأسماك. كما أن الأهوال التي كان يصادفها البحارة حينئذ ما انفكت تتردد في الألسن، فكم تحققت أحلام وأحلام بفضل خيرات الخليج، وكم فقدت أنفساً غالية غدرت بها الرياح أو تلقفتها الأعماق الغائرة على حين غرة.

البحارة كانوا بل لا يزال بعضهم يحرص على الاجتماع في عرشان خاصة أقاموها خصيصاً لإحياء ليالي البحر وشجونه وتسمى مجالس البحارة.

وعلى وجه العموم فإن بيت العريش عرف في المناطق الحضرية، لأن السكان يستطيعون توفير خاماته المتعددة مثل الجريد الذي تصنع منه الجدران والأسقف من خلال ما يعرف بـ«الدعن»،هو مجموعة من جريد النخيل مربوطة إلى بعضها ويصل طولها إلى مترين، إضافة إلى الأبواب والنوافذ الخشبية، التي تحمى المنزل.

وبقدر ما يتفنن بناؤو العرشان في تصميمها قبالة البحر فإن البحارة أنفسهم كانوا يتفننون في المؤانسة واستثارة ذكرياتهم القديمة مع صديقهم الأزرق.

وأما داخل العريش فيجلس الأصدقاء وزملاء المهنة الشاقة العتيقة متحلقين حول دلة القهوة والشاي، يرددون الأغاني والأشعار والسوالف الحية، التي تعانق تلكم الأحداث الجسام التي مروا بها يوماً، ويستذكرون أهلاً وأعزاء لا تزال ذكراهم ماثلة في المجالس والأفئدة.

Email