حديث الروح

ت + ت - الحجم الطبيعي

قَلِيلٌ بِآدابِ الْمَوَدَّة ِ مَنْ يَفِي

فَمَنْ لِي بِخِلِّ أَصْطَفِيهِ وَأَكْتَفِي؟

بَلَوْتُ بَني الدُّنْيَا، فَلَمْ أَرَ صَاحِباً

يَدُومُ عَلَى وُدٍّ بِغَيْرِ تَكَلُّفِ

فَهَلْ مِنْ فتى ً يَسْرُو عَنِ الْقَلْبِ هَمَّهُ

بِشِيمَة ِ مَطْبُوعٍ عَلَى الْمَجْدِ مُسْعِفِ؟

رَضِيتُ بِمَنْ لاَ تَشْتَهِي النَّفْسُ قُرْبَهُ

ومَنْ لمْ يَجِد مَندوحة ً يَتَكلَّفِ

ولو أنَّنى صادَفتُ خِلاًّ يَسرنِى

على عُدواءِ الدَارِ لَم أتَلهَّفِ

وَلَكِنَّنِي أَصْبَحْتُ فِي دَارِ غُرْبَة ٍ

مُقيماً لَدى قومٍ علَى البُدِّ عُكَّفِ

زَعَانِفُ هُدَّاجُونَ فِي عرَصَاتِهمْ

كَخيطِ نَعامٍ بينَ جَرداءَ صَفصَفِ

حُفَاة ٌ عُرَاة ٌ غَيْرَ أَخْلاقِ صُدْرَة ٍ

تَطِيرُ كَنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ الْمُسَدَّفِ

يَمُجُّونَ مِن أفواهِهِم رَشحَ مُضغة ٍ

كَنَضْحِ دَمٍ يَنْهَلُّ مِنْ أَنْفِ مُرْعَفِ

إِذَا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ

عَزِيفاً كَجِنٍّ فِي الْمَفَاوِزِ هُتَّفِ

من قصيدة (قَلِيلٌ بِآدابِ الْمَوَدَّة)

محمود سامي البارودي

شاعر مصري (1839 - 1904)

Email